في سياق التحضير للمؤتمر الدولي حول الهجرة والتنمية، الذي ستستضيف أشغاله مدينة مراكش ابتداء من دجنبر المقبل، جرى مساء اليوم الثلاثاء، بفضاء كلية أكدال بالرباط، حفل تقديم المؤلف التوثيقي القانوني الذي أنجزه مجلس الجالية المغربية بالخارج حول "الوضعية القانونية للمغاربة المقيمين بالخارج"؛ وذلك بحضور أستاذة باحثين ومسؤولين إداريين وأعضاء وأطر بمجلس الجالية وممثلين لمغاربة العالم. المؤلف التوثيقي الذي أعدّه ونسق مواده محمد بنيحيى، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومدير المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، وقام بتقديمه الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، يتضمَّن خمسة مُجلدات تتناول على التوالي: "الجزء الأول: القانون الوطني والدولي (600 صفحة)، الجزء الثاني: الاتفاقيات الثنائية في مجال تشجيع وحماية الاستثمارات على وجه التبادل (496 صفحة). فيما تناول الجزء الثالث الاتفاقيات والاتفاقات الثنائية بشأن منع الازدواج الضريبي في مادة الضريبة على الدخل (516 صفحة)، أما الجزء الرابع فتناول الاتفاقيات والاتفاقات الثنائية في المجال التعاون القضائي (640 صفحة)، ثم الجزء الخامس الذي همَّ الاتفاقيات والاتفاقات الثنائية في مجال التشغيل والضمان الاجتماعي وفي مجالات متنوعة". وفي هذا الصدد أكد الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، أن "هذا المؤلف التوثيقي القانوني يمكن كلا من المغاربة المقيمين بالخارج، ومختلف المؤسسات والسلطات العمومية والفاعلين المهتمين بقضايا الهجرة، من التعرف على الإطار القانوني الوطني والدولي والاتفاقي المنظم للوضعية القانونية لهذه الفئة الهامة، التي تعتبر من مكونات الأمة المغربية التي تساهم بشكل كبير وفعال في تنمية الوطن". وأوضح بوصوف في كلمة له خلال اللقاء أن "سياق تقديم هذا الكتاب يتقاطع مع احتضان المغرب في دجنبر المقبل لقاءين دوليين هامين؛ اللقاء الأول يتعلق بالمنتدى الدولي حول الهجرة والتنمية، فيما يتعلق الثاني ب"الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة"، وقال إن "احتضان المغرب لهذين الموعدين المرتبطين بقضية الهجرة يمثل اعترافاً بالدور الريادي الذي تلعبه المملكة في تدبير تدفقات الهجرة على الصعيد العالمي بشكل عام، لاسيما في إفريقيا وفي الفضاء الأورومتوسطي، علما أن الملك محمد السادس رائد الاتحاد الإفريقي في موضوع الهجرة". وتابع بوصوف: "السياسة التي يَنْهجُها المغرب في مجال الهجرة هي سياسة ذكية تقوم على مقاربة إنسانية وحقوقية بالدرجة الأولى، وهو ما يجعلنا نموذجاً استثنائياً في المنطقة المتوسطية، في وقت جعلت بعض البلدان من قضايا الهجرة قضايا للاستهلاك السياسي"، لافتاً إلى أن "هناك هوة شاسعة بين ما هو نظري وبين واقع الجاليات". وأورد المتحدث ذاته أن "الخطابات والرسائل الملكية كلُّها تؤكد على الأهمية التي يوليها الملك لقضايا الهجرة؛ بدءا من خطاب 1999، إذ تتوفر على رؤية استشرافية ومستقبلية"، قبل أن يتساءل: "إلى أي مدى نجد في ترسانتنا القانونية أثرا لهذه التوجيهات الملكية؟"، مشيراً إلى أن "الجالية المغربية تعيش تحولات كبرى، من ضمنها أنها أصبحت مؤنثة، إذ إن 50% من مغاربة العالم نساء، حققن أهدافهن في بلاد المهجر"، على حد تعبيره. التحول الثاني الذي استعرضه بوصوف ضمن كلمته يتعلق بكون الجالية المغربية أصبحت شبابية؛ أي إن المهاجرين المغاربة هم شباب يغادرون وطنهم من أجل استكمال دراساتهم أو للبحث عن العمل، قبل أن يشير إلى أن "هذه التحولات كلها انعكست على واقع مغاربة العالم". وفي السياق نفسه قال لحبيب الدقاق، عميد كلية الحقوق أكدال بجامعة محمد الخامس، إن "مجلس الجالية ومنذ تأسيسه سنة 2007 يسعى إلى اعتماد إستراتيجيات حديثة للتواصل والتفاعل والتعاون مع بلدان الاستقبال على المستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي؛ وذلك للحفاظ على مصالح المغاربة المقيمين في الخارج، كما يحرص على تتبع السياسات العمومية ذات الصلة، بهدف تأمين علاقات متينة للجالية المقيمة بالخارج مع وطنهم الأصلي وهويتهم المغربية". وأشار الدقاق إلى أن "دستور المغرب أقر في الفصل 17 لمغاربة العالم حقوق المواطنة الكاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات انطلاقاً من بلدان الإقامة"، وأضاف: "المؤلف التوثيقي يؤسس لرؤية إستراتيجية مستقبلية للنهوض بمصالح هذه الفئة".