ارتبط فصل الصيف لدى ساكنة بني ملال وزوار المدينة بارتفاع درجات الحرارة، التي تصل إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة. وتعرف المدينة خلال هذا الفصل من السنة خمولا تاما، خصوصا في فترة الظهيرة، حيث يبحث السكان عن المناطق الرطبة. أما حركة السير فتصاب بالشلل إلا من القطط والكلاب الضالة التي لا تجد مكانا للاحتماء من حرارة الصيف الحارقة. لا حديث في المقاهي وشوارع مدينة بني ملال إلا عن موجة الحر القادمة التي أعلنت عنها مديرية الأرصاد الجوية وعن الاستعدادات لمواجهتها، كما لو أن الأمر يتعلق بعدو يحاول أن يجثم على أنفاس الساكنة. تأوي غالبية الأسر إلى المنتجع السياحي الوحيد عين أسردون، الذي يستقبل زواره بكل أريحية وترحاب، ويبسط أمامهم خضرة طبيعته وعذوبة مياهه، فتتكدس الأسر على جنبات الأودية وتحت الأشجار. وشباب المدينة يتساءل عن سبب إغلاق أبواب المسبح البلدي، المتنفس الوحيد بالمدينة. من جانبه، يوضح أحمد شذى، رئيس المجلس البلدي، أن المسبح وقع عليه قرار الحجز، مشددا على أن المجلس البلدي لا يمكن أن يفرط في المسبح باعتباره مرفقا حساسا يقدم خدمات للفئات الهشة التي لا تتوفر على موارد مادية للجوء إلى المسابح الخاصة. أمام هذا الوضع، يتخذ الشباب الواد الأخضر والسواقي القريبة من المدينة ملاذا للتخفيف من لهيب أشعة الشمس، معرضا صحته وحياته للخطر في غياب تام لظروف السلامة والاستجمام. الفاعل الجمعوي مصطفى أبو الخير يستنكر بشدة غياب متنفس وأماكن الاستجمام بالمدينة، ويقول: "الحرارة اليوم تجاوزت 47 درجة وساكنة بني ملال تصلى سعيرا"، كما يؤكد أن شباب المدينة يلجؤون إلى الوديان والسواقي وحالات الغرقى تعرف ارتفاعا كل صيف في حين وضعية المسبح القانونية يكتنفها الغموض. لا يختلف الليل عن النهار ببني ملال، إذ إن سخونة الجو تحاصر السكان من كل جانب كما لو أن وقت الظهيرة لا يبارح مكانه. أما مداخل بني ملال، فتوحي لزوار المدينة منذ أول وهلة بأن شيئا غير عادي يحدث، جحافل من البشر مترامية على أطراف الطريق في منظر شبيه بنزوح جماعي. وسط المدينة ليس أفضل حالا؛ فالحدائق والمساحات الخضراء، على قلتها، مملوءة عن آخرها والبحث عن مكان شاغر يتحول إلى مهمة مستحيلة. وأمام هذا الوضع، تبقى بني ملال، بسكانها ومنازلها وحدائقها، تحت رحمة الصيف الحارق في انتظار خريف منقذ. *صحافي متدرب