أبرز نسيم حداد، الباحث في الموسيقى التراثية، أنّ فنّ العيطة يفتقرُ لمُقاربة لحنية وفق أسس خاصة به، وغياب التدوين للنظم اللحنية والتركيبات الإيقاعية؛ وهو ما يقف عائقاً أمام وصوله إلى العالمية. ومن أجل مواجهة هذه الإشكالات، شدّد الباحث المغربي على ضرورة التخلص من إشكالية المصدر الواحد لدى الباحث في هذا الصنف التراثي، وتطوير البحث العلمي في هذا المجال من خلال إحداث شعبة الميزوكولوجيا والايثنوميزوكولوجيا في الجامعات. ودعا حدّاد، في لقاء احتضنته "فيلا الفنون" بالرباط، حول "الانتقال بفنّ العيطة من هياكله التقليدية نحو موسيقى عالمية"، إلى "خلق صناعة موسيقية للرّقي بالنمط الغنائي الشعبي وصناعة نجوم في مجال العيطة، والتخلص من النظرة المحافظة والتفرقة بين الحفاظ على التراث والاستثمار في الفن". وبالرغم من أنّ مصدر العيطة يظل مجهولاً، فإنّها تتمتع بالتنوع والاختلاف من عيطة إلى أخرى حسب توزعها بين المناطق المغربية؛ لأن "فنّ العيطة يفتقر للغة عيطية ونص مُوحد، ويتمتع باختلاف الانطباعات الموسيقية اللحنية، وهيكلة إيقاعية تنطلق من البسيطة جداً إلى المعقدة"، يوضح الباحث في الموسيقى التراثية. وفي جرده لتاريخ الموسيقى في المغرب، يُوضح حداد أنّ الحديث عن نظام موسيقي وفضاءات موسيقية فرجوية والمُتاجرة في الآلات ظهر في العصر المرابطي، ليظهر نوع غنائي شرقي بدوي شبيه بالرمى في العصر الموحدي، ثم ظهور الموسيقى الأندلسية في العصر المريني، مع نزوح عدد كبير من الأندلسيين". ويضيف الباحث في الموسيقى التراثية: "أمّا ازدهار فن العيطة قد كان خلال المرحلة الاستعمارية والمغرب الحديث لدى السلاطين، حيث غنت العيوط بالمولى الحسن والتحركات السلطانية، وتجييش منطقة عبدة لمؤازرة السلطان آنذاك"، مسترسلا حديثه: "في المغرب الحديث، ظهرت ظاهرة عيطية جديدة أطلق عليها ب"القيدية"، لارتباطها بالقياد والباشوات؛ من بينهم الباشا التهامي الگلاوي، وميلود العيادي، ثم القايد عيسى بن عمر، وخربوشة". من جهته، أوضح حجيب فرحان، الفنان الشعبي والباحث في فن العيطة، في مداخلته، أنّ "العيوط عبارة عن هندسة موسيقية تنطلق من إيقاع لحني ثقيل وتنتهي بآخر خفيف"، واصفاً الأغاني الموسمية ب"دخان السْحور". وأبرز حجيب أنّ الشيخة، التي يُنظر إليها اليوم بنظرة دونية، هي الشاعرة المناضلة التي واجهت المستعمر واعتقلت؛ لكنّ الاستعمار الفرنسي أخرج الشيخة لترقص من أجل الفرجة. وتابع الفنان الشعبي والباحث في فن العيطة قوله: "العيطة تؤدى بدون رقص؛ لكن الأغاني الحديثة جددت فيها، وأدخلت عليها حركات راقصة".