تتفاقم معاناة النساء المغربيات اللواتي يمتهن التهريب المعيشي، خاصة على مستوى المعبر الجديد ترخال 2 بباب سبتةالمحتلة، الذي أصبح يشكل مرتعاً لعدد منهن بحثاً عن البضائع الإسبانية المهربة، ما دفع المفوضية الأوروبية إلى إشعار كل من الحكومة المغربية والإسبانية للعمل على سن قوانين صارمة لوضع حد لمعاناة "الحمالات في سبتة"، خاصة مع توالي حالات الإغماء في صفوفهن نتيجة الاكتظاظ والتدافع. ويأتي تحرك المفوضية الأوروبية نتيجة الضغط الذي يقوم به المجتمع المدني لفتح معبر تراخال 2، الذي يوفر شروط السلامة وأماكن الاستراحة بالنسبة لممتهني التهريب المعيشي، بدل الاكتفاء بمعبر تراخال 1 الذي لم تعد طاقته الاستيعابية تتحمل الضغط الشديد الذي تسبب في وفاة نسوة من ممتهنات التهريب المعيشي. وفي هذا الصدد قال ديميتري أفرابولوس، المفوض الخاص لشؤون الهجرة والسياسات الداخلية، في تصريحات نقلها موقع "el faro de Ceuta" الإسباني: "على البلدين المعنيين بهذا المشكل أن يعملا على إيجاد حل ينهي الأزمة التي تودي بحياة نساء ضعيفات"، قبل أن يضيف: "مسؤولية مدريد والرباط واضحة وعليهما أن يبحثا عن حلول صارمة". ويبدو أن الحكومة المغربية لم تعد تولي أي اهتمام بتزايد معاناة هذه الفئة التي تتفاقم خلال شهر رمضان، إذ ينحصر تدخلها في حدود استصدار بلاغات وتصريحات، في وقت يطالب عدد من الحقوقيين المغاربة بإيجاد بديل اقتصادي يحفظ لهؤلاء النسوة مصدر رزق يقيهن شر الفاقة والاحتياج، ومهانة واحتقار مهنة التهريب المعيشي، خاصة أن جلهن مطلقات وأرامل، ولا يجدن ما يسددن به رمق أطفالهن. عبد الإله الخضري، الناشط الحقوقي، اعتبر أن "بعض الإحصائيات التقديرية تتحدث عن أن عدد ممتهني التهريب المعيشي على مشارف الثغرين المحتلين سبتة ومليلية يُقارب عشرة آلاف، غالبيتهم الساحقة من النساء، وقد شهد عددهم ارتفاعاً ملموساً في الآونة الأخيرة" . رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان توقف عند المعاناة التي تتحملها نساء التهريب المعيشي قائلا: "فضلا عن الأوزان الثقيلة التي يفرض عليهن حملها لمسافة طويلة نسبيا (الحمولة تصل أحيانا إلى 90 كلغ)، يتعرضن لوابل من السب والشتم والإهانة والاحتقار، وحتى إلى الاعتداء الجسدي من لدن الأمنيين المكلفين بحراسة الحدود، وخاصة في الجهة المغربية"، وزاد: "تتواتر بعض المعلومات عن أن الجهة الإسبانية لم تعد تتعاطى مع نساء التهريب بالعنف، كما سبق رصده منذ أكثر من سنتين، في حين لازالت بعض العناصر المغربية تمارس العنف اللفظي والجسدي في حقهن". وتشتكي عدد من النساء اللواتي يتخذن من معابر الحدود مصدر رزق لهن ولذويهن، حسب المصدر ذاته، من "الانتقائية التي تُمارس في منع تمرير البضائع، إذ تحرم مئات من المغربيات من مصدر رزقهن، في مقابل السماح لأباطرة بتمرير بضائعهم بأريحية؛ وهي معلومات موثقة ومستقاة من ناشطين حقوقيين إسبان، وقفوا على هذه الظواهر الشاذة". وفي هذا الصدد يقول الخضري إن "مأساة نساء التهريب المعيشي ينظر إليها من لدن السلطات المغربية نظرة فرض القانون فقط، فكل ردود المسؤولين على أسئلة الإعلام لا تخرج عن نطاق محاولة تبرير السلوكيات المشينة، المهينة والعنيفة في حق نساء التهريب المعيشي، بادعاء ضرورة تطبيق القانون وحماية الاقتصاد المهيكل"، وفق تعبيره. واعتبر الحقوقي المغربي، في تصريح لهسبريس، أن "هذه العقلية المتحجرة تستبطن احتقارا وإقصاء ممنهجا لفئة عريضة من النساء اللواتي يحلمن فقط بعيش تصان فيه كرامتهن، ولا يبحثن عن البذخ أو الحياة المخملية التي يعيشها أصحاب هذه النظرة المهينة"، على حد وصفه.