كثّفت المملكة المغربية، الأسبوع الجاري، من اللقاءات الثنائية مع مسؤولين حكوميين في بريطانيا، بُغية ضمان استمرار الاتفاقيات بين الطرفين خلال الفترة الانتقالية بعد البريكسيت للخروج من الاتحاد الأوروبي. وحل عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد والبحري والتنمية القروية والمياه والغابات، منذ أيام، ببريطانيا، حيث التقى عدداً من المسؤولين الحكوميين؛ أبرزهم ماكيل غوف، وزير الفلاحة البريطاني، إضافة إلى ممثلي الاتحاد الوطني للمزارعين. ويسعى المغرب، من خلال هذه اللقاءات، إلى دراسة انعكاسات البريكسيت على مجال التبادل التجاري بين البلدين، حيث جرى بسط مختلف السيناريوهات الممكنة للنهوض بالشراكة بين البلدين وسبل ضمان تموقع جيد للمنتوجات الفلاحية المغربية، من خلال توضيح شروط تصريف الصادرات التي تمر عبر الاتحاد الأوروبي. وفيما قبل، كانت بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي، الذي تربطه مع المغرب اتفاقية التبادل الحر؛ لكن اليوم ستعمل الرباط ولندن على ضمان استمرارية الاتفاقيات طيلة الفترة الانتقالية بعد البريكسيت، وفقاً للنص الذي تم التوصل إليه بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في أفق وضع الاتفاقيات الملائمة الجديدة بعد هذه الفترة. كما التقى أخنوش، بحضور سفير المغرب في بريطانيا العظمى عبد السلام أبودرار، ونظيره البريطاني طوماس رايلي، مع نيك فون فولزتنهولز، مدير التعاون الدولي بالاتحاد الوطني للمزارعين، وهي نقابة تمثل المزارعين البريطانيين الذين صوّت غالبيتهم لخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي. ويرى جواد الكردودي، رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، في حديث لهسبريس، أن مرحلة ما بعد البريكسيت ستكون إيجابية بالنسبة إلى المغرب؛ لأن الاتفاقيات التي تربطه مع الاتحاد الأوروبي "محدودة جداً". وأضاف الكردودي أن المغرب وبريطانيا أمامهما مرحلة من أجل وضع اتفاقيات جديدة ستكون ذات أهمية من ذي قبل، أي أن بريطانيا ستكون حرة أكثر في علاقاتها الاقتصادية الدولية، عكس ما كان عليه الحال داخل الاتحاد الأوروبي. وحسب الباحث في العلاقات الدولية، فإن المغرب أمامه فرصة من أجل توسيع علاقاته مع بريطانيا العظمى، ليس فقط على المستوى الفلاحي، بل أيضاً على المستويات الأخرى خصوصاً القطاع الصناعي، وهو الأمر الذي سيمكن من استقطاب المستثمرين لاستغلال الفرص المتاحة في المغرب. ويصل إجمالي المبادلات التجارية بين المغرب والمملكة المتحدة إلى 13.8 مليار درهم في السنة، حيث يستورد المغرب من بريطانيا البطاطس والقمح الطري والجبن. أما الصادرات الغذائية المغربية إلى بريطانيا، فتضم أساساً الطماطم الطازجة والمبردة والحوامض والزيتون المعلب. وتمثل هذه الصادرات حالياً أقل من 5 في المائة من مجموع الصادرات الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي من المملكة المغربية، وهي تندرج في إطار اتفاق التبادل الحر بين المغرب والاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن. ويتحتم على بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي بناء علاقات تجارية جديدة مع الدول، أو بحث نهج مع الاتحاد الأوروبي لفترة محدودة، وفي حالة عدم التوصل إلى حل مع الاتحاد الأوروبي سيتم العمل بقواعد منظمة التجارة العالمية، حيث سيتم تطبيق الرسوم الجمركية والقيود التجارية. وتبلغ المرحلة الانتقالية للخروج من الاتحاد الأوروبي عامين، على أساس أن يكون الخروج النهائي فعلياً في مارس 2019، وبعدها ستكون دولة بريطانيا منفصلة تماماً، وتتمتع بحرية توقيع اتفاقيات جديدة مع الدول الأخرى لوحدها.