يُوَاصِلُ المبعوثُ الأممي إلى الصحراء، هورست كولر، مسلسله التفاوضي "الشَّاق" من أجلِ إقناع أطراف النزاع بالعودة إلى أجواء الحوار المُتوقّفة منذ سنة 2012. فقد أوردت مجلة "جون أفريك" أن "الرئيس الألماني السابق دخل في الآونة الأخيرة في عملية صعبة قبل استئناف المفاوضات المباشرة بين المغرب والبوليساريو، تتمثل في إعادة الثقة بين الدول الأطراف، من أجلِ تجاوُزِ مثالب التعاطي السِّلبي الذي ميّز النزاع لقرابة أربعين سنة". وتعودُ آخر جولة من المفاوضات المباشرة بين المغرب والجبهة، التي ساهمت الأممالمتحدة في رعايتها، إلى سنة 2012، لكن الرباط مازالت تطالب الهيئة الأممية بمباحثات مباشرة مع الجزائر باعتبارها طرفاً رئيسيا في النزاع، وهي التي تدعم الجبهة ماديا وعسكريا ودبلوماسيا. وأشارت المجلة الفرنسية إلى أن "الزيارة التي قامَ بها المبعوث الأممي مؤخرا إلى المنطقة، والتي قادته إلى الجزائر وموريتانيا مرورا بالرابوني وصولا إلى مدينة العيون والسمارة ثم الداخلة، أعادتْ طرح هذا المطلب المغربي". وأضافت الأسبوعية ذائعة الصيت بالقارة السمراء أن "إمكانية استئناف المفاوضات قبل نهاية العام الجاري تبقى مُستبعدة"، موردة أنه من الممكن أن يسْتَمِرَّ الحال على ما هو عليه إلى ما بعد مناقشة مجلس الأمن لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الخاص بالنزاع، يوم 31 أكتوبر 2018 . واستَبْعَدَتْ الأسبوعية استئناف المفاوضات قبل نهاية العام الجاري في حال فشل المبعوث الدولي في إقناع الجزائر، ذات صفة المراقب، في إبداء إرادة سياسية لحل النزاع، إلا إذا أجبرت بقوة القانون وبسلطة المنظمة الأممية الدولية على ذلك. وفي السياق ذاته، قال خطري الشرقي، مدير مركز الجنوب للدراسات والأبحاث، في تصريح لهسبريس، إن دعوة المبعوث الأممي إلى الجزائر تأتي في سياقات البحث عن حل لنزاع الصحراء؛ لأنها معنية بشكل جوهري نظراً لما تقدِّمُه للبوليساريو، كما أن لها تأثيرا واضحا على مجريات الأحداث، خصوصاً في المنظمات الدولية والإقليمية. وانطلقَ خطري في تحليله من مؤشر يعتبره "مهما" يتمثل في تخفيض مدة البعثة من سنة إلى ستة أشهر، وقال إنه "دليل على تحوُّل في تعاطي الأممالمتحدة، سواء من طرف الأمين العام غوتيريس أو مبعوثه كولر، وخاصة التركيز على المسألة الإنسانية كمدخل مؤطر لجل الإجراءات التي تنوي الأممالمتحدة الذهاب بها، سواء مع طرفي النزاع أو مع الأطراف المتداخلة فيه". أما المؤشر الثاني بحسب خطري، فيتمثل في "إرهاصات التحول السياسي في الجزائر داخل مربع الدائرة الضيقة التقليدية وصراع الأجنحة حول السلطة"، معتبراً أنه من الممكن أن يقوم التوجه الجديد على الانفتاح على مقاربات أخرى تطرحها الأممالمتحدة، وهذا ظهر جلياً في تصريحات كوهلر بعد زيارته إلى الجزائر وموريتانيا ومنطقة تندوف الجزائرية والمغرب. وعن دور الأممالمتحدة في النزاع، قال خطري إنها "تنظرُ لحلِّ الملف من زاويتين؛ الأولى تجاوز حالة الجمود وطرح تصورات على طاولة التفاوض وإدخال جميع المعنيين، ومنهم الجزائر، ولو اقتضى الأمر اتخاذ تدابير وإجراءات داخل مجلس الأمن وجمعية أصدقاء الصحراء". والزاوية الأخرى "تتمثل في بقاء الوضع على ما هو عليه واستمرار سياسة المناكفة التي تظل جذوتها متقدة مع أي اجتماع أو نشاطات، سواء دولياً او إقليما أو جهويا"، يضيف خطري، الذي اعتبر أن دعوة المبعوث الأمميالجزائر إلى ضرورة الانخراط وعدم نهج سياسة اللامبالاة "تنمُّ عن بداية فهم أوسع لخيوط أزمة نزاع الصحراء وتجاوز مثالب التعاطي السلبي الذي ميّز هذا الملف منذ سنة 2013"، وفق تعبيره.