عقب تحذيرات من خطر التنشئة الجهادية لأطفال منحدرين من أسر إسلامية في ألمانيا، أعربت وزارة الداخلية الألمانية عن انفتاحها تجاه خفض الحد الأدنى لسن الأفراد الذين يمكن إخضاعهم لمراقبة هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، والذي يبلغ حتى الآن 14 عاما. وقالت المتحدثة باسم الوزارة، إليونوره بيترمان، لاثنين في برلين: "هناك بالطبع مؤشرات تفيد بضرورة خفض هذا الحد العمري، وذلك بناء على وقائع صدرت عن أفراد أصغر سنا... لكننا لم نتوصل حتى الآن إلى نتيجة نهائية في الأمر". يذكر أن الائتلاف الحاكم السابق في البلاد خفض الحد الأدنى لسن الرقابة على الأفراد عام 2016 من 16 إلى 14 عاما. ويضم الائتلاف الحاكم في الحكومة السابقة، والحالية، التحالف المسيحي، المنتمية إليه المستشارة أنجيلا ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي. وبخفض الحد الأدنى للسن، ستتوفر الشروط القانونية اللازمة لتخزين بيانات مشتبه بهم في قاعدة البيانات "إن إيه دي آي إس" الخاصة بالاستخبارات الداخلية (هيئة حماية الدستور). وحتى الآن ليس من المسموح تخزين بيانات مشتبه به لم يتم عامه الرابع عشر. وتأتي مقترحات خفض السن على خلفية واقعة طفل (12 عاما) من مدينة لودفيجسهافن، يشتبه في أنه خطط لهجوم على إحدى أسواق أعياد الميلاد (الكريسماس) عام 2016. ويعارض حزب "اليسار" هذه الخطط، حيث قالت خبيرة الشؤون الداخلية في الكتلة البرلمانية للحزب، أولا يلبكه: "الجواسيس ليس لهم مكان في غرف الأطفال". وكانت صحف مجموعة "فونكه" الألمانية الإعلامية الصادرة اليوم ذكرت استنادا إلى تحليل جديد للهيئة أن الأطفال المنحدرين من عائلات إسلامية متطرفة يشكلون "إمكانية خطورة لا يستهان بها". وأوضحت الهيئة في التحليل أن هناك بوادر لانزلاق قصر وبالغين شباب إلى التيار الإسلامي المتطرف على نحو أسرع وأسبق واكثر احتمالية. وكان رئيس الهيئة هانز-جيورج ماسن حذر في دجنبر الماضي من نساء وأطفال مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الذين يعيدهم أزواجهم أو آباؤهم في سوريا أو العراق إلى ألمانيا. وبحسب تحليل الهيئة، ثمة مخاطر أيضا من العائلات الإسلامية المتطرفة في ألمانيا التي لم تسافر إلى مناطق النزاع في سوريا أو العراق. وتقدر الهيئة عدد هذه العائلات بعدة مئات، مشيرة إلى أنها تضم مئات الأطفال. وقال ماسن في تصريحات لمجموعة "فونكه" إن التنشئة الاجتماعية الجهادية المستمرة لهؤلاء الأطفال "مثيرة للقلق، ولذلك تمثل تحديا لهيئة حماية الدستور". وتدرس ولاية شمال الراين-ويستفاليا التخلي عن الحد الأقصى لسن الخضوع لرقابة هيئة حماية الدستور، والذي يبلغ 14 عاما حاليا، وذلك على غرار ولاية بافاريا الألمانية. وقال وزير الداخلية المحلي لولاية شمال الراين-ويستفاليا، هيربرت رويل، في تصريحات ل"فونكه" إن موانع انزلاق الأطفال المنحدرين من هذه العائلات للعنف أقل، وأضاف: "لذلك، تحتاج السلطات إلى أدوات لمراقبة العائدين دون 14 عاما المصابين بصدمات نفسية، والذين لديهم استعداد للعنف". وأيد هذا الإجراء خبير الشؤون الأمنية في الحزب المسيحي الديمقراطي باتريك زينسبورج ووكيل وزارة الداخلية شتيفان ماير. وطالبت هيئة حماية الدستور في تحليلها بتوعية السلطات الأمنية وغير الأمنية ومؤسسات المجتمع المدني مثل المدارس ومراكز الشباب والأندية الرياضية بضرورة إبلاغ الجهات المختصة، مثل مراكز الوقاية من التطرف الإسلامي، على نحو مبكر عن حالات تطرف ملفتة للانتباه بين الأطفال، وذلك لضمان التدخل على نحو مبكر بقدر الإمكان ودرء المخاطر عن القصر والمجتمع. وقال متحدث باسم وزارة الأسرة الألمانية إن هؤلاء الأطفال في الأساس ضحايا للمحيط الذي يعيشون فيه، وقال: "يتعين التوجه إلى هذا المحيط ببرامج وقائية لمصلحة الأطفال".