أكد المتدخلون في جلسات المنتدى الدولي في موضوع "الثقافة الأمازيغية ومستقبل الديمقراطية في بلدان شمال إفريقيا"، الذي انطلق السبت بفاس، على أهمية النهوض بالثقافة الأمازيغية لإرساء دولة الحق والقانون، ونشر ثقافة الديمقراطية والتعددية الثقافية. وناقشت جلسات هذا اليوم من المنتدى، الذي يدخل ضمن فعاليات الدورة ال14 لمهرجان فاس للثقافة الأمازيغية، التي افتتحت الجمعة وتختتم الأحد، "الحركة الثقافية الأمازيغية.. حصيلة وآفاق"، و"الأمازيغية، المواطنة والثقافة الديمقراطية"، و"الثقافة الأمازيغية، الديمقراطية والأدب". وتدخل في فعاليات هذه الجلسات باحثون وجامعيون من شمال إفريقيا وأوروبا وأمريكا، حيث ترأست الجلسة الأولى، التي خصصت لمحور "الحركة الثقافية الأمازيغية.. حصيلة وآفاق"، فاطمة صديقي، الباحثة بالمعهد الدولي للثقافة واللغات بفاس، والتي أكدت، في تصريح لهسبريس، أن هذه الجلسة شكلت فرصة لتقييم ما حققته الحركة الثقافية الأمازيغية بشمال إفريقيا من مكتسبات، وما تطمح إلى الوصول إليه من تطلعات. واعتبر موحى الناجي، رئيس مركز جنوب شمال، والذي تدخل في هذا المنتدى بموضوع عنونه ب"الاعتراف بالهوية الأمازيغية.. خطوة نحو الديمقراطية"، أن "الاعتراف الرسمي باللغة الأمازيغية يشكل خطوة أساسية في جهود المغرب والجزائر لتعزيز مصداقيتهما الديمقراطية". "إن عملية قبول المجتمعات الأمازيغية في الحياة العامة عملية طويلة ومعقدة، ولكنها تساعد، في نهاية المطاف، بلدان شمال إفريقيا على تبين، محليا وخارجيا، أن التحول الديمقراطي يمكن أن يحدث من خلال الإصلاحات السلمية"، يقول موحى الناجي، الذي ذكر بأنه تاريخيا كان للحركة الأمازيغية مطلبان أساسيان، وهما منح اللغة الأمازيغية وضعها الرسمي وإدماج المجتمع الأمازيغي في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. من جانبها، وصفت نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، في تصريح أدلت به لهسبريس، مهرجان فاس بالمهرجان الثقافي الرائع، مشيرة إلى أنه "تبرز، من خلاله، قدرة المجتمع المدني والأمازيغ على التعبير عن أنفسهم". وأكدت بكر، التي شاركت في المنتدى بمداخلة تحت عنوان "مستقبل الديمقراطية في شمال إفريقيا"، على أهمية ترجمة الدساتير على أرض الواقع لإعطاء الفرصة للجميع للمشاركة في بناء الوطن، موردة أنه "يوجد، أحيانا، بعض الأشخاص المتشبعين بالثقافة الإقصائية". وكانت المتحدثة المصرية قد أبرزت، في مداخلتها، أن "الصراعات الشعبية في شمال إفريقيا لا تهدف إلى تحرير المنطقة من الديكتاتوريات فحسب، بل، أيضا، إلى تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين بطريقة تعالج مشاكلهم"، مشيرة إلى أنه "من المعتقد، عموما، أن الأنظمة الديمقراطية تتصدى لهذه المشاكل بشكل أفضل من النظم الاستبدادية". وتميز هذا المنتدى بتدخل بوثينة بن كريديس، الباحثة في القانون الدولي الإنساني في كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بجامعة قرطاجبتونس، والتي أوضحت، في تصريح لهسبريس، أنها خصصت مداخلتها للحديث عن التعدد الثقافي والديمقراطية في تونس بعد الثورة، مشيرة إلى أن الثقافة الأمازيغية في بلدها ما زالت في عزلة، حتى بعد الثروة. واعتبرت متحدثة هسبريس أنها بينت "أهمية الحق في الاختلاف الثقافي والتسامح والتعايش لبناء مجتمع ديمقراطي يقوم على مناهضة قيم الرفض والإقصاء والتطرف"، مشيرة إلى "ضرورة الدفاع عن الثقافات الأصلية، وعن الأقليات، وجعلها تعبر عن حقوقها، وعن حريتها، التي هي، أيضا، مضمونة في دساتير البلدان والقوانين الدولية، والتي لا تطبق على أرض الواقع". يذكر أن اليوم الثاني من مهرجان فاس للثقافة الأمازيغية، المنظم من لدن جمعية فاس سايس ومركز جنوب شمال، عرف، كذلك، على هامش انعقاد جلسات المنتدى، تنظيم لقاء مفتوح مع الكاتب المغربي الطاهر بن جلون، أعقبه توقيع مؤلفات له.