بالرغم من تعطُّل عجلة الحوار الاجتماعي واصطدامها بعَقَبَة غياب التفاهم بين الحكومة والمركزيات النقابية، عاد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ليدقَّ أبواب الشغيلة العاملة، معلناً "عزم الحكومة استئناف الحوار الاجتماعي خلال الأيام القليلة المقبلة"، في وقت يرفضُ فيه أرباب العمل الانخراط في أيّ خطوة مقبلة "إن لم تكن مقرونة بضمانات جدية ومعقولة". الإعلان عن استئناف جولات الحوار الاجتماعي من طرف العثماني، جاء خلال تعقيبه على تدخلات المستشارين بالجلسة الشهرية المخصصة لمساءلة الحكومة حول السياسة العامة بمجلس المستشارين؛ إذ أوضح أن المركزيات النقابية لم تستطع الاتفاق والتوحد على مطالب معينة ومحددة ككتلة تفاوضية موحدة، بل كل نقابة تريد الحوار مع الحكومة والباطرونا حول ملفها المطلبي؛ ما جعل الحوار يتحول من "ثلاثي إلى سداسي". وفي مقابل تأكيده أن العودة إلى طاولة الحوار كانت مقررة مباشرة بعد العيد الأممي للعمال في فاتح ماي الماضي، لكنه "انتظر انتخابات الاتحاد العام لمقاولات المغرب الشريك الثالث في الحوار الاجتماعي"، أرجع العثماني فشل الحوار الاجتماعي إلى المركزيات النقابية، مصرحاً بأن الاتفاق المسبق مع النقابات كان بعقد اجتماعات ثلاثية تجمع كلا من ممثلي المركزيات النقابية من جهة، والاتحاد العام لمقاولات المغرب والحكومة من جهة ثانية. وفي هذا الصدد، انْتقد الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، ما اعتبرهُ "ارتباكاً واضحاً تعيشُه الأغلبية الحكومية، التي عوض أن تبحث عن حلول للمشاكل الاجتماعية التي يعيشها المغاربة نقلت صراعها إلى حلبة النقابات التي تلتزم منذ بداية الدخول الاجتماعي بالحوار"، مورداً أن "الحكومة تتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع الاجتماعية للطبقة العاملة، بإجهازها على حقوق العمال ورفضها الزيادة في أجور الطبقة الشغيلة". وأضاف موخاريق، في تصريح لهسبريس، أن "هذه السنة كانت سنة استثنائية في الهجوم على القدرة الشرائية، وكذا على الحريات النقابية، كما تم تعطيل الحوار الاجتماعي، فضلاً عن التراجع عن مجموعة من المكتسبات"، مشدداً على أن "الحوار الاجتماعي وصل إلى الباب المسدود بسبب غياب الإرادة الفعلية من جانب الحكومة للتفاعل الإيجابي مع الملف المطلبي للنقابيين، بتقديمها عرضاً هزيلاً وتمييزياً بالزيادة في الأجور بالقطاع العام، وتعثر الحوار الاجتماعي باتباع آليات تفتقر إلى الضبط والمأسسة والجدية، في وقت تتشبث فيه الحكومة بإقصاء القطاع الخاص من الزيادات". ورفض المسؤول النقابي الإقدام على أي خطوة مقبلة لمباشرة الحوار مع الحكومة في غياب ضمانات، وقال: "لن ننخرط في أي حوار في ظل تعنت رئيس الحكومة وتشبثه بعرض هزيلٍ لا يرقى إلى تطلعات الشغيلة"، متسائلا: "هل 100 درهم في الشهر تشجع على قبول الحوار"؟ من جانبه، اعتبر عبد الحميد الفاتيحي، الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل، أن "أجواء الحوار الاجتماعي لم تتغير بالرغم من تغيّر الحكومة؛ فقد ساد التَّعنُت وشدّ الحبل طوال جولات الحوار"، مبرزا أن "الحكومة أجهزت على الحريات النقابية ورفضت الاستجابة لمطالب الشغيلة". وأرجع الفاتيحي، في تصريح لهسبريس، سبب تعثر الحوار إلى "كون الحكومة لم تقدم إلى حد الساعة أي عرض شامل للنقابات، وما زالت تكتفي بالاستماع لها والرد على مقترحاتها"، مورداً أنه "إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فمن المؤكد لن يتم التوصل إلى أي اتفاق ينهي حالة البلوكاج الذي يعرفه الملف الاجتماعي".