رسميًّا، وكما كان متوقعا، أعلن حزب الاستقلال قلب الطاولة على الحكومة، بقراره الانتقال من "المساندة النقدية"، التي ارتأى الحزب التخندق فيها غداة تعيين الحكومة الحالية، إلى المعارضة. نزار البركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، وجّه انتقادات لاذعة لحكومة العثماني، على كافة الأصعدة والمستويات، واتهمها بعدم التفاعل مع "المساندة النقدية" التي قدمها لها "حزب الميزان". وقال البركة، في العرض السياسي الذي قدمه في افتتاح أشغال دورة المجلس الوطني لحزب الاستقلال، صباح اليوم السبت بالرباط: "لم يحْظ موقف المساندة النقدية بأي تقدير من طرف الحكومة، لذلك يجب أن نفكِّر في مدى فعالية هذا التموقع". وأردف المتحدث، بعد أن تمنى للفريق الحكومي أن يظل منسجما: "في ظل تغلغل المشاريع الليبرالية في مفاصل الاقتصاد الوطني، وهدر الحكومة لفرص الإصلاح، وعدم وفائها بالالتزامات، واكتفائها بإعلان النوايا، فإن موقعنا الطبيعي اليوم هو المعارضة". واستقبل أعضاء المجلس الوطني لحزب الاستقلال قرار الخروج إلى المعارضة بالتصفيق، وترديد النشيد الوطني للحزب، قبل أن يواصل البركة كلمته بالتأكيد على أن المعارضة التي سينهجها "حزب الميزان" هي "معارضة استقلالية ووطنية". وأضاف زعيم الاستقلاليين أن حزبه سينهج معارضة "معبأة للدفاع والمساهمة في التحولات التي يعرفها المغرب، ببلورة الحلول القابلة للتطبيق والمحترمة لذكاء المواطنين، وإسماع صوتهم غير المسموع، وتقوية أدوار المؤسسة التشريعية، وتطوير المؤسسة السياسية، وفق رؤية تقوم على التفاعل مع المواطنين". وبإعلان حزب الاستقلال الخروج من "المساندة النقدية" للحكومة إلى المعارضة يكون قد تراجع عن قرار اتُّخذ في عهد الأمين العام السابق للحزب، حميد شباط، غداة استبعاد الحزب من المشاركة في الحكومة الحالية.. قرار قال نور الدين مضيان، عضو اللجنة التنفيذية، في تصريح لهسبريس، إن "السياق الحالي لم يعد قابلا لاستمراره". الانتقادات اللاذعة التي وجهها الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار البركة، لم تستثن مجالا من المجالات، وإن كان قد ركز بالأساس على المجال الاقتصادي، إذ انتقد غياب الليبرالية في الاقتصاد الوطني، وغياب آليات ضبط المنافسة، وعدم مبادرة الحكومة إلى وضع أسس نموذج تنموي جديد، يحل محل النموذج الحالي، الذي قال إنه "بلغ مداه، واستنفد كل إمكانياته لخلق فرص الشغل". ولم يكتف البركة بتوجيه انتقادات للحكومة حول عدم تقديمها بدائل اقتصادية وتنموية جديدة، بل ذهب إلى التشكيك في مدى صدقية المشاريع التي طرحتها، على المستوى الاقتصادي، وخاصة في الشق المتعلق بتوفير فرص الشغل. وأشار المتحدث، في هذا الإطار، إلى المشروع الكبير الذي أعلنته الحكومة، والقاضي بتوفير مليون ومائتي ألف منصب شغل، قائلا: "نحتاج إلى كثير من حُسن النية، بل نحتاج إلى أن نكون ساذجين لنصدّق أن الاقتصادي الوطني بوضعه الحالي يمكن أن يخلق هذا الكمّ الهائل من فرص الشغل". زعيم الاستقلاليين اتهم الحكومة ب"الهدر غير المفهوم لزمن الإصلاح، والتلكّؤ في استكمال الإصلاحات السياسية"، قائلا: "نتساءل عن مآل ما جاء به دستور 2011، فرغم مرور سنة ونصف من عمر الحكومة فإن العديد من الملفات ذات الأولوية لازالت معلقة أو مؤجلة، لأن الأداء الحكومي يتحرك ببطء شديد، وهذا ما يزيد من الاحتقان الاجتماعي، ويزيد من فقدان الثقة، ويترك الفراغ أمام التعبيرات العدمية".