فتحت تظاهرة (نجوم بلادي) النقاش من جديد، حول الحصار الذي ظل مضروبا على الفنان الساخر أحمد السنوسي (بزيز)، على امتداد 18 سنة من الزمن المغربي، تعاقبت خلالها على تدبير الشأن العام بالمملكة، حكومات مختلفة الألوان، ومتعددة الأوجه، لكن قرار منع السنوسي من التواصل مع جمهوره، ظل قائما في ظل هؤلاء جميعها، بما فيهم حكومة التناوب، التي قادها الزعيم الاشتراكي، مهندس لعبة التناوب (عبد الرحمان اليوسفي)، مرورا بحكومة جطو (المخضرمة)، وصولا إلى حكومة عباس الفاسي وثوريا جبران، وقبل هؤلاء وأولئك، كانت حكومة الفيلالي، بعد حكومة كريم العمراني، وحكومة عز الدين العراقي، مما يعني أن منع السنوسي هو الآخر كان عليه (التناوب)، انطلق إبان حكم أصحاب اليمين بقيادة فقيد الداخلية (إدريس البصري) سنة 1988 واستمر في عهد اليساريين بقيادة (اليوسفي) فترة التناوب والتوافق والتراضي إلى حدود 2002،مرورا بعهد التكنوقراطيين بقيادة (ادريس جطو)إلى حدود2007، وصولا إلى العهد الوردي بقيادة الفارس (عباس الفاسي). الغريب في الأمر أن التناوب على (بزيز) تقرر في عهد الحسن الثاني، واستمر في عهد محمد السادس، كما تناوب عليه أيضا جيش من وزراء الداخلية )البصري، الميداوي، جطو، الساهل وشكيب بنموسى). مجموعة من السياسيين والمثقفين المغاربة ربطوا الحصار المضروب على الفنان الساخر (بزيز)، بقرار سياسي أصدرته جهات عليا، فأصبح ساري المفعول، طيلة المسافة الزمنية مدة المنع، لكن الحقيقة أكدت بما لا يدع مجالا للشك، أن المنع كان سنة 1988 في عهد الراحل الحسن الثاني، ووزيره المدلل في الداخلية (أم الوزارات) إدريس البصري، فلو أن الأمر يرتبط بهما، لكان الحصار فك عنه، لأن كليهما في ذمة الله، ولو كان الأمر في يد الأحزاب السياسية اليمينية، فقد انقضى أجل تحكمها في صنع القرار السياسي بالبلاد، أو تعلق الأمر باليساريين فإنهم لا يملكون ردّا ولا دفعا لمنع السنوسي أو العفو عنه، على العكس من ذلك فالنظام السياسي القائم حاليا بالمغرب مكن معارضي العهد القديم من الرجوع إلى الوطن (أبراهام السرفاتي مثلا) ورفع الإقامة الجبرية على (الشيخ عبد السلام ياسين)، وغيرها من الأمور المرتبطة بملفات سنوات الرصاص، إضافة إلى أن العمال والولاة الموالين لإدريس البصري، ونظام الحسن الثاني تم عزلهم دفعة واحدة في العهد الجديد، فمن إذن يمنع الفنان الساخر أحمد السنوسي من تقديم عروضه الساخرة للجمهور المغربي. إن تظاهرة (نجوم بلادي) تفتح القوس من جديد لتضع فيه قضية حصار السنوسي، ومنعه من التواصل مع جمهوره، وتدفعنا إلى تتبع خطوات هذا المنع وتلمس خيوطها منذ بدايتها في رحلة بحث متواصلة على "رأس الخيط". ""