انتهى المجلس الوطني إلى المطالبة بالملكية البرلمانية، نريد منك توضيح مضمونها وحدودها من وجهة نظر الاتحاد الاشتراكي؟ المطالبة بالملكية البرلمانية ليست بالأمر الجديد في أدبيات الاتحاد الاشتراكي، فحزبنا ما فتئ يطالب بها منذ المؤتمر الثالث للحزب سنة 1978 ، ثم في مقررات الحزب في مناسبات أخرى، وأعاد طرحها في المؤتمر الوطني الثامن.ويطرح اليوم المطلب من جديد من قبل المجلس الوطني تفعيلا لمقررات المؤتمر الثامن. عاد مطلب الملكية البرلمانية ليتصدر الأحداث من جديد بعد رفعه من طرف الشباب المغربي في مسيرات 20 فبراير، وهو ما يبرر عودة النقاش حول هذا المبدأ في الحكم. لا نمنح في الاتحاد الاشتراكي أي معنى محددا للملكية البرلمانية، كل ما نريد أن يتطور النظام الملكي في المغرب، المتمتع بشرعية تاريخية لا تناقش، ليواكب روح العصر، بأن تتخلص المؤسسة الملكية من الأساليب المخزنية التي ما تزال عالقة بها. في هذا الصدد، أتذكر ما قاله المرحوم الحسن الثاني للزعيم عبد الرحيم بوعبيد بعد طرح المعارضة سنة 1990 لملتمس الرقابة ضد الحكومة، وما أثاره ذلك من نقاش، "أتفهم مواقفكم، أنتم لا تقصدون الحكومة، بل تريدون تقليص صلاحيات المؤسسة الملكية، فلتبادروا إذن إلى تقديم مذكرة في هذا الشأن". وفي هذا الإطار، قدمت الكتلة آنذاك في شخص امحمد بوستة وعبد الرحيم بوعبيد مذكرة المطالبة بالإصلاح الدستوري سنة 1991، وباسترجاع هذا الحدث، يظهر أننا لا نطالب اليوم بشيء جديد، بل بمطلب قديم، يعني أن تتخلص الملكية من طابعها التنفيذي، من خلال تحديد صلاحيات وحدود الملكية، وتوسيع هامش اختصاصات البرلمان، وهو المؤسسة الوحيدة المخول لها التشريع في النظام البرلماني، بمعنى ألا تكون الظهائر الملكية على هامش اختصاصاتها، إضافة إلى توسيع صلاحيات الحكومة ومؤسسة الوزير الأول. نريد الجلوس مع ملك البلاد وباقي الفاعلين السياسيين في البلاد من أجل فتح نقاش جدي بشأن الإصلاحات الدستورية. لقد وجهنا نداء إلى باقي الفاعلين السياسيين من أجل التباحث في الأمر، فلا نزعم أننا نملك لوحدنا الصيغة النهائية، بل نريد حوارا مع الجميع حول مرحلة نعتقد أنها استنفدت مهامها، ونتطلع إلى أخرى جديدة. من وجهة نظرك، كيف ترى تحديد سلطات الملك، أين تبدأ صلاحيات الوزير الأول وأين تنتهي صلاحيات الملك؟ سبق أن تحدثنا عن ذلك مرارا، نريد حكومة تفرزها صناديق الاقتراع، وتتشكل من الأغلبية الفائزة في الانتخابات، وبناء على تعاقد مع الناخبين، شرط أن تكون مسيسة، لا أن تضم تقنقراط لا يحاسبون بعد مغادرتهم لمناصبهم الوزارية، أما السياسيون، فيتعرضون لمحاسبة صناديق الاقتراع. بخصوص صلاحيات الوزير الأول التي ينبغي توسيعها، ما المانع أن يترأس المجلس الوزاري، خاصة أن عددا من المجالس الوزارية يتأخر انعقادها لسنة أحيانا، وهذا غير معقول بسبب التأخر في المصادقة على المراسيم الوزارية ومشاريع القوانين. هناك أيضا التعيين في الوظائف السامية الذي ينبغي أن يضطلع به الوزير الأول، وأن يجتمع بالولاة والعمال، وأن يصبح قاطرة لتحريك عدد من المؤسسات والمجالس العمومية، فأنا لا أعرف شيئا عن ديوان المظالم وعن مجلس المنافسة والهيأة الوطنية للوقاية من الرشوة، كيف تسير نصوصها التنظيمية ، حصيلة عملها ووسائل تدخلها، هي مؤسسات وأخرى لا ندري شيئا عنها، و ينبغي أن تتفاعل أكثر مع محيطها. هل يطول مطلب الملكية البرلمانية حتى الفصل 19 من الدستور الذي يعطي للملك صلاحيات واسعة باعتباره الممثل الأسمى للأمة؟ ينبغي أن نخرج من الإطلاقية وتحديد صلاحيات الملك بوضوح سواء تعلق الأمر بالفصل 19 أو غيره، وحان الوقت لتعديل هذا الفصل من الدستور. أحيلك في هذا الصدد على أحد فصول الدستور التي كانت تتسم بالعمومية والإطلاقية قبل أن يقع تعديلها، وهو المتعلق بمهام العمال، باعتبارهم ممثلين للملك طرحت في البرلمان هذا الإشكال المتعلق بطبيعة هذه التمثيلية وقلت هل يمثل العامل أمير المؤمنين، وهو يعطي رخص الخمر، هل هو حاكم محلي؟ قبل أن يعدل دستور 1996 هذا الفصل ليصبح العامل ممثلا للدولة. أتساءل اليوم أيضا عما إذا كان من اللازم أن تظل الأحكام تصدر باسم صاحب الجلالة في ظل قضاء تطغى عليه مظاهر الارتشاء والفساد، ولا يشرف مؤسسة إمارة المؤمنين، مادامت السمسرة في الملفات وشهادة الزور صارت مهنا قائمة الذات في جسم العدالة. وماذا عن المسؤولية المزدوجة للحكومة أمام الملك والبرلمان؟ عندما نطالب بتوسيع صلاحيات الوزير الأول، فلأنه ينبغي أن يكون منتخبا وأغلبيته منبثقة من البرلمان ومسؤوليته قارة أمامه، وهذا لا يستقيم دون أن تكون للوزير الأول صلاحية اقتراح الوزراء على الملك أثناء تشكيل الحكومة، وتغييرهم كذلك في حال تعديلها، وهو ما يجري به العمل في فرنسا ودول عديدة. لكنني أشدد في هذا الصدد على أن تكون الحكومة سياسية، ويجب الحد من ظاهرة استوزار التقنقراط، لأننا بذلك نسيئ إلى السياسة ونكرس العزوف عنها، كما أننا نختلق أشياء غريبة وكأننا لا نتوفر على كفاءات، أو أن هناك أشخاصا يتمتعون بطاقات وقدرات خارقة دون غيرهم. قلت إنه ينبغي أن يكون البرلمان محتكرا للسلطة التشريعية، هل هذا يعني أنه يجب الكف عن التشريع بالظهائر؟ الملك يوقع على الظهائر بعد استيفاء المسطرة التشريعية كاملة، ولا ضير في ذلك، لكن عددا من القوانين تتأخر أحيانا، ولا تخرج إلى حيز الوجود بسبب عدم التوقيع عليها بظهير، ونقترح مثلا أن يتم تحديد مدة لدخول القانون حيز التنفيذ حتى دون التوقيع عليه بظهير. هل تعني أن البرلمان هو الذي يجب أن يشرع بدل الملك؟ هذا شيء طبيعي، فحتى الحسن الثاني كان لا يشرع بظهائر إلا في فترة الفراغ البرلماني، منها فترة توقف فيها عمل البرلمان سنتين، وهي فترات انتقالية يخول فيها للملك ملء الفراغ التشريعي الحاصل حرصا على مصالح البلاد، لكن الأمور في الحالات العادية ينبغي أن تؤول إلى المؤسسة التشريعية كمشرع أساسي، على أن تصدر القوانين بظهائر، لكن مع تقييد أجل تنفيذها بإطار زمني معقول. انتقد الراضي في المجلس الوطني الأخير أحزابا كانت تعتبر أن مبادرتكم برفع مذكرة للإصلاح الدستوري إلى الملك سابقة لأوانها أو مزايدة سياسية، من كان يقصد بالضبط؟ التقينا معظم الأحزاب السياسية بعد المؤتمر الثامن لفتح استشارات بشأن رفع مذكرة للملك من أجل المطالبة بجيل جديد من الإصلاحات الدستورية، وكان أملنا أن تكون هذه الاستشارات قبل الانتخابات الجماعية لسنة 2009 وانتخابات الغرف المهنية. لماذا؟ لأن هذه المؤسسات تتصرف في مال الشعب ولها دور أساسي في ترجمة المشاريع الكبرى على أرض الواقع، وهي اليوم ينخرها الفساد وأضحت مجالا رحبا للمفسدين و" الشلاهبية" والعصابات المتاجرة في أصوات الناس، فقلنا " إنا هذا منكر" فهذه الهيآت تستنزف أموال الشعب دون أن تتعرض للمحاسبة وكأن تدبير الشأن العام محصور في الحكومة دون غيرها، لذا قررنا أن نرفع مذكرة الإصلاح الدستوري قبل الانتخابات الجماعية وهو ما رفضه حزب الاستقلال بداعي أن الوقت غير مناسب وتبعه آخرون في موقفه، ولربما كانت هذه الأحزاب تنتظر إشارات عليا أو أنها لم تكن قادرة على اتخاذ القرار، لكننا رفعنا المذكرة لوحدنا لأننا كنا مقتنعين بأن المرحلة السياسية للعشرية الأخيرة استنفدت مهامها، وحان الوقت للقيام بإصلاح دستوري عميق تجاوبا مع المحيط الوطني والدولي والتحولات التي يعرفها المجتمع المغربي، فلم نكن نزايد على أحد، بل كنا مقتنعين بحتمية أن يلج المغرب محطة جديدة من الإصلاحات الكبرى، والملك نفسه سبق له أن صرح لجريدة "إلموندو" الإسبانية بأنه سيقوم بتعديل الدستور، وأن المغرب أقدم في مرات عديدة على تعديل دستوره. قلتم في البيان العام للمجلس الوطني إن مصيركم في الحكومة يتحدد على ضوء نتائج حواركم مع حلفائكم ومع الملك حول الإصلاح الدستوري، نريد توضيحا حول هذه النقطة، بمعنى هل ستنسحبون من الحكومة إذا ما اختلفتم مع حلفائكم حول توقيت أو جوهر الإصلاحات؟ الاتحاد الاشتراكي مشارك في حكومة أغلبية غير قائمة على برنامج سياسي موحد ومنسجم، يجمعه ببعضها تحالف ضمن إطار الكتلة، الأمر يتعلق بحزبي الاستقلال التقدم والاشتراكية، والوزير الأول يقود هذه الأغلبية، وهو مطالب اليوم بأن يفتح مشاورات مع مكوناتها حول مدى استعدادها للدخول في مرحلة المطالبة بالإصلاحات الدستورية والسياسية التي نرى أنها أصبحت تفرض نفسها بقوة. الاتحاد الاشتراكي ينتظر من هذه الأغلبية الذي هو جزء منها، أن تعبر عن موقفها من الإصلاح الدستوري بوضوح في ما يخص استعدادها لرفع مذكرة مشتركة إلى الملك بشأن عدد من النقاط التي نرى أنه آن الأوان لمراجعتها من قبيل دورالغرفة الثانية اليوم مع تشكيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ما قيمته المضافة علما أننا بصدد برلمانيين لهما الصلاحيات ذاتها، وهو ما يتعارض مع فلسفة نظام الثنائية البرلمانية كما هو سائد في بلدان أخرى، إذ يكون للغرفة الثانية دور" فرملة" نفوذ وهيمنة الغرفة الأولى تفاديا لحدوث انزلاقات معينة تجعل من الأغلبية في الغرفة الأولى تفعل كل شيء ولا تجد من يحدها، أما عندنا في المغرب فالأمر مختلف تماما لأننا جعلنا الغرفة الثانية برلمانا موازيا وعبئا يعطل العمل التشريعي، علما أن الهيآت الممثلة في مجلس المستشارين هي اليوم ممثلة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي وبالتالي فلم يعدهناك داع لهذه الغرفة. إذا لم يستجب لمطلبكم، هل ستنسحبون من الحكومة؟ نعم سننسحب من الحكومة إذا لم نجد آذانا صاغية لدى الأغلبية بشأن رفع مطلب الإصلاح الدستوري إلى الملك. سنلتقي مع الجميع للتداول في الموضوع بما في ذلك أحزاب اليسار والباطرونا والجمعيات الحقوقية والمدنية. هل هناك أجندة زمنية محددة لتفعيل القرار؟ هناك أجدنة داخلية، إذ أننا سنتداول داخل المكتب السياسي حول مآل المشاورات التي فتحها الراضي مع أطراف الأغلبية حول موضوع الإصلاح الدستوري، وعلى ضوء نتائج ذلك سنتخذ القرار المناسب تفعيلا لمقررات المؤتمر الثامن والبيان العام للمجلس الوطني. هل لقاء مستشار الملك بالنقابات فيه تجاوز لمؤسسة الوزير الأول؟ قد يكون الأمر كذلك، خاصة إذا علمنا أن الوزير الأول فشل في إقناع النقابات بنتائج وطرق تدبير الحوار الاجتماعي، الذي شهد تعثرا واضحا، إلى درجة أن النقابات تتهمه بإصدار بيان من جانب واحد لا يعنيها في شيء وتتهم الحكومة بالتملص من التزاماتها، والملك قد يكون أراد الإنصات إلى مطالب النقابات تفعيلا لدوره التحكيمي، ولعل هذا ما يفرض من جانب آخر التعجيل بالإصلاح الدستوري. ما الغاية من تسريب شائعة التعديل الحكومي التي كانت تتحدث عن حلول مصطفى التراب محل عباس الفاسي وتشكيل حكومة ائتلافية؟ أعتقد أن تعيين حكومة ائتلاف وطني يعني عرقلة الإصلاحات المنتظرة، كما أن الإشاعة بالون اختبار لمعرفة ردود الفعل، وهذه أشياء تعودنا علينا من قبل، وهي تساهم في تكريس المزيد من الغموض والتشويش في الحياة السياسية التي أصبحت سيئة للغاية، وهذا ما يستعجل ضرورة الإصلاح لتحديد المسؤوليات والمهام بشكل واضح. كيف ترى تركيبة المجلس الاقتصادي والاجتماعي وصيغة إخراجه؟ لا أفهم كيف أن منظمة من قبيل الاتحاد الوطني للمهندسين، بوزنها التمثيلي ودورها الاقتصادي والاجتماعي، غير ممثلة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وهذا يبعث على الاستياء فعلا ، فضلا عن مؤسسات وجمعيات أخرى وقع تهميشها. وهذا ما يحيلنا على مساوئ التعيين في مجالس من هذا النوع، إذ كيف يعقل أن نستمر في تبني تقليد متجاوز يروم فتح باب التمثيلية في هذه المؤسسات على تنظيمات موالية سواء من حيث توجهها أو تركيبتها؟ ألا ترى أن كثرة المجالس الاستشارية اضحت عبئا دون نتيجة؟ أنا أنادي بتفعيل دور هذه المجالس وتوضيح عملها واختصاصاتها ضمن إطار دولة الحق والمؤسسات لا دولة الأهواء، وهذا هو المطلب الرئيسي للاتحاد وللشباب المغربي الذي بلغنا صوته الرامي إلى التغيير، وهذا لن يستقيم دون إصلاحات سياسية ودستورية حقيقية من أجل ولوج عهد الديمقراطية الحقة، فمن المؤسف أن نرى في العديد من المجالس الجماعية من قبيل ما وقع في مدينة سلا، من مسك البعض لملفات فساد ضد آخرين وابتزازهم بها، إلى درجة أن المناطق الخضراء بالمدينة تحولت إلى مدارس وبنايات شيدت خارج القانون بسبب المضاربة العقارية، والمجلس الحالي يتهم السابق، ويمسكون بملفات من أرشيف الدولة بما فيها رسومات عقارية مسجلة بأسماء وتثبت تورط عمال وسماسرة كبار ورجال أعمال في فضائح فساد، والدولة تقف موقف المتفرج على ما يجري والمنعشون العقاريون لهم علم كذلك بكل هذه الصفقات المشبوهة، ليعتقل مسؤولون ثم يفرج عنهم بع ذلك، دون فهم أي شيء. وما يقع في الدارالبيضاء أيضا من اتهامات بالفساد لهذا الطرف أو ذاك، كل ذلك يؤدي إلى تأجيج الاحتقان الاجتماعي أكثر، إذا لم نقرر فعلا الدخول إلى نادي الديمقراطية من بابه الواسع. كيف ترى مطالب شباب 20 فبراير؟ بسبب العزوف عن العملية الانتخابية حتى لا أقول العزوف السياسي، أصبحت فضاءات الأنترنيت والمواقع الاجتماعية تشكل مجتمعا موازيا للمجتمع السائد الذي نتصور أنه موجود، منفلتا من كل الضوابط ومن رقابة الدولة والمؤسسات، لذا فلا ينبغي أن نستمر في تجاهل تطور تكنولوجيا المعلوميات والدور الذي تقوم به الفضائيات. مطالب شباب 20 فبراير عادية ومشروعة ولم تأت من فراغ، وسبق للاتحاد الاشتراكي أن طالب بذلك سابقا من قبيل الملكية البرلمانية والقضاء على مظاهر الفساد وإصلاح القضاء وفصل السلط... ما رأيك في المطالبة بالحد من نفوذ العائلات في الحكم؟ يجب أن تكون هناك مقاييس لإسناد المسؤوليات في المؤسسات العمومية على وجه الخصوص، لذا نطالب بإسناد مسؤولية التعيين في المناصب المدنية للحكومة بمعايير واضحة ومسؤولة، مع الاحتفاظ لرئيس الدولة بالتعيين في المناصب العسكرية والدبلوماسية. كيف ترى المطالبة بإبعاد أصدقاء الدراسة عن دائرة الحكم؟ أرى الأمر تكريسا لمنطق إقصاء الكفاءات، وكأننا بلد يفتقر إلى طاقات، علما أن هجرة الكفاءات المغربية إلى كندا وغيرها من البلدان الغربية بعد حصولها على تكوين عال في بلدها الأم، اضحت أمرا عاديا ومستفحلا في الآن ذاته، وله تبعاته السلبية على البلاد في ما بعد. طالبتم بالفصل بين السلطة والمال، أتقصدون ألا يكون الملك فاعلا اقتصاديا؟ يجب الفصل بين السلطة وعالم المال والأعمال من أجل ضمان تكافؤ الفرص في المجال الاقتصادي بين جميع الفاعلين، كما أنني لا يمكنني أن أتوجه مثلا إلى منير الماجدي لطلب رخص إستثمار أو إشهار، لأنه يدبر شركات الملك، وفي حالات من هذا النوع يصبح الملك خصما اقتصاديا. على أعضاء الحكومة أيضا أن يفصلوا بين عالم المال والأعمال وتدبير الشأن العام، حتى لا يستغلوا نفوذهم في المجال الاقتصادي، فمن أراد الاستثمار عليه الانسحاب من منصب المسؤولية في الدولة ويشمر على ساعدية مثله مثل باقي الفاعلين الاقتصاديين، وينصاع للضوابط والقوانين. رفعت شعارت ضد حزب "البام" في مسيرات الرباطوالبيضاء...هل حان وقت فرملة هذا الحزب؟ أرى أن حزب "البام" شوهت صورته، لأن البعض استغله وسيطا بينه وبين الدولة على اعتبار أن الهمة صديق للملك، بل تحدث البعض على أنه يعين الولاة والعمال، فكان طبيعيا أن يضم في صفوفه وجوه فاسدة وانتهازية تبحث لنفسها عن سبل الاغتناء غير المشروع، أو أنها تريد التمتع بالحصانة حتى لا تفتح ملفاتها. هل تعتقد أنه على الهمة أن يترك الحزب ويعود إلى موقعه الطبيعي السابق؟ لا رأى مانعا لبقاء الهمة في البام، بل المطلوب أن يعامل هذا الحزب على قدم المساواة مع باقي الأحزاب، وأن يحترم قوانين البلد وعلى رأسها قانون الأحزاب. سمعنا الكثير من الاتهامات عن هذا الحزب الذي تمكن في ظرف وجيز من تصدر الخريطة السياسية، وروى رجال سلطة أن وفوده تفرش لها الزرابي في المدن التي يحل بها الهمة ورفاقه، وعن إبعاد هذا العامل وتعيين ذاك وعن تدخله في تشكيل الأغلبيات في عدد من المجالس... المطلوب اليوم المزيد من الوضوح والاحتكام إلى سلطة القانون. هناك من كان يدعوإلى التحالف مع الأصالة والمعاصرة من داخل حزبكم وكانت اللقاءت غير الرسمية تعقد بين قياديين من حزبكم وأعضاء من البام، كيف تغير موقف الاتحاد ممن كنتم تنعتونه بالوافد الجديد؟ نحن أصحاب عبارة الوافد الجديد وأول من دخل مع هذا الحزب ومؤسسه الهمة في صراع مفتوح، إلا أننا راجعنا موقفنا بعد ذلك لما تبين لنا أنه حزب قائم بذاته، بل دعونا أعضاء مكتبه الوطني إلى المقر المركزي للاتحاد الاشتراكي بالرباط للتباحث بشأن الإصلاحات الدستورية تفعيلا لمقررات المؤتمر الثامن، فلم نكن نريد القطيعة مع هذا الحزب وأصبحنا نتعامل معه لأنه أمر واقع. ما علاقتك بفؤاد عالي الهمة، يقال إنك تعرفه منذ سنوات؟ الهمة صديقي لمدة ثلاثين سنة، كنت ألتقي به باستمرار إلى جانب ياسين المنصوري وحسن أوريد وفاضل بنعيش ونورالدين بنسودة. وهل كان الهمة وراء استوزار ادريس لشكر كما يقول أعضاء من المجلس الوطني للحزب؟ الراضي هو من يتحمل مسؤولية استوزار ادريس لشكر، بغض النظر عما إذا كان الهمة وراء ذلك أم لا، فلقد اجتمع بنا الكاتب الأول وحاول إقناعنا بذلك، لكننا كنا أربعة أبدينا تحفظنا على تعديل حكومي تقني لا يفي بالغرض، وقلنا إن البلاد في حاجة إلى إصلاحات عميقة أولا.