اتسمت العلاقات الثنائية المغربية السينغالية على إثر التصريح المعادي للحزب الاشتراكي السينغالي لوحدتنا الترابية بنوع من الفتور، وهو تصريح جاء في الوقت الذي خطا فيه ملف وحدتنا الترابية خطوات جبارة لإعادة السلم والسلام الى المنطقة، بعد ضمان حشد واسع للدول الشقيقة والصديقة المؤيدة لقرار الحكم الذاتي في جنوب الصحراء المغربية. وبالرغم ما طبع تصريح الحزب الإشتراكي السينغالي من تهور واتخاذه قرارا بعيدا عن الحكمة والتبصر، فإن الحكومة المغربية أغفلت في استدعائها للسفير المغربي من بلد السينغال الشقيق، العلاقات التاريخية والحضارية والثقافية، وكذا المصالح السياسية والاقتصادية التي تجمع بين الدولتين العريقتين، المغرب والسينغال. والمبادرة التي اقدمت عليها الحكومة المغربية قد تخفي شيئا من الحقائق والمعطيات التي تشكل إحدى حلقات اندفاع الحزب الاشتراكي السينغالي والمخاطرة باللعب على الحبل الذي يجسد العلاقة بين المغرب والسينغال، وهذه القضية التي أججت الوضع بين البلدين، تدور حول احتمالين، كمحورين أساسيين في اللعبة المفتعلة. فالإحتمال الأول يكمن في كون التصريح الذي أعلن عنه الحزب الاشتراكي السينغالي في مؤتمر ما يسمى ب"البوليساريو" في تفاريتي، والذي أريد منه المس بمشاعر المغاربة في قضية وحدتهم الترابية، تصريح لا يعبر عن رأي الحكومة السينغالية، وفي هذه الحالة فإن استدعاء السفير المغربي من طرف الحكومة المغربية، يعتبر خطأ مادام أن الموقف لا يهم سوى حزب لا يمثل الحكومة، وهذا ما دفع بالحكومة السينغالية إلى استعمال ورقة استدعاء سفيرها المقيم بالمغرب من أجل التشاور! أما الاحتمال الثاني الذي لا يقل أهمية عن سلفه هو أن الحكومة المغربية كانت سباقة في ظرف زمني قياسي الى اتخاذ قرار استدعاء سفيرها بالسينغال لكونها تتوفر عل أدلة وحجج دامغة، تؤكد لا محالة أن ما ادعاه الحزب الاشتراكي السينغالي، وما صدر عنه هو بايعاز من الحكومة السينغالية، وهذا ما غيبته الحكومة السينغالية عن المغاربة. ومن باب الجرأة والشجاعة ان تعلل الحكومة السينغالية موقفها بتقديم البرهان حتى تشفع على ما صدر عنها من قرار قد يصب الزيت في نار العلاقات بين البلدين. والواقع انه في كلتي الحالتين فان الأزمة المفتعلة بين البلدين والتي نعتبرها مجرد سحابة صيف عابرة قد لا تضر بالمصالح الثنائية اذا ما استحضرنا العلاقات التاريخية التي تربط البلدين، ومنذ القدم، كما تسيئ الى التراث الثقافي المشترك والتعاون الاقتصادي الذي يعرف تقدما ملموسا بين البلدين، واعتبارا لما يشجع بين البلدين من حسن الجوار والقيم المثلى والأهداف الموحدة لنصرة القضايا الاسلامية والافريقية والجهوية، فان المنطق يقتضي من الحكومة أن تعيد قراءتها للموقف المتسرع الذي اتخذته دون استحضار العواقب المستقبلية على المصالح المشتركة بين المغرب والسينغال. ""