بعد قرار المحكمة الأوروبية صد كل محاولات "البوليساريو" لاستثناء مياه الصحراء من الاتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي، تحاول الجبهة الانفصالية بث المشاكل مجددا، مستغلة إلزام البرلمان الأوروبي للاتفاق بالمرور عبر مسطرة قانونية طويلة، إذ أعلن امحمد خداد، منسق الانفصاليين مع بعثة "المينورسو"، عزمهم تقديم طعن جديد في الاتفاقية إلى المحكمة الأوروبية. وبدأ اتفاق الصيد البحري، الذي سيتأخر حوالي شهرين بسبب إجراءات قانونية روتينية، في تحريك الآلة الدعائية للانفصاليين، يتقدمها محامي "البوليساريو" في أوروبا، جيل ديفير، لمباشرة إجراءات الطعن في قرار التوقيع أمام اللجنة الأوروبية، مطالبا ب"تعويضات بملايين الأورو بسبب استنزاف ثروات الصحراء"، على حد تعبير التنظيم الانفصالي. وتعرضت قيادة "البوليساريو" لموجة انتقادات حادة بعد الهزيمة القضائية الأوروبية، حيث عبر العديد من معارضي إبراهيم غالي عن استغرابهم لحشد محامين أجانب وتنقل أوجه "بارزة" بشكل دوري صوب دول أوروبية، دون نتيجة تذكر، خصوصا بعد تمادي القيادة في إنكارها سقطة المحكمة الأوروبية، بالرغم من وضوح بنود الحكم الصادر من أعلى جهاز قضائي أوروبي. وتعول الجبهة، في سعيها إلى إفشال تمرير الاتفاق، على البرلمان الأوروبي، بترسانته التي تضم 751 نائبا، ينتمي بعضهم إلى أحزاب الخضر والتنظيمات اليسارية الأوروبية، تتقدمها أحزاب الدول الإسكندنافية، وأخرى ظهرت مع بروز موجة التيارات الشعبوية في القارة الأوروبية. وفي هذا الصدد، أوضح الخبير في قضايا الصيد البحري، محمد الناجي، أن "المسار المتبقي لاتفاقية الصيد البحري طبيعي وروتيني، خصوصا بعد بروز عدة مؤشرات مطمئنة، أبرزها توقيع الاتفاق بالأحرف الأولى من طرف الجهة، التي فوض لها البرلمان الأوروبي سلطة التنسيق مع المملكة بشأن بنود وتفاصيل الاتفاقية". وقال الناجي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "المفاوضات، في السنوات الماضية، كانت تصل إلى سنة أو أكثر، لكن هذه المرة استغرق الأمر فقط ثلاثة أشهر، بحكم الإرادة الكبيرة، التي عبر عنها الاتحاد الأوروبي لإعادة تجديد الاتفاق في آجال معقولة، وهو ما سيجعل البرلمان الأوروبي مطالبا، بدوره، بتسريع التوقيع على الاتفاق الجديد". وأضاف أن "قرار المحكمة الأوروبية، بخصوص الصيد البحري والمنتوجات الفلاحية، فتح الباب وشكل سياقا منفرجا أمام طرفي الاتفاق للعمل على تجاوز المشاكل التي كانت تثيرها الجبهة بشكل دائم، والمتعلقة بدمج مياه الصحراء في الاتفاق"، مشيرا إلى أن "اللوبي الانفصالي داخل الاتحاد الأوروبي سيكون دائم التحرك، قبل المصادقة النهائية، وبالتالي فالدبلوماسية المغربية مطالبة باليقظة والحذر من أجل عدم السماح للخصوم بتمرير أي أجندة مناوئة للمصالح المغربية، عبر إحدى البوابات المتبقية للأوروبيين، من أجل المصادقة على مباشرة العمل رسميا بالاتفاق".