أعادت برمجة وزارة الصحة إبرامَ عقود عمل مع أطباء عامِّين من دولة السينغال، للعمل في إقليم طاطا، من أجل سد الخصاص الذي يعاني منه هذا الإقليم على مستوى الأطر الطبية، إلى الواجهة موضوع رفض الأطباء المغاربة المكوث في المناطق النائية، بعد تعيينهم فيها. خطوة استعانة وزارة الصحة بأطباء السينغال تأتي في وقت يعاني فيه آلاف الأطباء من خريجي كليات الطب والصيدلة من العطالة؛ لكنَّ المناصب التي يتم فتحها من لدن الوزارة، في بعض المناطق، كما هو الحال بالنسبة إلى إقليم طاطا، لا يتقدم إليها أحد، حسب ردِّ وزير الصحة على سؤالٍ تقدم به أحد النواب البرلمانيين بهذا الشأن. آية كوثر الغوثي، منسقة التنسيقية الوطنية لطلبة الطب بالمغرب، تعزو سبب عدم بقاء الأطباء في المناطق النائية إلى عدم توفير وزارة الصحّة للشروط القمينة ببقاء الأطباء في أماكن تعيينهم، موضحة أن "الأطباء العاملين في المناطق النائية يشتغلون في ظروفٍ لا تُصان فيها كرامتهم". وكان طلبة الطب قد انتفضوا ضد الخدمة الصحية الإجبارية التي طرحها الحسين الوردي، وزير الصحة السابق، كحل لرفْض الأطباء الاشتغال في المناطق النائية، وأوقفوا بسببه الدراسة، ولم يتوقفوا عن الاحتجاج إلا بعد إقدام الحكومة على سحْب المشروع المثير للجدل. وقالت منسقة التنسيقية الوطنية لطلبة الطب بالمغرب، في تصريح لهسبريس، إن "الأطباء ليسوا ضدَّ العمل في المناطق النائية؛ لكن يجب على الوزارة الوصية على القطاع الصحي أنْ توفّر لهم شروط وإمكانيات الاشتغال في ظروف ملائمة، أما أن ترميهم في المناطق النائية، وتطلب منهم أن يعالجوا الناس، فهذه أكذوبة". وتوضّح المتحدثة أنَّ "الأطباء حتى لو مكثوا في المناطق النائية، فإنّهم لا يقدمون الرعاية الصحية المطلوبة للمرضى، لأنهم يشتغلون في مؤسسات صحية تفتقر إلى التجهيزات الضرورية، وبسبب غياب الوسائل يكتفون بمهمة إرسال المرضى إلى مؤسسات صحية أخرى في الحواضر، حتى باتَ الأطباء العاملون في المناطق النائية يُطلقون على أنفسهم لقب "صيفْتولوگْ"". بعض نشطاء الشبكات الاجتماعية، من أبناء طاطا، اعتبروا أنَّ تعاقد وزارة الصحة مع أطباء سينغاليين لسدّ الخصاص الذي يعاني منه الإقليم على مستوى الأطر الصحية يشكل "إهانة لساكنة طاطا من قبل الأطباء الذين رفضوا الاشتغال بالإقليم وإهانة من الوزارة التي رضخت للأمر الواقع"، كما كتَب مبارك. في المقابل، تؤكّد آية كوثر الغوثي أنَّ الأطباء لا يرفضون العمل في المناطق النائية احتقارا لسكان تلك المناطق؛ "ولكن حيتْ ما عندهومش باش يخدمو". كما أن هناك اعتبارات أخرى شخصية؛ ذلك أن الأطباء العاملين في المناطق النائية لا يستفيدون من التكوين المستمر، وهو ما يحُول دون تطوير مهاراتهم، وبالتالي عدم التقدم في مسارهم المهني. من بين الأسباب الأخرى لعدم مكوث الأطباء في المناطق النائية، حسب آية كوثر الغوثي، عدم توفّر البنية التحتيّة وعدم توفّر مدارس لتدريس أبنائهم؛ "وهو ما يجعل الأطباء يشعرون بأنهم مظلومون"، تقول المتحدثة، مضيفة أنَّ تفادي هذه الإشكالات تقتضي أن تُشرك وزارة الصحة كلّ القطاعات الوزارية المعنية في وضع برامج القطاع الصحي.