لا ينتهي الاحتفال بعيد الأضحى لدى المغاربة بالأضحيات والمعايدات، بل يمتد إلى تنظيم احتفالات جماهيرية ينخرط فيها الكبار والصغار، في تقليد يسمى "بوبطاين" أو "بوجلود". في ثالث أيام عيد الأضحى، عمد شبان حي "سيدي موسى" بمدينة سلا إلى لبس جلود الأضاحي والتجول في أزقة "مدينة القراصنة" على مرأى من السكان، مسايرين إيقاعات الطبول، ضمن فعاليات الدورة الحادية عشرة للكرنفال التراثي مهرجان "رقص الجلود". فؤاد، أحد الشباب المشاركين في كرنفال "بوجلود"، يقول إن "رقص بوجلود يتوخى إدخال الفرحة على سكان المدينة؛ وهو ما يجعل ثالث أيام العيد مميزاً"، موضحاً أن هذا التقليد مرتبط بجمع جلود الغنم والمعز والبقر، وتنظيفها وتنقيتها من الشوائب، ثم العمد إلى رتدائها. ويسترسل المصرح لهسبريس: "أشارك في طقوس بوجلود للمرة الأولى، ولا أعتقد أني سأتخلى عن ذلك مستقبلاً، خصوصاً أن هذه الطقوس تدخل الفرحة على قلوب السّاكنة، ويسهم في إحياء التراث الشعبي للمنطقة، وإضفاء أجواء من المتعة والتسلية بين سكان المدينة". وإن كانت عادة طقوس "بوجلود" تهدف إلى الترفيه عن الناس، وجمع مساهمات مالية لمساعدة مرضى أو تنفيذ أعمال خيرية أخرى؛ فإن الكرنفال التراثي "مهرجان رقص بوجلود"، الذي يُنظمه فضاء التضامن والتنمية، يهدف وفق محمد وهيب، مدير مهرجان بوجلود في مدينة سلا، إلى "إحياء التراث اللامادي، وإعطاء فرصة لإسماع صوت أبناء حي سيدي موسى السلاوي الذي يتمتع بطاقات فنية شابة، وتصحيح تلك الصورة النمطية السيئة التي ظلت لسنوات مرتبطة به". وترافق عروض "بوجلود" مجموعة من الفرق الشعبية للفولكلور والفن والموسيقى التراثية المغربية، المتنوعة والمختلفة والغنية بتعابير الموروث الروحي والثقافي؛ وكذا استحضار الثقافة الأمازيغية، إضافة لما شهدته دورة هذا العام من تكريم للفنان المسرحي محمد الأثير، ابن حي سيدي موسى نفسه. وجاب الموكب الاستعراضي أزقة الحي السلاوي تحت أنغام "عيساوة" وأغاني "كناوة"، وتفاعل المشاركون في المهرجان مع اللوحات الموسيقية والأهازيج الشعبية التراثية، مقدّمين بذلك عروضا راقصة، من جهة، مستحضرين العلاقة التي ربطت الإنسان بالحيوانات في الأزمنة الغابرة من جهة ثانية. وتتلّخص طقوس "بوجلود"، نسبة إلى جلود الأضاحي أو "بيلماون" بالأمازيغية، في ارتداء شبان جلود الأضاحي، حتّى أنّهم يضعون قرونها فوق رؤوسهم، في محاولة للتشبّه المتقن بها، ثم يطوفون عبر أحياء المدينة في ما يشبه كرنفالاً شعبياً يُمتع مشاهدي هذه الممارسة. ويحمل استعراض بوجلود أسماء متعددة؛ منها "هرما" و"باشيخ" و"بيلماون" و"بوهيدورة" و"سونا" و"سبع بولبطاين" و"بويسليخن"؛ كما يطلق على العادة نفسها اسم "بوعفيف" و"بابا الحاج" في الجزائر.