بحُضورِ وزراء من حكومة "العثماني" ومسؤولين عدليين، أشْرف محمد أوجار، وزير العدل، على حفل استقبال على شرف الناجحات من النساء المغربيات في امتحان القبول في مهنة العدول. ويأتي هذا الحفل بعد فتح المجال لأول مرة في تاريخ المغرب للنساء لامتهان مهنة العدول. ونجحت 299 امرأة مغربية في اجتياز الاختبار، وسيخضعن، إلى جانب 511 من الرجال، لسنة كاملة من التكوين الأكاديمي في المعهد العالي للقضاء، إلى جانب تداريب تطبيقية في محاكم المغرب. وستعمل وزارة العدل على مواكبة هذا الفوج ببرنامج تدريبي مخصص لهذا الغرض، يهدفُ إلى دعم قدرات العدول نساء ورجالاً، وتأهيلهم في الميادين التي تهم مجال اشتغالهم وتمكينهم من الاطلاع على كل المستجدات القانونية والتشريعية. وفي هذا السياق، قال محمد أوجار، في كلمة افتتاحية له لحفل استقبال الناجحات من النساء في امتحان العدول، "فَتحنا هذه المباراة لأَول مرة في التاريخ أمام النساء اللاَّئِي وَفَدْنَ من كل حدب وَصوْب، ونافَسْنَ الرجال فَحَظِينَ في النجاح بحظٍّ زاخرٍ وسَهْمٍ وافرٍ وحُزْنَ 299 مَنصبا من أصل 800، بما نسبته 37,38%، وهي نسبة مُعبرة جدا بالنظر إلى كونها أول مشاركة نسوية في المباراة". وأضاف المسؤول الحكومي أن "هذا الإنجاز الذي نجني أُولى ثَمَراته اليوم، لَيَزِيدُ من جذْوَة الأَمل في نُفوسنا من أجل أن نرى المرأةَ العدل مُنخرطةً في غِمَارِ المهنة، قائمةً بأعبائِها، متحملةً لأمانةِ توثيق العقود وحِفْظِ الحقوق وتحرير الالتزامات". وخاطب وزير العدل الناجحات في هذا الفوج قائلاً: "لقد حَظِيتُنَّ بشرفِ تكريمِ الملك محمد السادس للمرأة المغربية من خلالكُنَّ، وفُزْتُنَّ بتقديره لما تَضْطلعن به من أدوار تَرْجَمَها من خلال ثقته فِيكُنَّ وفي كَفَاءَتِكُنَّ ومَقْدِرَتِكُنَّ على تَحمل كلِّ صَعبٍ وتجاوزِ كُلِّ عَقبة"، معتبرا أنها "الصورة التي نجحت المرأة المغربية دوما في رسمها، فأُثِرَ عنها التفاني في العمل، والإخلاص في الأداء، والنزاهة في التدبير، والتَأَلقِ في التسيير". وتابع المسؤول الحكومي ذاته قائلا: "اليوم، نحْنُ نستقبلُ صفوة الناجحين الذين سَيَزْدَانُ بهم عِقْدُ مِهنة العدالة، لِيَكونوا لِسَلَفهم ظُهَرَاءَ وأَرْدَاءَ نُصَرَاء، وأما الفخرُ والزَّهْوُ فَلِأَنَّ بينكم أول رَعِيلٍ من النساء العُدول اللَّواتي اكْتَسَبْنَ صفة العدلية في فترة شاءت إرادة الله أن أتولى فيها حقيبة العدل"، مضيفا: "هذا الرِّهان الكَبير يُؤَسِّسُ لمرحلةٍ جديدةٍ سَيَظل يَذْكُرها تاريخُ التوثيقِ العَدلي ما سُوِّدَ قِرْطَاسٌ وما حُرِّرَت وثيقة". وقال: "هذه مَرحلةٌ تتحقق فيها بفضل المك محمد السادس مَرَامِي الشرع الحنيفِ وروحهُ القائمة على المساواة في الحقوق والالتزامات، والنَّصَفَةِ في التَّكليف، واليُسر في التشريع، واعتبارِ الغايات، واسْتِجلابِ المصالح بما يُمَكِّنُ مِنْ حِفْظِ الضَّروريات وتأمينِ الحَاجِيَّاتِ، وبِما يسمح بتحصيل التحسينات المنضبطة بأصول وقواعد مرسومة". وبعدما أكد المسؤول عن قطاع العدالة في حكومة "العثماني" أن "مهنة التوثيق العدلي ليست مهنةً قضائيةً تُزَاوَلُ تَرَفاً أو فَضْلَةً يُمكن الاستغناءُ عنها في جُملة العدالة"، اعتبر أوجار أنها "صناعةٌ جليلةٌ شريفة، وبضاعةٌ عاليةٌ مُنيفة، تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية، وحفظِ دماء المسلمين وأموالِهم والاطِّلاع على أسرارهم وأحوالهم". المسؤول الحكومي ذاته شدد على أن "الملك محمد السادس أرسى دعَامةً راسخة من دعائم مغرب الحقوق والمساواة، الذي تَنْعم فيه المرأةُ إلى جانب شقيقِها الرجل بكل ما يَكفلُهُ لها الدُّستور وتضمَنُه لها القوانين وتَرعاهُ العين الساهرة لراعي كرامةِ النِّساء اللَّواتي يَعِشن في كَنَفه الشريف ربيعَهُنَّ المُزهِر". وفي السياق ذاته، أورد أوجار أن "وزارة العدل من منطلق إيمانها بدور التوثيق في حفظ الحقوق وإثبات الالتزامات حريصةٌ على صيانة الأمن التوثيقي، وهي سياسةٌ نؤكد بهذه المناسبة أننا عازمون على تَبَنِّيها وتطويرها والمُضِيِّ بها قُدّمًا باعتبارها أحدَ أوجه الأمن القضائي". من جانبه، أكد مولاي بوشعيب الفضلاوي، رئيس الهيئة الوطنية للعدول، أن "دخول المرأة لمهنة عدل يشكل إضافة نوعية، وخطوة محمودة لم تعارضها الهيئة في أية لحظة من اللحظات؛ وذلك على أساس أن تشتغل في الأمور المتعلقة بالجوانب المالية وما يؤول إليها"، مورداً أن "الكل مستعد للمساهمة في تكوين هذا الفوج ماديا ومعنويا من هيئتنا الوطنية ووزارة العدل والمعهد العالي للقضاء". وأضاف الفضلاوي ضمن كلمة له: "أردنا أن يكون هذا الفوج مميزا في التكوين وفي العلم وفي العمل، عالما بأسرار اللغة إن لم نقل اللغات، وبالنحو والصرف والحساب، مستعملاً أحدث التقنيات العصرية التي تحتاجها الوثيقة الإلكترونية، متحليا بالأخلاق العالية التي تمكنه من التواصل مع كل الفئات والهيئات".