طلبت المملكة المغربية بشكل رسمي من الهيئات الأممية المعنية باللاجئين ضرورة فتح تحقيق دولي حول الوضعية في مخيمات تندوف الصحراوية التي توجد في الأراضي الجزائرية، حيث يعيش عدد من المواطنين أغلبهم من الأقاليم الجنوبية المغربية. هذا الموقف ليس بجديد؛ فقد سبق للرباط أن طالبت به منذ سنوات، إلا أنه اتخذ هذه المرة بشكل رسمي بعد توالي تحركات الجزائر لدعم جبهة البوليساريو التي تتحكم في سكان مخيم تندوف الواقعة في الجنوب الغربي من الصحراء الجزائرية. ولم تكشف الدبلوماسية المغربية عن تفاصيل هذه الخطوة الرسمية التي اعتزمت خوضها ضد البوليساريو، لكن يعتقد أنها ستكون موجهة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان، خصوصاً في ظل الحديث عن ظروف مزرية في المخيم ووجود معتقلين في سجن يطلق عليه "الذهبية"، يتواجد قرب منطقة الرابوني. وسبق لعدد من المعتقلين في هذا السجن أن تحدثوا عن انتهاكات تطالهم، بعد خوضهم لاحتجاجات عدة تطالب بإصلاحات داخل مخيمات اللجوء، ودعوا المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين إلى التدخل من أجل صون كرامتهم. ويرى مراقبون أن بيان وزارة الخارجية المغربية حمل لغة جديدة في التعاطي مع موضوع اللاجئين؛ إذ تحدث "عن المواطنين والأشقاء"، وهو الأمر الذي كان قد أكد عليه الملك محمد السادس في خطاب من مدينة العيون قبل سنوات. ويُنظر إلى هذه اللغة على أنها مقاربة جديدة تعتمد الهجوم أكثر من الدفاع، وهي خطوة ستسهم في تحديد مسؤولية الجزائر في نزاع الصحراء، خصوصاً في ظل استفادة المخيم من أموال دعم إنسانية كثيراً ما تطرح حولها مسألة الشفافية. ويتوزع اللاجئون الصحراويون على خمسة مخيمات قرب منطقة تندوف في الجزائر، ويبلغ تعداد ساكنتها، حسب أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قرابة 80 ألف شخص، ويعتبر المغرب هؤلاء اللاجئين مواطنين وأشقاء للمغاربة محتجزين في ظروف مزرية وغير إنسانية. كما تتهم المملكة الجبهة بتحويل المساعدات الإنسانية التي يمنحها المجتمع الدولي للمخيمات إلى قيادة البوليساريو، عبر بيعها في أسواق الجزائر لتحقيق الإثراء الشخصي، وهو ما كانت تدعو الرباط دائماً إلى التحقيق فيه. وأمام توالي تحركات البوليساريو في الحدود، شددت المملكة المغربية بشكل صريح على حرصها القاطع على الدفاع على وحدتها الترابية ووحدتها الوطنية على كافة تراب الصحراء المغربية، مطالبةً بعثة المينورسو، التابعة للأمم المتحدة، بالقيام بواجبها إزاء الخروقات المتكررة لوقف إطلاق النار. كما كان لافتاً أن يشير المغرب في بلاغ وزارة الخارجية، الصادر أمس السبت، إلى خرق الجزائر لميثاق الاتحاد المغاربي، أولاً بإغلاق الحدود وثانياً باستقبال حركة مُسلحة على أرضه تهدد الوحدة الترابية لدولة أخرى عضو في الاتحاد. ويؤكد ميثاق الاتحاد المغاربي، في هذا الصدد، على صيانة استقلال كل دولة من الدول الأعضاء، والعمل تدريجياً على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها، كما يعمل أيضاً على تمتين أواصر الأخوة التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها بعضها ببعض. وقد كان هذا الخلاف المستمر مع الجزائر سبباً في عدم نجاح الاتحاد المغاربي، الذي أسس قبل ثلاثة عقود في معاهدة وقعت بمدينة مراكش، وهو اليوم يعتبر من ضمن الاتحادات الإقليمية التي تضيع فرصاً اقتصادية كبيرة.