كل من يعرفون كنزة الزبير لا يترددون في منحها لقب "سفيرة الزي المغربيّ في سلطنة عُمان"، احتراما للمشروع الذي أقامته في مسقط، وتقديرا للجهود التي تبذلها من أجل إبراز الألبسة الوافدة من المملكة. تراهن مصممة الأزياء نفسها على الحمولة الثقافية للأزياء المغربية كي تقدمها للمواطنين العُمانيين المتشبثين بالمتطلبات المحافظة في الملبس، مثلما تجعل من رؤاها التجديدية المدروسة نافذة تقرّب المنتج نفسه من أذواق الجيل الجديد. ما قبل الرحيل ولدت كنزة الزبير بمدينة القصر الكبير، غير بعيد عن العرائش التي تتأصل منها عائلتها؛ وبحاضرة "ليكسوس" أمضت سنوات عمرها الأولى، كما استهلت تعليمها بمؤسسات هذه المدينة الجبلية. ظروف العمل دفعت أسرة كنزة إلى الانتقال إلى مدينة الدارالبيضاء، وبالتالي رافقت الجميع إلى قلب العاصمة الاقتصادية للمملكة، مواصلة مشوارها التربوي دون التمكن من استكماله. وتقول الزبير: "تزوجت من عُماني كان يدرس العلوم القانونية في المغرب، وبناء على ذلك انتقلت إلى السلطنة، سنة 1986، في لحظة مفصلية ضمن حياتي". بيئة طيبة تشدد كنزة على أن الفترة الأولى لتواجدها في مسقط جعلتها تتجرع معنى الاغتراب، لكن الأمر لم يدم طويلا وهي تتعرف على طيبوبة المجتمع العُماني الذي يحتضن مغاربة سبقوها. وتردف "ابنة القصر الكبير" بأن التأقلم في هذا البلد الخليجي ليس صعبا على من ألف العيش في المملكة المغربية، مرجعة ذلك إلى التشابه الكبير بين إيقاعي الحياة في الدولتين معا. "راكمت 32 سنة من الحياة في مسقط، وبناء على ذلك أعلن أن العُمانيين يقدرون من يتعاملون معهم بناء على مستويات أخلاقهم، ولا يقابلون الود والاحترام إلا بمثله"، تزيد الزبير. الأزياء المغربية اختارت المتحدرة من العرائش جعل مجال الأزياء محط تركيزها المهني، مفتتحة ورشا للخياطة يتعامل مع تلاوين مختلفة من الألبسة، مع التخصص في إنجاز تصاميم تقليدية مغربية. المشروع افتتحته كنزة الزبير كبيرا وهو يحتل فضاء فيلا بكاملها في مسقط، معتمدة على أطقم اشتغال أساسها من اليد العاملة المغربية الخبيرة، يسندها متخصصون في الميدان من الفلبين والهند. تقول المستثمرة ذاتها: "ما أقوم به يعرف رواجا لم أكن أنتظره، إذ أتلقى طلبيات وافرة من العُمانيين المعجبين بالزي المغربي، وهو ما يجعلني حريصة على تجويد المنتج ليكون عند حسن ظن المقبلين عليه". تطور متواصل نجاح كنزة في عملها دفعها إلى العودة إلى مقاعد الدراسة، مطورة قدراتها حتى الفلاح في دخول الكلية العليا للتصميم، ومنها تخرجت بدبلوم يبرز كفاءتها في المجال الذي ارتأت الارتباط به ثقافيا ووظيفيا. ترى من خبرت الحياة في الدارالبيضاء أن مهاراتها الفطرية في الخياطة دفعتها إلى تأسيس المشروع الخاص بها؛ لكن دفعه صوب الرقي أكثر لم يكن متاحا إلا بإقبالها على التكوين الأكاديمي الصحيح. راكمت الزبير عِقدا ونيفا من الخبرة في التعامل مع التصميم والخياطة، بمكانة بارزة في ذلك للألبسة المغربية، مع القيام بعروض أزياء خاصة بها، والمشاركة في مواعيد مماثلة أخذت وتيرتها تتعالى خلال السنوات الماضية. "أريد أن أصل العالمية بالجهود التي أقوم بها، وأن أبرز تصاميمي في مناسبات دولية أكثر من تلك التي حضرتها، مع زيادة الجهد لكسب زبناء أكثر في السلطنة"، تقرّ كنزة الزبير. تشجيع التغيير تكشف المنتقلة إلى سلطنة عُمان قبل رعيل من الحين أنها مع انخراط الشباب في تجارب هجرة ما دام ذلك يتم في إطاره النظامي، وفي إطار القوانين والقرارات الجاري بها العمل في بلد النشأة ودولة الاستقبال. من جهة أخرى ترفض كنزة أن يقدم على هذه الخطوة من لا يتوفرون على هدف واضح منها، معتبرة أن هذه الفئة لن تحصد إلاّ التيه لفترة زمنية طويلة جدا، لأن ما بني على عِوج يبقى كذلك؛ وفق تعبيرها. "يكفي التمكن من حرفة بسيطة كي يعيش صاحبها بشكل جيد في البلد المهاجر إليه، فحصد المكسب لا يبقى حكرا على أصحاب الشواهد العليا، مثلما الفشل لن يبارح من لا مهارات لهم مهما غيروا الجغرافيا"، تختم كنزة الزبير.