في غرب إقليم اشتوكة آيت باها، يقع شاطئ "سيدي وساي"، ضمن نفوذ قيادة ماسة، ويُعد إحدى وجهات الاصطياف المفضلة لساكنة الإقليم والمناطق المجاورة، لما يزخر به من مؤهلات وبنيات استقبال. وتشهد هذه الفترة من السنة توافد أعداد بشرية كبيرة على هذا الشاطئ، بُغية قضاء أوقات استجمام والاستمتاع بمياه المحيط الأطلسي، فاكتسب بذلك شهرة محلية وجهوية وحتى وطنية، لكن واقع البنية الشاطئية وتراكم النفايات ورداءة الطريق وأشياء أخرى، أمور كافية ليُغيّر المرء وجهته إلى وجهة تحترم حق المصطاف في تمضية فترة من عطلته بفضاء شاطئي يحترم على الأقل آدميته. فمع بداية كل موسم اصطياف، تتكرّر معاناة القاصدين لشاطئ "سيدي وساي"، وتزداد البنيات المتوفرة رداءة، ويغيب الاهتمام بهذا الفضاء. فقد انتشرت الأزيال بين الدور وعلى رمال الشاطئ، وعمت الفوضى أرجاء المكان، من غير تنظيم للأنشطة الموسمية التي تنتعش في فصل الصيف، ورفعت بعض السلوكات المستفحلة طابع المحافظة الذي ظل لصيقا بالفضاء إلى عهد قريب؛ ما جعل كثيرا من الناس يصرفون عن قصد المكان ويبحثون عن بدائل للاصطياف. الحسين أغشان، من أبناء بلدة ماسة المُقيمين بولاية فلورديا الأمريكية، قال في تصريح لهسبريس إنه رغم كونه من الجالية المغربية المقيمة بأمريكا، "وهو ما معناه أنني لا أزور بلدتي غير مرة أو اثنتين في السنة، إلا البنية التحتية الكارثية للمنطقة هي ما يستقبلني كل عام؛ إذ صارت الوضعية المزرية التي ترزح تحتها هذه الجماعة الزاخرة بالمؤهلات هي الثابت الذي لا يتغير منذ عقود، رغم توالي المجالس الجماعية المختلفة على تسييرها، ورغم الوعود التي يتشدق بها المسؤولون غداة كل استحقاقات انتخابية". "كل الوعود تذروها رياح ماسة، لتبقى دار لقمان على حالها، وهو ما يحز في النفس ويؤلم الفؤاد، ويزداد الامتعاض شدة حينما تقضي عاما كاملا في بلاد المهجر وتعود لتجد مسقط رأسك يتقهقر وضعه بدل أن يتقدم، وتجد المنطقة شبه منكوبة، لا مرافق ولا اهتماما يبين أن هناك فعلا مجالس منتخبة تسير المنطقة، فهي تبدو أنها تكرر الأيام فقط وتجتر الوضع، بل إنها تتجه من سيء إلى أسوأ"، يضيف أغشان. وعلاقة بالموضوع، واصل المتحدث أن "من بين الأمور الأكثر إثارة للانتباه هو شاطئ سيدي وساي، الذي لم يلق أي اهتمام باعتباره متنفسا للمنطقة، ويمكن أن يكون وجهة جذب سياحية مهمة تستفيد الجماعة من مداخيله، كما هو الحال بالنسبة لشواطئ أخرى في الجهة مثل شاطئ أكلو"، مضيفا: "لطالما تساءلت ما هو سبب هذه اللامبالاة؟ ولماذا لا يكون للشاطئ كورنيش ومرافق؟ ولماذا لا يتوفر حتى على طريق جيدة تؤدي إليه؟". واعتبر أغشان أن الطريق من دوار أغبالو إلى الشاطئ تعيش حالا يدمي القلب، فهي على حالها منذ سنوات، ولم يتم إصلاحها أبدا رغم اجترار الوعود، ورغم التذمر الدائم لمستعمليها والمخاطر التي تحفها والحوادث التي تتسبب فيها باستمرار، مبرزا أن "الوضع كارثي بكل المقاييس، ولم يعد مقبولا استمراره والاستهتار بسلامة الناس، وهدر الإمكانات التي تزخر بها المنطقة وحرمان الناس والجماعة من الاستفادة منها". واعتبر ابن الجالية المقيمة بالخارج أن "المسألة على ما يبدو لا تتعلق بغياب الإمكانات بقدر ما ترتبط بسوء التسيير الذي ابتليت به ماسة، وغياب الرؤية لدى منتخبيها، وعدم الجدية في معالجة الوضع، خصوصا وأنه يمكن لشاطئ سيدي وساي أن يكون مصدرا مهما للدخل بالنسبة للجماعة بدل أن يبقى شبه مهجور يعاني من الضياع، ومعه تستمر معاناة الساكنة". "ليست الطريق وحدها ما يؤلمني كلما زرت بلدتي ماسة ووقفت على شاطئها المهدور، بل يتضاعف الإحساس بالألم والشعور بالغبن وأنا أرى الأزبال والنفايات تملأ كل مكان، وتجعل الشاطئ أقرب إلى مزبلة، وما يرافق ذلك طبعا من روائح نتنة تنتشر بالمكان عن بكرة أبيه، مما يعطيني الانطباع بأن المسؤولين عن المنطقة لا يعيشون فيها، بل بدأت أشك في كونهم يزورونها، أو إن لهم فيها مآرب أخرى يقضونها ثم يرحلون". هي انطباعات مواطن مغربي ابن المنطقة مُقيم بالخارج، لكن كل الإفادات التي استقتها هسبريس من عين المكان تتقاسم سمات بارزة تسم المنظر العام على شاطئ "سيدي وساي"، تكمن في نتانة المكان وسوء تنظيمه وغياب العناية به واحتلال الملك العمومي، ف"بدل أن يكون نقطة جذب سياحية، أجده يكاد يكون مطرحا للنفايات وساحة فوضى، ورغم النداءات المستمرة لكثير من شباب المنطقة والفاعلين، فآذان المسؤولين بقيت صماء لا تعير الأمر اهتماما، ويبدو لي أن الأمر يحتاج إلى تعبئة جماعية لأبناء المنطقة، خصوصا شبابها، لتغيير هذا الوضع المأزوم وتحديد المسؤوليات". الوضع القائم بهذا الشاطئ، انعكس سلبا على مالكي بعض فضاءات الاستقبال والمآوي المرخصة ممن استثمروا أموالا طائلة في سبيل المساهمة في الانتعاش السياحي للمنطقة وتحسين جمالية الشاطئ، لكن استمرار التهميش وغياب العناية ومواصلة كل أشكال الفوضى الزحف على مختلف مناحي وفضاءات هذه الوجهة، لا يمكن إلا يؤدي إلى طريق إعلان الإفلاس، وفق ما صرّح به عدد من هؤلاء ضمن حديث مع هسبريس. والوضع ذاته تعيشه مقرات الإدارات الأمنية والقوات المساعدة والوقاية المدنية، التي تغيب فيها أدنى الشروط لقيام هؤلاء بمهامهم، بل إن بعضها آيل للسقوط على رؤوس من أوكلت لهم مراقبة وحراسة وتوفير الأمن بهذا الشاطئ. ومع كل موسم اصطياف، تنعقد على مستوى عمالة اشتوكة آيت باها اجتماعات لأجل الاستعداد لهذا الموسم، لكن توصياتها تظل تتكرر هي الأخرى كل سنة، وتبقى حبرا على ورق، لا تجد طريقها إلى التنزيل الفعلي الملموس، لتبقى مختلف مظاهر الفوضى والعبث تسيطر على المشهد العام، في ظل عدم لمس أي مجهود لدى المنتخبين والسلطات المحلية في سبيل الدفع بالارتقاء بالشاطئ إلى مصاف الشواطئ المجاورة التي تستهوي وتجلب الزائر والمصطاف، بدل أن تُنفره كحال "سيدي وساي". عبد الله إشيبي، نائب رئيس الجماعة الترابية سيدي وساي، قال ضمن تصريح لهسبريس إن "المجلس واع بحجم الرهانات المطروحة على مختلف المستويات"، مبرزا أن "النظافة بشاطئ سيدي وساي فوق طاقة الجماعة، ومع ذلك تتكفل بها وحدها، رغم عدم استفادتها من الضريبة على النظافة، ورغم عدم انخراط الجمعيات المحلية في العملية، باستثناء جمعية بسيدي الرباط التي تبذل جهودا مشكورة في هذا المجال". وكشف إشيبي أن هناك إكراهات أخرى تحول دون عدم الاهتمام الكامل بالشاطئ، "أولها تمرير شبكة الماء الشروب، وبعدها ستتم تهيئة عدد من المرافق ومواقف السيارات". وبخصوص الطريق، أورد المتحدّث أن "الدراسات قد انتهت، ومن المحتمل أن تبدأ الأشغال في تقويتها وتوسيعها في سنة 2019"، مقرا بتأثير "حالة الطريق في الوقت الراهن على مختلف المجهودات التي قد تُبذل في المجالات الأخرى". يكاد يُجمع من التقت بهم هسبريس على استعجالية الاعتناء بالمنتجع الطبيعي "سيدي وساي"، الذي يزخر بمؤهلات عديدة، فَ"ماست" بعبقها التاريخي العريق، ومنتزهها الإيكولوجي سوس ماسة، وواحاتها الأخاذة، وعاداتها المتجذرة، لا يمكن إلا أن يُردّ لها الاعتبار بالتفكير في إعداد مخطط شامل لتهيئة الشاطئ، وفرض احترام تام لقوانين التعمير، والتصدي لاحتلال الملك العام، وتوفير التجهيزات والمرافق الضرورية، والترويج للوجهة سياحيا، وتفادي التعامل الموسمي، واعتماد استراتيجية فعّالة في مجال النظافة، بعيدا عن الحلول الموسمية الترقيعية.