سقطة إنسانية جديدة تنضاف إلى السجل الأسود لجبهة البوليساريو في علاقتها بالطفولة، بعد أن أشرف زعيم الانفصاليين على تخرج عدد من أطفال المخيمات من إحدى "المدارس العسكرية"، حيث تُظْهِرُهُمْ الصور حاملين للأسلحة والعتاد العسكري، في انتهاك صارخ للمواثيق الدولية ولاتفاقية حقوق الطفل التي تحظر تجنيد الأطفال ودفعهم إلى المشاركة في الحروب. الفضيحة التي وَثَقَتْهَا مصادر مُقربة من جبهة البوليساريو تأتي لتُزكي العديد من التحقيقات والكتابات التي طالما نبهت إلى العلاقة المشبوهة بين الانفصاليين وكوبا، التي كانت تُخصص معاقل وتداريب عسكرية لأطفال المخيمات في فترات سابقة من التقارب بين نظامي كاسترو والرئيس الجزائري الهواري بومدين. وتُشِيرُ اتفاقية حقوق الطفل الدولية إلى أن الدول الموقعة مُلزمة باتخاذ جميع التدابير الممكنة عمليا لكي تَضمن ألا يُشْرَكَ الأشخاص الذين لم يَبْلُغْ سنهم خمس عشرة سنة في الحرب، كما تَمْتَنِعُ عن تجنيد أي شخص لم يبلغ سنه خمس عشرة سنة في قواتها المسلحة؛ فضلا عن رعاية وحماية الأطفال المتأثرين بالحروب. وفي الصدد ذاته، أوضح نوفل بوعمري، الباحث المتخصص في قضية الصحراء، أن "هذا الفوج الذي أشرف إبراهيم غالي على تخرجه يتزامن مع الزيارة المرتقبة للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى المنطقة باعتباره مفوضا من أجل تحقيق السلام"، وزاد: "ما تُقْدِمُ عليه البوليساريو يؤكد ألا سلام معها، لأن إستراتيجيتها تَعْتَمِدُ على تسليح المنطقة وسُكانها وشحنهم بإيديولوجية تسعى إلى الحرب لا إلى السلم". وأضاف البوعمري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "ما حدث يُنَبِهُ العالم إلى ضرورة التحرك من أجل وقف هذا الاستغلال البشع للأطفال ضدا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية حقوق الطفل التي تمنع تسليح الأطفال، وفي تناقض تام مع مبادئ الأممالمتحدة وآلياتها الأممية"، مردفا: "على المغرب حماية هؤلاء الأطفال ومطالبة الأممالمتحدة بالتحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، سواء من خلال تحرك رسمي أو عبر المنظمات الحقوقية المغربية داخل مجلس حقوق الإنسان لإطلاع المنتظم الدولي على هذه الجرائم التي تُرتكب في حق أجيال من الأطفال بدفعها إلى الحقد والكراهية والرغبة في الحرب، مادامت الجزائر تخلت عن دورها كما هو محدد في اتفاقية جنيف لحماية اللاجئين". من جهته اعتبر كريم عايش، الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن "تلقين الأطفال المنتمين إلى مخيمات اللاجئين بتندوف تداريب عسكرية على أنها رصيد من الثقافة والوعي هو ضرب من العبث والاستهزاء بمبادئ التربية والبيداغوجيا التي تهتم بتكوين الطفل وتلقينه المهارات العلمية والأدبية لتكوين رصيد معرفي يمكنه من الدراسة والتقدم، بدل تعلم تفكيك الكلاشنيكوف وكيفية فتح القنابل اليدوية وزرع الألغام". وأضاف عايش، في تصريح لهسبريس، أن "استعمال مصطلح الثورة الذي يُغَذِي به مرتزقة البوليساريو عقول الأطفال أصبح أمرا بائدا تخلت عنه كل الأدبيات الاشتراكية والشيوعية الحديثة؛ وهي كلمة ليست بالغريبة على حفنة من المرتزقة الذين يعيشون على أوهام وأحلام تُغذيها دنانير الاستخبارات الجزائرية وبعض الدول الإفريقية التي تعاكس توجهات المغرب في منافسة غير شريفة". وعن قانونية التجنيد، أورد عضو مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية أن "القانون الدولي كان حاسما في مسألة تجنيد الأطفال حين أقر الثاني عشر من فبراير يوما عالميا للطفل الجندي عقب التوقيع على البروتوكول الإضافي للاتفاقية العالمية حول حقوق الطفل التي دخلت حيز التنفيذ في نونبر 1989، إذ التزمت الأطراف الموقعة في الفصل 38 على عدم إقحام الأطفال في الصراعات المسلحة، بما فيها الجزائر التي تتحمل كامل المسؤولية في هذه التداريب التي تجري على أرضها".