اشتكى مجموعة من الطلبة من تنامي عمليات "الكريساج" بمدينة العرفان بالرباط، معتبرين أن الوضعية الأمنية بالمدينة التي تضم معظم الكليات والمعاهد العليا والأحياء الجامعية بالرباط تعرف تراجعا مستمرا، ومؤكدين تفاقم حالات "الكريساج" من طرف عصابات تستعمل السيارات المكتراة والأسلحة البيضاء وصرح مجموعة من الطلبة لهسبريس بأنهم تعرضوا ل"الكريساج" أمام المدارس العليا والمؤسسات الجامعية، موضحين أن الجناة يكترون السيارات، ويطوفون بها في مدينة العرفان، وما إن تظهر ضحية حتى يفتحون أبواب السيارة بسرعة ليباغتوها بالأسلحة البيضاء. يقول "محمد.خ"، طالب بكلية العلوم بأكدال: "لازال صوت مكابح السيارة يتردد في ذهني إلى حد الآن.. كنت عائدا إلى الحي الجامعي رفقة صديقين لي بمدينة العرفان على الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا، وفجأة توقفت سيارة بقربي خرج منها ثلاثة أشخاص مدججين بالأسلحة البيضاء، وشرعوا في ضربنا حتى تركنا أمتعتنا ولدنا بالفرار". ويضيف الطالب: "لم أكن أتخيل أنني سأمضي ليلة بيضاء أبحث فيها عمن يسعفني.. انهالوا علينا بالضرب وأصبت بكسر في يدي اليمنى، أما صديقاي اللذان عاشا معي الحادثة فأصيب أحدهما بجرح على مستوى الرأس والثاني اضطر لخياطة معصمه". واسترسل "محمد.خ": "كنت دائما أضع في الحسبان إمكانية تعرضي للسرقة بالسلاح الأبيض، لكن لم أتخيل أبدا أن تتوقف سيارة أمامي بسرعة لتخرج منها عصابة محملة بالأسلحة البيضاء"، وأضاف صارخا: "أطالب السلطات بتوفير الأمن والحماية.. نحن طلبة ونسهر بالمكتبات من أجل بناء مستقبلنا، لنجد أنفسنا ضحايا لانعدام الأمن!". "لم يأت أحد لمساعدتنا، اتصلنا بالإسعاف وأخبرونا بوجوب التوجه إلى أحد المستشفيات"، يقول "أنس.ع"، طالب اقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، مردفا: "لم نجد سيارة أجرة، فذهبنا مشيا على الأقدام إلى مفوضية الأمن بالجولان، لأن دائرة الأمن بمدينة العرفان كانت مغلقة..أصبت بجرح غائر في يدي اليسرى... أرجو أن يوفر الأمن بمدينة العرفان والمصالح الطبية أيضا". ويزيد أنس: "تعرفنا على اللصوص عبر رصد رقم السيارة، التي تبين أنها مكتراة من إحدى الوكالات..تبين أنهم ينحدرون من أسر ميسورة". في هذا الصدد يقول أستاذ علم الاجتماع علي الشعباني إن ظاهرة إقدام الميسورين على "الكريساج" تتعلق بالتربية داخل الأسرة والمجتمع، إذ إن هؤلاء لا يقومون بالسرقة الموصوفة عن دافع مادي بالضرورة، "فقد يتعلق الأمر بدافع نفسي، أساسه الإحساس بالاستعلاء والعظمة، كما أنه قد يرتبط بتصريف كبت داخلي، ورغبة في التعبير عن القوة تجاه المجتمع، خصوصا إذا كانوا أبناء مدللين لأسر ميسورة''. وزاد الأستاذ الشعباني: "مادام الشخص قادرا على اكتراء سيارة واستخدامها في "الكريساج" وتشكيل عصابة تستهدف الطلبة لسرقتهم باستعمال الأسلحة البيضاء، فالأمر يتعدى حالات "الكريساج" الأخرى التي غالبا ما يكون الجاني فيها منتميا إلى طبقة اجتماعية فقيرة"، وأضاف: "الأمر يشبه إلى حد ما الدعارة الراقية..يمكننا الحديث عن "الكريساج الراقي" ما دام المقدمون عليه ينتمون إلى طبقات اجتماعية متوسطة وغنية، وعلى هذا الأساس يجب تعزيز الحملات الأمنية وتحريك الآليات التعليمية والإعلامية للحد من الظاهرة". *صحافي متدرب