منذ ثلاث وثلاثين سنة، هاجر المعلم حسن حكمون، عاشق الفن الكناوي، إلى أمريكا باحثا عن تحقيق حلمه "الأمريكي الفني". عاش حسن حكمون بين نيويورك وكاليفورنيا، واستطاع أن يشق لنفسه مسارا فنيا واعدا على امتداد سنوات من الإبداع والإنتاج الفني والموسيقى والكتابة الموسيقية. ولد حسن بمدينة مراكش من أمّ "مقدمة" كناوية عشقت هذا الفن حتى النخاع ، وترعرع وسافر إلى العديد من المدن بحثا عن شظايا فن كناوة المتفرقة بين جنوب وشمال المغرب. عاشق الفن الكناوي يحكي، في هذا الحوار مع هسبريس، تفاصيل قصة هجرته إلى أمريكا وعن رحلته الطويلة مع "فن كناوة"، التي سمحت له بلقاء فنانين عالمين في الجاز والبلوز أحيا إلى جانبهم حفلات وجولات موسيقية عالمية عبر القارات الخمس؛ كان آخرها مشاركته في اليوم العالمي للجاز بروسيا، نهاية أبريل الماضي. كيف تتذكر بداياتك في نيويورك كمهاجر شاب؟ وصلت إلى أمريكا منذ 33 سنة، وكانت تجربتي مع الهجرة كانت جد شاقة؛ فلم يكن هنا في نيويورك الكثير من المغاربة مثل اليوم.. التقيت ببعض الأصدقاء الأمريكيين والمغاربة الذين وقفوا إلى جانبي وساعدوني للاستقرار هنا.. وقد صاحبتني في هجرتي الموسيقى التقليدية المغربية "كناوة" التي لم تكن معروفة هنا، وقد عملت جادا للتعريف بهذا الفن، وأضفت إليه العديد من الأمور. الحمد لله، اشتهرت موسيقى "كناوة" في نيويورك وكاليفورنيا وكل أمريكا واشتهرت معها سواء على المستوى الأمريكي أو على المستوى العالمي. لماذا الهجرة إلى أمريكا؟ منذ سن الرابع عشرة، كنت منبهرا بموسيقى وأغاني Michael Jackson وPrince، وترعرعت مع موسيقاهما وأغانيهما وكنت دائما أحلم بأن أهاجر يوما إلى أمريكا.. وأتذكر أنني يوم وصلت إلى هنا كان معي في جيبي درهم واحد، وما زلت أحتفظ به إلى اليوم. وقد تعاون معي العديد من المغاربة، خصوصا الطلبة وبعض المغاربة من الطائفة اليهودية. وأتذكر أن الأيام كانت جد جميلة، وأتمنى لو أنها تعود، خصوصا أن جل المغاربة آنذاك كانوا منخرطين في جمعية واحدة ليس مثل اليوم، الذي أصبحنا نرى فيه العديد من الجمعيات؛ بالرغم من أن المغاربة كانوا يعيشون في كاليفورنيا أو بوسطن كانت تجمعهم جمعية واحدة لا أكثر. متى بدأت علاقتك بفن كناوة؟ يوم ولدت في مراكش وجدت فن كناوة في البيت؛ لأن أمي كانت "مقدمة" لكناوة، وكان بيتنا محجا للعديد من المعلمين الكناويين ما زلت أذكر منهم المعلم العياشي باقبو وعبد اللطيف ولد سيد عمارة والمعلم المسوب والمعلم الغراب رحمه الله والمعلم أحمد ولد باقبو ومصطفى والمعلم المحجيب والمعلم بامبارك من سيدي عمارة والمعلم حسن القادري وغيرهم كثير.. وقد كبرت بين هؤلاء، وسافرت كثيرا داخل المغرب لأتعرف على موسيقى كناوة وعلى تلاوينها؛ لأن طريقة اشتغال كناوة مراكش ليست هي طريقة كناوة الدارالبيضاء ولا مثلها في الرباط أو مكناس وفاس وكذلك الشمال.. فقد زرت كل هذه المدن؛ وهو ما سمح لي بالتعرف على العديد من المعلمين في ذلك الإبان، وتعلمت منهم الكثير. كيف كانت أولى خطواتك مع كناوة في نيويورك؟ في أول بداياتي مع فن كناوة في نيويورك، أسسنا فرقة أنا وفنان أمريكي وآخر مغربي أطلقنا عليها اسم "زهار / Zahar". وبعد ذلك، تعرف علينا أحد الفنانين الكبار هنا في أمريكا واستدعانا إلى التلفزيون وبعد ظهورنا في إحدى القنوات الأمريكية سنة 1989 تعرفت على بيتر غاربيل Peter Gabriel وهو من ساعدني ورفعني إلى مستوى مهم، ومكنني من إحياء حفلات أمام الآلاف من الجماهير وقمت معه بجولات في أوروبا وأمريكا. وأذكر أننا شاركنا في مهرجان وود ستاك Woodstock Concert سنه 1994 الذي اشتهر بمشاركة العديد من الفنانين العالين من أمثال “ Jimi Hendrix ” و” Pink Floyd “ و“ Santana” ... وإن مروري في مثل هذا المهرجان كان شيئا مهما في مساري الفني كفنان مغربي وإفريقي. وقد اشتغلت إلى جانب العديد من الفنانين العالميين، وتعرف علي “ Stevie Wonder” و“ Herbie Hancock وغنيت إلى جانب Don Cherry حيث أنتجنا شريطا لموسيقى كناوة رتب في رتبة مهمة حسب مجلة Billboard Magazine .. وبعد ذلك، كتبت العديد من الأغاني لعدد من الفرق الموسيقية منها فرقة Kronos Quartet والأغنية التي كتبتها لهم احتلت المرتبة الأولى لمدة 37 أسبوعا بمجلة Billboard Magazine. ماذا عن مشاركاتك الدولية الآن؟ شاركتُ، نهاية أبريل الماضي، في واحد من أكبر المهرجانات الدولية للجاز ويسمى “اليوم العالمي للجاز“ بروسيا الذي يديره الفنان العالمي Herbie Hancock الذي ليس من السهل العمل معه في نفس الخشبة، وهو من استدعاني للغناء في هذا المهرجان إلى جانب فنانين من كوبا واليابان وإيطاليا وأمريكا، وأنا كنت أمثل إفريقيا إلى جانب الفنانة المالية فاطيمتا، وقد نقل بشكل مباشر للمئات من القنوات التلفزيونية العالمية. ماذا عن فن كناوة بالمغرب اليوم؟ بالنسبة إليّ منذ 33 سنة وأنا منخرط في التعريف بالفن الكناوي، الذي وصل إلى مراتب عليا بفضل عدد من المعلمين الكناويين المغاربة وكذلك بمساعدة مهرجان موسيقى كناوة الذي يقام بمدينة الصويرة. وهنا أنتهز هذه المناسبة لأشكر كل الأطر والمنظمين والمحبين لكناوة الذين يسهرون على هذا المهرجان لأزيد من عشرين سنة، وكذلك الذين يعملون على حماية هذا الفن... أنا رهن إشارة هذا الفن، فبالرغم من وجودي بأمريكا فإنني أمثل دائما المغرب أينما رحلت وارتحلت. وكل ما أطلبه من الشباب الصاعد الراغبين في التعاطي مع هذا الفن هو ضرورة الإنصات للمعلمين الكناويين الذين سبقوهم لهذا المجال وضرورة احترامهم.