في خروج مثير ضد تدبير سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، للأغلبية الحكومية، سجل إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، العديد من الملاحظات في أول تقييم له لأداء الحكومة التي يشارك فيها حزبه بعد أزيد من سنة من تدبير الشأن العام. لشكر قال، في الجزء الثاني من حواره مع هسبريس، إنه غير راض على مشاركة حزب بالنظر إلى الصعوبات التي رافقت مشاركته في الحكومة، موردا أن موقع الاتحاد في الحكومة الحالية "كان فيه إجحاف؛ لكن من أجل حل مشكل ما وصف وقتها بالبلوكاج أثرنا أن نقبل بوضعية لا تنصفنا". وأبدى لشكر مخاوفه من تدبير الأغلبية، وأن يكون لرئيس الحكومة ائتلاف داخل الائتلاف الحكومي، بالقول "لن نقبل بتزكية أي ممارسة تجعل الأدوار متبادلة داخل التحالف، والتخوف الحاصل لدي هو من تدبير الأغلبية"، مضيفا "لا يمكن أن أكون مسؤولا داخل الأغلبية، وأفاجأ ببلاغ صادر من مقر حزب مشارك في الأغلبية (بلاغ طلب إعفاء وزير الحكامة)، حيث كان من الممكن أن يتم تداوله في الأغلبية". وشدد الكاتب الأول لحزب الوردة على أنه "في كل المحطات السابقة كنت حريصا على التيسير؛ لأن البلوكاج الذي حصل لم يكن سهلا"، مشيرا إلى "أن هذا التيسير لا يجب أن يؤول بشكل آخر يجعل الاتحاد الاشتراكي قابل بأي شيء". إليكم نص الجزء الثاني من الحوار: بالتزامن مع مناقشة القانون الجنائي عاد إلى الواجهة موضوع المطالبة بالمساواة في الإرث الذي كنتم سباقين إلى الدعوة إليه؟ كنا سباقين إلى فتح حوار جدي حول المساواة بين الجنسين، وهذا الحوار لم يمس الإرث فقط بل كل مناحي المواطن المغربي، ووقتها جوبهنا ووقع تكفيرنا، وأكثر من هذا تقدمنا بشكاية تقرر في وقتها الحفظ، ضد ترهيبنا في مواقع التواصل الاجتماعي من لدن أحد الاشخاص، واعتبرنا أن هذه ضريبة النضال. اليوم، أنا سعيد بكون هذا الحوار يظهر على كافة الأصعدة وبتدخل من العلماء والمثقفين، ولو من قبيل العديد من المداخل والاجتهادات التي لا نتفق معها؛ لكن أنا مؤمن بأن قانون التطور يتطلب الصبر، ولأننا ديمقراطيون نؤمن بالرأي والرأي الأخر فنحن مقتنعون بأن الأفكار التي ندعو إليها ستلقى آذانا صاغية. ألا ترى أن هذا الأمر يمكن أن يؤثر على الرصيد الانتخابي لحزبكم، بالنظر إلى كون المحافظة هي السمة الغالبة في المجتمع المغربي؟ بعض استطلاعات الرأي أعطت لهذه الفكرة الثلث من المجتمع، ونحن سنكتفي في الاتحاد الاشتراكي بهذا الثلث، (يضحك)، وأن يكون لك رأي حتى لو تبناه 5 أو 10 في المائة من المجتمع لا يجب تقييم بالجانب الانتخابي، لأن قيمنا ومرجعيتنا في الدفاع عن الحرية قامت على محاربة الظلم والاستبداد وليس الحساب الانتخابوي الذي يمكن أن يجعلنا نتراجع عن قيمنا. لكن لماذا لم تطرحوا هذا النقاش بشكل مؤسساتي، وخصوصا في المؤسسة البرلمانية؟ اليوم هناك نقاش حول القانون الجنائي، والفريق الاشتراكي نظم يوما دراسيا انفتح على الجميع، وتم الإنصات لكافة الآراء بما فيها الصادرة من قناعاتنا، مثل الإعدام ومحاربة الكراهية والإثراء غير المشروع والمال العام. نحن نؤمن بأن ما لا يدرك كله لا يترك جله؛ وذلك منذ أن اخترنا النضال الديمقراطي، واليوم تم طرح العديد من المبادرات التي تهم المساواة، مثل فتح مهنة العدالة أمام النساء، وهذا ما لم يحدث في أي دولة من الدول الإسلامية، ولا يمكن أن تتصور التأثير الذي يمكن أن يحدث، لذلك أقول إن ما وصلت إليه المرأة في المغرب بالرغم من أنه ليس ما نهدف إليه؛ ولكننا سنستمر في نضالنا لتحقيق المساواة. بعد عام من المشاركة في الحكومة، هل أنتم راضون عن أداء الوردة في تشكيلة العثماني؟ أنا غير راض؛ لأنكم تتذكرون الصعوبات التي رافقت مشاركتنا في الحكومة، ومشاركة الحزب قياسا على الفصائل السياسية كان فيها إجحاف؛ لكن من أجل حل مشكل ما وصف وقتها بالبلوكاج أثرنا أن نقبل بوضعية لا تنصفنا. وبالرغم من كل ما أبداه الاتحاد الاشتراكي من جهد وانخراط تام يمكن القول إن هناك ملاحظات عدة؛ فمثلا أن تناقش التعيينات على صفحات الجرائد وأن لا تناقش داخل الأغلبية، كما وقع مؤخرا عندما كنا في اجتماع داخل بيت رئيس الحكومة لنفاجأ بتداول بلاغ الإقالة أو طلب الإعفاء لوزير الشؤون العامة والحكامة أمر لا يستقيم. نتخوف اليوم، داخل الأغلبية، من أن يكون للرئيس ائتلاف داخل الائتلاف الحكومي، ولن نقبل بتزكية أي ممارسة تجعل الأدوار متبادلة داخل التحالف، والتخوف الحاصل لدي هو من تدبير الأغلبية؛ لأنه لا يمكن أن أكون مسؤولا داخل الأغلبية، وأفاجأ ببلاغ صادر من مقر حزب مشارك في الأغلبية، حيث كان من الممكن أن يتم تداوله في الأغلبية. هل طلب الإعفاء كان مفاجئا لكم؟ اطلعت عليه مثل الجميع في بلاغ لحزب العدالة والتنمية، ولم يتم تبليغنا من لدن رئيس الحكومة، بالرغم من أننا كنا في اجتماع معه مساء اليوم الذي تم فيه ذلك، وهذا الأمر سجل كذلك في مذكرة حزب الاستقلال التي رفعت إلى الحكومة؛ فالذي تكلف بإبلاغي هو الأمين العام لحزب الاستقلال، فنحن طرف ضمن هذه الأغلبية، ومن الواجب اطلاعنا على ما يتم داخلها. أفهم من كلامكم أن هناك أزمة تواصل داخل الأغلبية؟ بصدق، في كل المحطات السابقة كنت حريصا على التيسير؛ لأن البلوكاج الذي حصل لم يكن سهلا.. وأقول إنه من المسؤولية أن أقول إن هذا التيسير لا يجب أن يؤول بشكل آخر يجعل الاتحاد الاشتراكي قابل بأي شيء. نعتقد أن ميثاق الأغلبية يلزم الجميع داخل الأغلبية بالتنسيق الكامل، خصوصا في الاختيارات التي اتفقنا عليها. وبالعودة إلى ما وقع للدوادي، فمن الناحية الشكلية أرى أنه أخطأ، فأن يخرج وزير إلى وقفة احتجاجية فالأمر لا يستقيم فأنت تحتج ضد من؟. المفروض أن تظل الحكومة منصتة لتحل المشاكل لا للاحتجاج، هذا من جهة. أما من حيث المضمون، فالرأي الذي عبر عنه الداودي عبرت عنه كل قيادات الحزب الذي يقود الحكومة. ما وقع يجعل المسؤولية بين الوزير ورئيسه، وأن مجالها هو مكتب رئيس الحكومة أو اجتماع مجلس الحكومة وليس مقر حزب سياسي، ولذلك نحن في الأغلبية كنا سنعرف في مجلس الحكومة، أو عندما أصبح الأمر حزبيا نتحسر لأننا كنا في منزل رئيس الحكومة ولم يتم إخبارنا. هل ما قام به الداودي يستوجب طلب الإعفاء؟ ما قام به يستحق التنبيه، والاستقالة من عدمها أمر سياسي، والأمر دستوريا له مسطرة خاصة. أما قبول هذه الطلب من عدمه ليس معروضا على رئيس الحكومة باعتباره أمينا عاما بل بصفته الدستورية؛ لكن مع الأسف وقع اختلال، أعتبر أنه كان من المفيد لرئيس الحكومة أن يطلع الأغلبية على هذه الخطوة. في حال ما تم قبول طلب الإعفاء، هل سيطالب الاتحاد الاشتراكي بتعديل موسع لتعويض ما اعتبرتموه إجحافا في حقكم؟ الاتحاد لا يبنى مواقفه على الاحتمال، ولا أعتقد أن تقوية مواقعنا هو الإشكال، فنحن راضون بما نتوفر عليه من مقاعد؛ لكن نريد مراعاة وضعنا داخل الحكومة والذي دبرناه بما ييسر لا بما يعقد.. نحن مرتاحون ليس بالعدد؛ بل نطالب بالإشراك في جميع القرارات، ونريد أن تكون المؤسسات هي مجال مناقشة جميع القضايا التي تهم التحالف. لنعد إلى وضع الاتحاد، هل حزبكم متماسك تنظيميا بما فيه الكفاية لخوض استحقاقات ما بعد التجربة الحكومية؟ لا يمكن الحديث عن تماسك 100 في المائة، فاتحاد اليوم ليس هو اتحاد الأمس؛ فحجم الصراعات والخلافات والمشاكل تراجعت بشكل كبير، والاتحاديون واعون بموازين القوى في المجتمع؛ لكن يجب التنبيه إلى أن علاقة المواطن بالسياسي والأحزاب عرفت تحولات في المغرب، حيث إن السياسة لم تعد مرتبطة بالأحزاب، وخصوصا في ظل الثورة الرقمية. نحاول التعامل مع تعقيدات الواقع والتي تجعلك كل يوم تعيش مع الطارئ وعليك التفاعل.. ومن ثمّ، فالاتحاد أكثر وعيا بهذه المعطيات، ونبذل مجهودا؛ لأننا حزب لا ينتهي بالانتخابات، ونحن في مقراتنا التي لا تغلق على طول السنة، ومؤسساتنا وأجهزتنا تشتغل بالرغم من بعض الارتخاء والتقلص الذي طالها؛ لكن هناك وعي بعد المؤتمر الاتحاد الذي خرج فيه الحزب معافى. الاتحاديون، الذين اختاروا توجهات أخرى ومشاريع مضادة للحزب، نلاحظ وجود نوع من التجاوز الإيجابي ونوع من محاولة الانخراط في الإطار الذي ظل صامدا وهو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. ألا تفكرون في نوع من الحوار الداخلي لحل الإشكالات المطروحة على الحزب؟ الحوار الداخلي موجود دائما، ونحن منفتحون؛ لأنه ليس هناك خصومة ليكون هناك تصالح، والنقاشات التي كانت في المؤتمر العاشر تعاملنا مع الأضرار التي خلفتها بنوع من الإيجابية.. جل الإخوان الذين كانت لهم مواقف منه اعتبروا أن الأمر محطة وانخرطوا في الدينامية الحزبية.