بالرغم من أنها من الأقليات الدينية في بنما، تحرص الجالية المسلمة بالبلد الكاريبي، والتي تشير معطيات غير رسمية إلى أنها لا تمثل سوى 1 في المائة من مجموع ساكنة البلاد التي يصل تعدادها إلى حوالي أربعة ملايين نسمة، على خلق أجواء تعيش من خلالها طقوس وشعائر شهر رمضان الكريم وتكرس من خلالها قيم التعايش والتآزر والتراحم التي يحث عليها الدين الإسلامي الحنيف. وتجد الجاليات المسلمة ببنما، والتي ينحدر السواد الأعظم من أفرادها من الهند وباكستان وبشكل أقل من فلسطين وسوريا ولبنان، ضالتها في المصليات والمساجد والمراكز الإسلامية، والتي تصبح فضلا عن دورها كأماكن للعبادة فضاءات للوعظ والإرشاد ولتنزيل مبادرات خيرية وتطوعية تعزز التلاحم والتضامن بين مسلمي البلد الكاريبي. وتتوفر بنما على حوالي 12 مسجدا وقاعة صلاة، جلها بالعاصمة بنما وبمدينة كولون الاقتصادية، تشكل ملاذات يلجأ إليها مسلمو البلد الكاريبي، الذي تتعايش فيه ديانات وأعراق مختلفة، لتغذية الروح والجسد من خلال أداء واجبهم الديني وتقاسم اللحظة والمأكل والمشرب خلال الإفطار الجماعي الذي يتم تنظيمه بمناسبة الشهر الكريم. ومن أبرز المساجد والهيئات الإسلامية التي تشكل مقصدا للجالية المسلمة، والتي يتزايد الإقبال عليها في شهر رمضان، المسجد الكبير في العاصمة بنما، التابع للمركز الثقافي الإسلامي في بنما، وكذا المركز الثقافي الإسلامي في مدينة كولون، ومسجد سليمان بيكو، الذي شيده مسلم هندي يحمل الاسم نفسه. وتعمل أغلب هذه المؤسسات الدينية على تنظيم دروس للتعريف بمكارم شهر رمضان وبتعاليم الدين الإسلامي السمح، وكذا مبادرات للإفطار الجماعي طيلة الشهر الفضيل، والذي يحرص بعض أفراد الجالية المسلمة خلاله على اصطحاب معارف وأقارب من غير المسلمين لعلها تكون فرصة تذكي فضول هؤلاء ورغبتهم في اكتشاف دين الإسلام. وبدورهم، يحرص أفراد الجالية المغربية ببنما، على ندرتهم، على التخفيف من وطأة الاغتراب والبعد عن بلدهم الأصل من خلال استحضار الأجواء الأسرية والروحية في الشهر الفضيل، مثل خالد، المقيم بالبلد اللاتيني منذ نحو ثلاث سنوات، والذي تحرص زوجته البنمية، التي تعلمت فنون الطبخ المغربي، على تأثيث مائدة الإفطار بحلويات ووجبات مغربية صرفة، في تمثل واضح للعادات الغذائية المغربية خلال شهر رمضان. ولتغذية الجانب الروحي أيضا، يحرص المهاجر المغربي، حسبما ذكر في تصريح صحافي، على التوجه، كلما سنحت له ظروفه الأسرية والمهنية بذلك، إلى أحد المساجد أو المصليات القليلة الموجودة بالعاصمة البنمية، لتأدية صلاة التراويح وتلاوة ما تيسر من الذكر الحكيم. من جهتها، تقول أمينة، التي تنحدر من مدينة تطوان، والتي وصلت قبل نحو سنة رفقة زوجها الإسباني إلى بنما لأسباب مهنية، إن قضاء رمضان على بعد نحو 8 آلاف كلم عن البلد الأصل يولد حنينا للقاءات العائلية وللأجواء الرمضانية في الشارع وفي المحلات التجارية؛ ذلك أنه يجعل أيام الشهر الفضيل كسائر الأيام، وليس مثلما هو الحال بالمغرب، حيث تتغير مواقيت العمل والطقوس وإيقاع الحياة اليومية. *و.م.ع