أثار توشيح المستشار البرلماني محمود عرشان بميدالية ذهبية من لدن مجلس الشيوخ الفرنسي، رغم التهم التي تُلاَحِقُهُ ب"التورط في أعمال تعذيب المعارضين إبان فترة سنوات الرصاص"، جدلا واسعا لدى الفاعلين الحقوقيين بالمغرب وفرنسا، الذين طالبوا الدولة الفرنسية بالنأي عن التوشيح والاطلاع على تاريخ الرجل لدى الجمعيات المغربية. التوشيح الذي أشرف عليه كريستيان كامبون، رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بمجلس الشيوخ، دفع العديد من التنظيمات الحقوقية المغربية، تتقدمها الجمعية المغربية لحقوق الانسان، إلى إطلاق عريضة سَتُسَلَّمُ إلى البرلمان الفرنسي حول "حقيقة محمود عرشان، ومعاداته للحرية والمساواة والكرامة التي تتبناها الدولة الفرنسية". وتُعتبر الميدالية الذهبية التي يمنحها مجلس الشيوخ أهم جوائز البرلمان الفرنسي، ولا تُعطى سوى لشخصيات معدودة قدمت الشيء الكثير لفرنسا، خصوصا حينما يَتَعَلَّقُ الأمر بشخصية أجنبية عن الأصول والجنسية الفرنسية. وفي تعليقها على التوشيح، قالت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، إن "توشيح عرشان هو رعاية للمصالح الفرنسية داخل المغرب، وخطوة فاقدة للأخلاق التي لم نَعُد نرى لها مكانا داخل منظومة السياسة الدولية المعتمدة على المصالح الضيقة دون مراعاة عمق السياسة التي ترتكز أساسا على الأخلاق والمبادئ". وأضافت منيب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "توشيح عرشان عار على دولة الحق والقانون وثورة الأنوار وحقوق الإنسان التي لا نرى لها أثرا"، مسجلة أن "ملف عرشان عليه أن يُحَلَّ في المغرب عبر ملف هيئة الانصاف والمصالحة الذي لم يستخدم سوى لجذب الاستثمارات الخارجية، وتسويق صورة مغلوطة عن حقوق الإنسان بالمغرب". وأوردت الفاعلة السياسية اليسارية ذاتها أنه "ما دام الجلادون مستمرين في مراكزهم، نظير ما قدموه للدولة وللاستعمار بصيغتيه القديمة والجديدة، ولم يعاقبوا على الأفعال التي ارتكبوها طوال سنوات الرصاص، فسيبقى ملف حقوق الإنسان مطروحا بإلحاح على الدولة المغربية". وكانت الجمعية المغربية لحقوق الانسان قد وضعت اسم محمود عرشان ضمن قائمة المتهمين بتعذيب المعارضين بسجن "درب مولاي الشريف"، بعد أن كان يشتغل رئيسا للفرع الإقليمي للشرطة في منطقة درب مولاي الشريف بالدار البيضاء. ورغم كل "التهم" التي تلاحقه، تمكن عرشان من دخول غمار السياسة، بتأسيسه لحزب الحركة الاجتماعية الديمقراطية سنة 1997، الذي حصل على 32 مقعدا في أول انتخابات يشارك فيها، لكنه سرعان ما سيندحر إلى صفوف الأحزاب ذات التمثيلية الضعيفة؛ إذ لم يحصل سوى على مقعد واحد خلال الانتخابات التشريعية الماضية.