استقبل مسرح محمد الخامس بالرباط مسرحية بعنوان بيلماون، تتحدث عن بداية أسطورة "بوجلود" في التقليد السوسي، بعيون شبابية تريد إعادة تقديم الثقافة المغربية للجمهور العريض عبر باب الفرجة المسرحية. هسبريس تحدثت مع المخرج حول فكرة المسرحية، تلقيها، وأسباب تصميم فرقة "فيزاج" على اتخاذ الثقافة المغربية القديمة منطلقا لأعمالها المسرحية. أمين غوادة، مؤلف المسرحية ومخرجها، قال إن فكرة معالجة تقليد بيلماون مسرحيا جاءت بعد بحث مع محمد بودان، مساعده في الإخراج، في الكتب والفيديوهات، وبعد معاينة احتفال بيلماون في "العيد الكبير". وأضاف المتحدث أنه بعد البحث وجد في هذا التقليد أمورا مثيرة للاهتمام، "خصوصا ما يتعلق بتقنيات الفرجة المسرحية، من جهة تصميم الأقنعة، والحلقة، والتفاعل مع الجمهور"، كما بين أن مصطلح "بيلماون" ليس هو "بوجلود" أو "سبع بولبطاين"؛ ف"بيلماون كان طقسا أمازيغيا كان يتم القيام به من أجل الإله"، وفق تعبيره. تجذُّر تقليد بيلماون دفع غوادة إلى المراهنة عليه، "لأنه يستحق المغامرة رغم أنه يتطلب ميزانية كبيرة، وفريقا كبيرا"، مراهنا هو وفرقة "فيزاج" في العرض ما قبل الأول، الذي تم في مسرح محمد الخامس بالعاصمة الرباط، على "المغامرة" دون التركيز على الربح المادي في البداية.."لأننا نريد أن نربح عملا مسرحيا، وبحكم أن هذا عملنا فإنه إذا كنا سنربح من المسرحية في ما بعد فيجب أن يتم هذا عندما يكون العرض جيدا ومتكاملا، وعندما يستحق أن يكون عرضا مسرحيا يمثل الثقافة المغربية"، يوضح غوادة. وعلق المخرج على عرض مسرحيته قائلا: "ظهر أن الجمهور متعطش لرؤية عروض فيها غنى ومتعة بصرية وعقلية، وفيها ضحك وفكاهة، إضافة إلى الجد والمقدس، ومتعة القلب والخيال"، ثم استدرك: "رغم استمتاع الجمهور بالعرض، إلا أنه مازال غير كامل، لأن الإنتاج ناقصٌ مقارنة مع العرض ومكوناته، وبالتالي فنحن نسير خطوة خطوة، ريثما نجد من يدعم هذه التجربة لتأخذ قيمتها". وفسر غوادة هدف الدمج بين الدارجة والأمازيغية السوسية واللغة العربية خلال العرض قائلا: "هذا الاختيار نابع من فكرة رئيسية عندي وعند الفرقة، هي أن الثقافة المغربية متنوعة وغنية؛ ففيها الأمازيغي باختلافاته، والعربي، والصحراوي، والإفريقي، إضافة إلى بعض الآثار الأوروبية التي بقيت فيها؛ وبالتالي فحضور الأمازيغية مع الدارجة واللغة العربية في بعض المواقف استثمار للغات وإشارة إلى تنوعنا اللغوي والثقافي". أمين غوادة شدد أيضا على أن جمعية "فيزاج" ستكمل اهتمامها واشتغالها على الثقافة المغربية، موردا: "الفرقة تذهب شيئا فشيئا من أجل التوغل والبحث عما اندثر وفقدناه مع الزمن"، واسترسل موضحا: "طبعا لم نجد توثيقا غنيا عن الأزمنة الغابرة، ولكن مازلت أبحث، وعندما سيجد هذا المشروع طريقه سأفكر في الموضوع القادم الذي سيكون حول ثقافتنا المغربية". الثقافة المغربية القديمة لازالت تحتاج، حسب المتحدث، "عملا وبحثا لأنها غنية كثيرا"، وزاد: "يجب أن نبحث عنها لتَرجع روح المواطنة عندنا، وليرجع فخرنا بثقافتنا، ولنعرف مقدار أهميتها وتأثيرها في الثقافات العالمية الكبرى".