على بُعد أيام قليلة من بدء رحلات عمرة رمضان التي تُبرمجها وكالات الأسفار الدولية خلال هذا الشهر من السنة، يشتكي عدد من المغاربة الراغبين في التوجه إلى الديار المقدسة من ارتفاع تكاليف إجراء اللقاحات المضادة أو ما يعرف ب"المينانجيت"، الذي يعدّ شرطا أساسياً لضمان نجاح عملية الحج أو العمرة. ويحتاج المعتمرون المغاربة إلى لقاحات تحميهم من بعض الأمراض المعدية التي يزيد احتمال انتشارها في الأماكن المزدحمة، وتحتاج اللقاحات إلى فترة من الوقت كي تعطي الحماية اللازمة؛ وهو ما يدفع المغاربة إلى إجرائها قبل ذهابهم إلى الديار السعودية، مخافة من أن يتعرض ملفهم للإقصاء. وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية شددت على ضرورة إجراء الفحص الطبي وعدم السماح بالتوجه إلى الديار المقدسة إلا لمن تتوفر فيه شروط الاستطاعة البدنية والعقلية والخلو من الأمراض المزمنة المتفاقمة. شمس الدين التيجاني، مالك شركة دولية للأسفار تتكلّف بنقل المعتمرين المغاربة إلى الديار السعودية، قال "إنه يستقبل يوميًا عشرات المغاربة المتوجهين إلى أداء مناسك العمرة يشتكون من ارتفاع سعر اللقاح المضاد أو ما يعرف بالمينانجيت، حيث إن المراكز الصحية تطالبهم بدفع مبلغ يتراوح ما بين 700 إلى 850 درهما للاستفادة من اللقاح". وتوقف التيجاني، في حديثه، عند الخصاص المهول لهذه اللقاحات في صيدليات المملكة. وقال "إن المعتمرين الذين يقصدون وكالات الأسفار مطالبون بوضع شهادة التطعيم للحصول على تأشيرة أداء مناسك العمرة وإلا سيحرمون من أداء مناسكها"، قبل أن يشير إلى أن "عددا من المعتمرين توجهوا صوب الصيدليات ولم يجدوا اللقاحات، ويطلب منهم في الغالب الرجوع إلى وقت لاحق حتى تتوفر عند المراكز الصحية أو الذهاب إلى معهد باستور الكائن مقره في الدارالبيضاء". مصدر من داخل معهد باستور أكد، في اتصال مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن "عملية تلقيح المغاربة تتم في ظروف عادية وسلسة، حيث جرى اتخاذ كل الإجراءات لاستقبال المعتمرين المغاربة، والذين يتجاوز عددهم في اليوم الواحد 100". وفي وقت يشتكي فيه المعتمرون من ارتفاع ثمن اللقاحات، كشف المصدر ذاته أن "الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 55 سنة يتم تلقيحهم باللقاح (ميناكترا) بمبلغ 750 درهما، شاملا ثمن اللقاح والخدمة الطبية. أما الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 55 سنة فيتم تلقيحهم باللقاح (مينومين) بمقابل قدره 250 درهما". وتابع المتحدث ذاته، الذي فضّل عدم إدراج اسمه، أن "هناك إقبالا كبيرا من قبل المعتمرين على لقاحات المعهد، حيث يفتح أبوابه طوال أيام الأسبوع لاستقبال المواطنين الذين يأتون من كل أرجاء المملكة لإجراء المستلزمات الطبية المطلوبة"، قبل أن يزيد بأن المعهد ووزارة الصحة يبذلان جهودا مكثفة للحصول على العدد الكافي من الجرعات لتلقيح المعتمرين والحجاج في أقرب وقت. بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، قال بهذا الخصوص إن "اللقاحات الطبية تدخل ضمن المواد المقننة التي لا يجب أن يمسها أي ارتفاع أو زيادة؛ لكن غياب المراقبة يدفع جهات إلى استغلال جيوب المعتمر الذي يكون ملزما بوضع شهادة التطعيم لدى وكالات السفر للحصول على تأشيرة العمرة، وبالتالي يتم التلاعب بأثمنة اللقاحات في ظل محدودية العرض المقدم في الأسواق". وبعدما توقف عند ارتفاع أسعار أداء مناسك الحج والعمرة بالمقارنة مع باقي دول الجوار، قال الخراطي: "لا يعقل فرض رسوم إضافية على المعتمرين المغاربة للقيام باللقاحات المضادة"، قبل أن يتساءل: "هل هي من الناحية الصحية إلزامية أم أنها تبقى إضافية ويمكن الاستغناء عنها؟"، لافتا في السياق ذاته إلى أنه "في السنوات الماضية، كان هناك تخوف من حمل الحجاج المغاربة لفيروس "أنفلونزا الطيور"؛ لكن هناك حجاج ذهبوا إلى السعودية بدون أن يتم تلقيحهم، ولم يتعرضوا لأي مشكل". وطالب الخراطي وزارة الصحة ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية باعتبارهما الجهتين الوصيتين على تنظيم هذا القطاع بالتدخل العاجل للحد من الفوضى؛ لأن الأمر تحوّل إلى "عملية تجارية محضة"، حسب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك.