في الوقت الذي يشهد فيه المغرب ثورة رقمية غير مسبوقة وانتشار مئات الصفحات الاجتماعية على مواقع التواصل الاجتماعي، دعا مستشارون برلمانيون الحكومة إلى ضرورة مراقبة نشطاء "فيسبوك" الذين ينتهكون حرية المغاربة الشخصية ويمسون بسمعة المؤسسات الدستورية والمدنية والنقابية في البلاد. وطالب الفريق الاشتراكي، في جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بمجلس المستشارين اليوم الثلاثاء، وزير الثقافة والاتصال بالضرب بيد من حديد ضد كل من سولت له نفسه الاعتداء على الحرية الشخصية، سواء للأشخاص أو لمختلف المؤسسات، وقال إن "هذه التجاوزات تبخس قيم وأعراف المجتمع المغربي؛ الأمر الذي يفرض محاصرة هذا المد الذي لا يخدم الديمقراطية". عبد الحميد الفاتيجي، عضو الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، شدد أيضاً على ضرورة عدم اكتفاء الحكومة بالمقاربات الزجرية، "بل يجب أن تشمل المجال التربوي والثقافي والفني، من قبيل إطلاق حملات التوعية الإعلامية في قنوات القطب العمومي للتعريف بهذه التجاوزات التي تقع على الشبكات الاجتماعية". في مقابل ذلك، قال محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، إن "مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر فضاءات خاصة لممارسة الحريات المنصوص عليها في بلادنا والمواثيق التي صادق عليها المغرب"، وتابع: "نحرص على ضمان هذه الحريات في إطار القانون، وهو ما يجعل المنظمات الدولية تعتبر أن المغرب يحترم هذه الحريات". لكن المسؤول الحكومي نبه "سكان فيسبوك" بالمغرب إلى خطورة بعض التجاوزات التي يمكن أن تقع بين الفينة والأخرى، والتي قد تشكل مخالفات تستوجب المتابعة القانونية. وأوضح الأعرج أن هذه المخالفات عندما يتم اقترافها من طرف صفحات اجتماعية تابعة لمواقع إلكترونية، فإنه يُطبق عليها القانون 88.13، "لأن المسطرة واضحة تنص على حماية النظام العام وحماية حصانة المحاكم والأطفال والحياة الخاصة للأفراد والحق في الصورة". أما الممارسات التي تقع خارج صفحات المواقع الإلكترونية، يُضيف الوزير، فإن "النيابة العامة هي من يحرك المتابعات القضائية، أو أن الأشخاص المتضررين يقدمون شكايات بطريقة فردية". ولفت الوزير الأعرج إلى أن وزارة الاتصال تتوصل بعشرات الشكايات من قبل مواطنين تضرروا من تجاوزات "فيسبوك"، وتتم إحالتها على النيابة العامة المختصة بمتابعة الملف. وأكد المسؤول الحكومي أن مديرية الدراسات القانونية تعمل حالياً على إعداد تصور جديد لمعالجة المظاهر السلبية المنتشرة على الإنترنت، خصوصا تلك المتعلقة بالحياة الخاصة أو التشكيك في مؤسسات الدولة. يشار إلى أن آخر دراسات أصدرتها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات كشفت أن حوالي نصف سكان المغرب يستخدمون الشبكة العنكبوتية، أي حوالي 15 مليون شخص، 53% منهم يرتبطون بالإنترنت بطريقة يومية و35% على الأقل مرة في الأسبوع. وبينت المعطيات الرسمية أن شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة "فيسبوك"، تعد أول استخدام للإنترنت عند المغاربة، وأوردت إحصائيات الوكالة أن حوالي 39% من الأسر المغربية تتوفر على وسيلة للولوج إلى الإنترنت، أغلبها تستخدم تقنية الجيل الثالث لدخول شبكة الإنترنت، في حين تستخدم العائلات الأخرى خط الإنترنت الثابت. وذكرت أن موقع "فيسبوك" وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي تستقطب 86% من بين مستخدمي الإنترنت، كما يهتم المغاربة أيضاً بتحميل الأغاني وخدمات الرسائل الفورية ورسائل البريد الإلكتروني.