لا تزال المداعبات والمشاكسات الأخيرة التي أبدتها الرضيعة ليلى الغندور، ابنة الثمانية شهور، حاضرة في ذاكرة والدتها، كأنها حدثت لتوّها. لكن الغاز المدمع الذي ألقاه الجيش الإسرائيلي فوق رؤوس المتظاهرين المدنيين، في المجزرة التي ارتكبها يوم الاثنين قرب حدود قطاع غزة، أخمد تلك المداعبات، وخنق رئتي الطفلة، وتسبب باستشهادها. وكانت وزارة الصحة قد أعلنت، في ساعة مبكرة من فجر الثلاثاء، عن استشهاد الرضيعة الغندور، جرّاء اختناقها بالغاز المدمع. وتقول والدة الطفلة "مريم الغندور"، لوكالة الأناضول، وهي تمسح دموعها، إن "الجيش الإسرائيلي حرمها من أول فرحة في حياتها". وتوضح الأم الثكلى، أنها لم تكن برفقة طفلتها في المسيرات، حيث مكثت في المنزل لمرض ألمّ بها، وأن شقيقها الصغير "عمار" البالغ من العمر 13 عاماً، هو من أخذها دون علمها، ووضعها إلى جانب والدتها (جدة الطفلة)، التي كانت مشاركة في المظاهرات السلمية. وتضيف إن الرضيعة ليلى "كانت مبعث بهجة وسرور في المنزل، وكانت تبتسم لكل من يراها وتداعبه". وتحمّل الوالدة "مريم" "إسرائيل المسؤولية الكاملة عن استشهاد طفلتها ليلى، بالاختناق جرّاء استنشاق الغاز المدمع؛ والمحرم دولياً". وأما الجدة "هيام عمر" (37 عاماً)، التي كانت مشاركة في المسيرات، فتقول إن الجيش الإسرائيلي كثّف من إطلاق النيران وقنابل الغاز رغم وجود أطفال في مسيرة العودة. وأثناء حالة التصعيد التي شهدها مخيّم العودة الحدودي، حمل ابنها "عمار"، الرضيعة ليلى بين ذراعيه خوفاً عليها، وبدأ بالركض نحو والدته (جدة الطفلة) كي تحميها من الغاز المنبعث من القنابل الإسرائيلية. لكنه لم ينجح في ذلك، واستنشقت الرضيعة الغاز، كما تروي الجدّة التي حضنت "ليلى" بين ذراعيها وحاولت أن تحميها من "الوحشية الإسرائيلية المرتكبة بحق المتظاهرين". وحينما عادت الجدة إلى بيتها الكائن في حي الصبرة بمدينة غزة، تغيّر لون الرضيعة للون الأزرق، حسبما تقول، فهرعت إلى المستشفى، لكن الطبيب أخبرهم أن "الرضيعة استشهدت جرّاء استنشاقها للغاز". وطالبت عُمر بمحاكمة الجيش الإسرائيلي على جرائمه التي يرتكبها بحق المتظاهرين السلميين، خاصة الأطفال. وكان المرصد "الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" (مقره جنيف)، قد قال إن الغاز الإسرائيلي مكون من "مواد تسبب رجفات كبيرة وحالات إغماء، وقد يؤدي إلى التهابات مزمنة في الرئتين وتشنجات مزمنة في الأعصاب". وارتكب الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين مجزرة بحق المتظاهرين السلميين على حدود قطاع غزة، حيث قتل 60 شخصا وجرح أكثر من 2770 آخرين، بالرصاص الحي، والمطاطي، وقنابل الغاز المسيل للدموع. وكان المتظاهرون يحتجون على نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس، ويحيون الذكرى ال 70 ل"النكبة" الفلسطينية. *وكالة أنباء الأناضول