في خِضم الجَدل الدَّائر بشأْنِ أرقام تقرير اللجنة الاستطلاعية حول المحروقات، التي شكَّلها مجلس النواب، للوقوف على أسعارِ البيع للعموم وشروط التنافسية في قطاع المحروقات، بعد عملية تحرير السوق، أرْجَعَت المجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل "سبب ارتفاع أسعار المحروقات في السوق الوطنية إلى عدم الوفاء بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للنفط المعلن عنها سنة 2004، من قبل ملك البلاد، وإلى تعطل الإنتاج بمصفاة "سامير"". وقالت ثريا لحرش، القيادية في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، خلال كلمة افتتاحية لها ضمن أشغال يوم دراسي نظمته مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين والنقابة الوطنية لصناعات البترول والغاز حول موضوع "صناعات التكرير وتأمين الحاجيات البترولية للمغرب"، "نعيش لحظة حسَّاسة تتميَّز بتعمق شعور المواطنين المغاربة والطبقة العاملة والسياسة المسؤولة في البلاد بالقلق والخوف، خاصةَ بعد صدور تقرير اللجنة الاستطلاعية حول المحروقات، الذي حمل أرقاماً مهولة، تعكس وجود "مافيا" تتحكم في مصالح العباد"، موردة أن "هذا قلق عكسه تخبط الأغلبية التي باتت تتبنى خطاب المعارضة للهروب من المسؤولية"، وفق تعبيرها. وزادت البرلمانية عن الكونفدرالية، في الندوة العلمية التي احتضنها مقر مجلس المستشارين، أن "وزراء حكومة العثماني باتوا يروّجون خطابات المعارضة وهم في منصب المسؤولية"، وتابعت قولها: "عندما يتظاهر وزير أمام البرلمان ويحمل شعارات مناوئة للحكومة فإن هذا يعكس حالة تخبط تعرفها الأغلبية". وأردفت: "إننا نعيش نفس ظروف "انتفاضة الكوميرا التي اندلعت في 20 يونيو 1981، ووصف خلالها إدريس البصري، وزير الداخلية، المحتجين المغاربة ب"ضحايا الكوميرا""، وأضافت: "اليوم سنكون أمام ضحايا القدرة الشرائية". وبعدما توقفت عند الخسائر التي لحقت القدرة الشرائية للمواطنين جراء تحرير أسعار المحروقات، عادت البرلمانية ذاتها إلى "مطالبة الحكومة بالتحلي بالثبات و"تحط رجلها ف الأرض"، معتبرة خروج الدوادي في مظاهرة "سنطرال" مزايدة سياسية؛ لأنه عوض ذلك على الحكومة أن تلتفت نحو مطالب الشعب، وأن تعمل على الاستجابة إلى مطالبه المشروعة". من جانبه، أوْرَدَ الحسين اليمني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن "تجميد الإنتاج بمصفاة سامير كانت له تداعيات خطيرة، خاصة على مستوى توزيع المحروقات"، داعياً في هذا الصدد، إلى "الاستئناف العاجل لمصفاة المحمدية لنشاطها، تحت كل الصيغ الممكنة، قصد المساهمة في توفير الحاجيات الوطنية من المحروقات". وفي محاولة منه لتسليط الضوء على تداعيات توقف الإنتاج بمصفاة المحمدية وأسباب ارتفاع أسعار المحروقات وتأثيرها على القدرة الشرائية للمواطنين، كشف اليمني أن "المخزون الوطني من المحروقات تدنى بشكلٍ خطيرٍ، ضداً على المقتضيات القانونية الملزمة في الموضوع "60 يوما صافيا وشهر من الخام"؛ وهو ما يدفع، حسبه، إلى بذل المزيد من الجهود لضمان الجودة وتخفيض الضغط على النقل عبر الطرقات. وقال المسؤول النقابي، ضمن مداخلة له في الموضوع، إن "غياب المرجع الوطني وارتفاع أسعار المحروقات بأكثر من درهم للتر الواحد، زيادة على الأرباح المضمونة قبل تحرير السوق، وازدهار اقتصاد الأزمة لجني المزيد من الأرباح في ظل توقف مصفاة المحمدية، أسهم في ربح شركات المحروقات ما يزيد عن 21 مليارا خلال سنة 2017-2016، نتيجة عملية التحرير". وتابع المتحدث ذاته في سياق حديثه عن التداعيات السلبية لتوقف الإنتاج بمصفاة المحمدية: "تعطل الإنتاج بمصفاة المحمدية عمق العجز التجاري بفقدان القيمة المضافة لتكرير البترول، والتهديد بفقدان التجربة والخبرة المتراكمة في صناعات تكرير البترول"، وقال: "هناك احتمال خسارة ما يفوق 20 مليار درهم من المال العام "الجمارك والمؤسسات العمومية"، في المديونية المتراكمة على الشركة، وتراجع كبير في نشاط الميناء النفطي للمحمدية". في مقابل ذلك، يقترح الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز مجموعة من التدابير من أجل تأمين الحاجيات البترولية للمغرب، من خلال التنفيذ الكامل للاستراتيجية الوطنية للنفط المعلن عنها سنة 2004 من لدن ملك البلاد، من خلال التحفيز على التنقيب عن البترول والغاز واستغلال الصخور النفطية وتطوير صناعات التكرير". كما يقترح اليمني "تأسيس الوكالة الوطنية للطاقة، بغرض التقنين والمراقبة والضبط وبالتناغم بين مكونات السلة الطاقية، بالإضافة إلى الرفع من الطاقة التخزينية وتوزيعها على الجهات والمواقع الكبرى للاستهلاك. أما بخصوص التحكم في أسعار المحروقات، فاقترح المسؤول النقابي تخفيض المكونات المحددة لسعر المحروقات عبر كل مراحل الإنتاج والنقل، مع تحسين كلفة النقل والتأمين، عبر الرجوع للاستيراد في الناقلات الكبيرة، مع تسقيف الأرباح لكل الفاعلين في السلسلة من خلال اتفاقيات مع الدولة وبناء على السغر الدولي للبرميل والصرف وعلى قاعدة المخزون الأمني.