تحمل اسماً رسمياً هو رباط الخير، لكن أهلها وزوارها يعرفونها باسم أهرمومو، إنها بلدة صغيرة تقع شرق مدينة فاس، تحمل معها تاريخاً ثقيلاً جعل اسمها يطبع بأحد أبرز الأحداث الصعبة التي عاشها المغرب في سبعينيات القرن الماضي. بساطة أهرمومو تقترن بغياب التنمية الحقيقية، فلا هي بمدينة ولا هي بقرية، والبنيات التحتية والمرافق العمومية خير دليل على أن المدينة محكومة بالتهميش إلى أجل غير مسمى، وفق ما صرح به عدد من سكانها لهسبريس. ارتبط اسم أهرمومو بمحاولة الانقلاب الفاشلة على الملك الراحل الحسن الثاني التي انطلقت من المدرسة العسكرية بها سنة 1971 بقيادة الكولونيل محمد اعبابو، مدير المدرسة المحلية المنحدر من تازة. وبعد أن فشلت المحاولة، فضلت السلطة محو اسمها القديم لتختار لها رباط الخير، لكن الاسم الجديد بقي عصياً. وسبق لفعاليات مدنية محلية أن قادت مبادرة، قبل سنوات، للمطالبة بتسمية البلدة باسمها الأصلي أهرمومو، واعتبرت آنذاك جمعية "تنكري ن آيت وراين"، صاحبة المبادرة، أن "هذا التغيير غير مبرر لاسم مدينة بريئة أرضاً وإنساناً وهويةً مما نُسب إليها بعد أحداث 1971؛ الشيء الذي جعلها تشهد عزلة تامة وتباطؤا في الأوراش التنموية لأسباب غامضة". وكان المستعمر قد اختار هذه القرية كموقع استراتيجي يقع في مكان مرتفع قبالة سهول زلول وجبال الأطلس المتوسط، وشيد فيها مخزناً للأسلحة (magazin d'armement) منه اشتق السكان اسم أهرمومو بتحريفه. ويعتقد البعض أن مستقبل أهرمومو كان سيكون زاهراً لولا عملية الانقلاب الفاشلة، فاحتضانها للمدرسة العسكرية في تلك الفترة كان مؤشراً على جعلها مشتلاً لكبار الأطر العسكرية في المغرب، وهو ما كان سيحرك المنطقة على جميع الأصعدة. لكن البلدة تنقسم اليوم إلى منطقتين متباعدتين وبدون تناسق في التهيئة الحضرية، حي "الفيلاج"، وهو بمثابة الحي الرئيسي حيث توجد أغلب المرافق الضرورية مثل الجماعة الترابية، وحي "لاكار"، ويوجد في مدخل المدينة، ويشتهر بالسوق الأسبوعي ليوم الاثنين. كما هو حال باقي البلدات والقرى في المغرب، تنتشر المقاهي في أهرمومو كالطفيليات، فهي ملاذ للشباب العاطل كما المتقاعدين والموظفين أيضاً؛ إذ لا توجد مشاريع كبيرة هنا تنتشل أبناء المدينة من البطالة. وحده المسجد في حي "الفيلاج" يبدو أنيقاً في أهرمومو، بصومعة سامقة وبناء معماري جميل، يقصده المصلون بشكل كبير، وفي شهر الصيام يكون قبلة لحشود هائلة لا تنفض إلا بعد التراويح، وعلى مقربة منه توجد حديقة متواضعة يتخذها الشبان مكاناً لتزجية الوقت. أبناء المنطقة يرثون إلى حد الساعة الحظ التعيس من بلدتهم، ويعتبرون أنها "تعاني لعنة التهميش والحكرة"، كما صرح بذلك لهسبريس محمد قرموع، طالب باحث في جامعة فاس عضو الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان. وقال الشاب بحسرة: "سكان المنطقة الصغيرة يدفعون الثمن جراء هذا الإقصاء الذي ليس لهم يد فيه سوى أنهم من أبناء هذه المنطقة الملعونة، وهو التهميش الذي أثر سلباً على دينامية وحركية المنطقة على جميع المستويات والأصعدة". وأشار قرموع إلى أن شباب المنطقة ليس لديهم أي متنفس يلجؤون إليه للعمل، ولا دار شباب أو دار ثقافة بمعايير جيدة، إضافة إلى غياب المرافق الترفيهية كملاعب القرب، مضيفا: "حتى البنية التحتية من طرقات فهي متدهورة وتزداد تدهورا في فصل الشتاء". وأبرز المتحدث ذاته أن هذا الوضع يدفع عدداً من الأسر إلى الانتقال إلى مدينة صفرو القريبة من أجل ضمان مستقبل لأبنائها لكي يكونوا قريبين من المدارس العليا والكليات في مدينة فاس، في ظل غياب مؤسسات خصوصاً في التكوين المهني بأهرمومو. ويرى الناشط الحقوقي أن على الجهات المسؤولة أن تكثف جهودها من أجل النهوض بالبلدة وإيقاظها "من سباتها العميق ومن عزلتها التي تعاني منها لأزيد من نصف قرن"، موردا أن هناك مؤهلات سياحية واقتصادية يمكن استثماراها لتحريك عجلة التنمية. وتتوفر أهرمومو على أراض فلاحية خصبة، خصوصاً في سهول زلول والمناطق المجاورة، وتوجد على مقربة من المدار السياحي لجبال بويبلان وموسى أوصالح، وهي إحدى أجمل السلاسل الجبلية في الأطلس المتوسط. آخر إحصاء في المغرب يُشير إلى أن ساكنة "رباط الخير" تبلغ 16 ألف نسمة، حوالي 4000 أسرة، البطالة تمس أكثر من 30 في المائة منهم، ويضطر شبابها بعد الدراسات العليا في فاس إلى العودة للاستقرار فيها بدون عمل أو التوجه نحو الأقطاب الاقتصادية الكبرى، كالدار البيضاء أو طنجة.