بعد الضربة المُوجعة التي تلّقتها جبهة "البوليساريو" الانفصالية، على إثر شروع المغرب والاتحاد الأوروبي في مباشرة المفاوضات حول اتفاق الصيد البحري، بشأن تجديد الاتفاق الذي ينتهي في 14 يوليوز المقبل، بما في ذلك المياه الإقليمية الممتدة على طول سواحل الأقاليم الجنوبية، سارعت الجبهة إلى استنفار مُحاميها المنتظمين داخل بعض المكاتب الأوروبية، لمجابهة الارتدادات التي خلّفها قرار المجلس الأوروبي. وحسب ما نقلته مواقع تابعة للجبهة، فإن "محامين معروفين بموالاتهم للطرح الانفصالي، ينشطون في عدد من الدول الأوروبية كفرنسا والسويد وإسبانيا، باتوا يهددون عدد من المؤسسات الاقتصادية المعروفة على الصعيد الأوروبي، بجرها إلى المحاكم، بعدما قامت باعتماد قرار المجلس الأوروبي الأخير بخصوص اتفاق الصيد البحري الذي سيشمل الأقاليم الجنوبية"، موردة أن "الجبهة استنفرت موالين لها في أوروبا لعقد اجتماعات على أعلى مستوى في بروكسيل وستراسبورغ، للضغط على الجمعيات الحقوقية للمساهمة في ثني الدول الأوروبية على قبول القرار الجديد". وتأتي تحركات الجبهة في وقت كانت رفعت دعاوى قضائية لدى محاكم أوروبية ضد شركات أوروبية، للمطالبة بتعويض مالي يقدر ب240 مليون أورو، "نظير استغلال منتجات منطقة الصحراء وثرواتها دون إذنها"، حسب ما كانت أكدته رسالة جيل ديفير، رئيس فريق محاميي جبهة "البوليساريو". ويحاول كبير محاميي الجبهة الانفصالية في أوروبا الضغط على شركات أوربية لا تساير مخططاتها، كان آخرها، شركة التأمين الفرنسية للتجارة الخارجية (Coface)، التي أصدرت مؤخرا دليلها السنوي، يظهر المغرب بكامل ترابه؛ وهو الأمر الذي دفع جيل ديفير إلى التلويح بجرها إلى المحاكم، بعدما قام بتبليغها عن طريق رسالة ل"تصحيح المذكرة". ولم يستسغ محامو الجبهة تأشير مجلس أوروبا للمفوضية للإسراع في مباشرة المفاوضات بخصوص اتفاق الصيد البحري، حيث قال رئيس فريق محاميي "البوليساريو" إن "الأمر يتعلق بتصويت فقط وليس قرار. وفي الخامس والعشرين من أبريل، سأذهب إلى بروكسيل لعقد اجتماع وسأقدم حججنا بحزم شديد"، وتابع: "نحن لا نقبل المعايير المزدوجة لدول الاتحاد الأوروبي في الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم"، على حد تعبيره. صبري لحو، الخبير في القانون الدولي-الهجرة ونزاع الصحراء، قال إن "المؤسسات الأوربية منسجمة مع القانون الأوربي، بحيث أعلنت أن هذا الملف مغلق قانونيا. وبالتالي، دعت، في أكثر من مناسبة، المغرب والاتحاد الأوروبي إلى مواصلة تعاونهما وتطبيق بنود الاتفاق حرفيا، باعتبار الاتفاق شرعيا وقانونيا، بالرغم من صدور قرار محكمة العدل الأوروبي الذي لم يقض بشيء مُلزم". وقال الخبير في القانون الدولي-الهجرة ونزاع الصحراء، في تصريح لهسبريس، إن "الحكم القضائي لم يكن بحكماً إلزامياً ولم يكن في صالح الجبهة، بل الأمر يتعلق برأي استشاري فقط". وسجّل لحو أن "خصوم المغرب عملوا على تمويه المؤسسات الأوروبية من خلال إعطاء قراءات قانونية خاطئة، إذ إن هناك أصواتا محسوبة على الجبهة من داخل الاتحاد الأوروبي دعت إلى أن حكم محكمة العدل الأوربية قضى بكون أن الاتفاقية الزراعية لا تشمل الصحراء، وحاولوا إجراء تمييز في النطاق الجغرافي المغربي"، قبل أن يشير إلى أنه "لم تكن هناك أصوات مضادة تنطق بالحقيقة". وأكمل الخبير الدولي: "الحال أن هذا الحكم مجرد استشارة طلبتها محاكم بريطانية من المحكمة العدل الأوروبية لفحص شروط الاتفاقيات الدولية وسريانها على المستوى الدولي، ولم تقض بعدم سريان الاتفاق الزراعي على الأقاليم الجنوبية؛ بل قالت إن الاتفاقيات ربما تتعارض مع القوانين الدولية بمعنى أن الحكم الأخير لم يقض بشيء إلزامي". واعتبر لحلو أن "تحركات الجبهة مجرد "زوبعة في فنجان" المراد منها محاولة استهلاك سياسي للفت انتباه المنتظم الدولي، والحال أن المؤسسات الأوروبية لا تساير مثل هذه التحركات"، وقال: "المفوضية الأوروبية مدعومة من قبل مجموعة من الخبراء الأوروبيين، حيث إنها لم تكن لتقدم على اتخاذ هذه الخطوة لولا قوة وقانونية الملف المغربي".