أكد عبد الكريم بنعتيق، الوزير المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وشؤون الهجرة، أن العلاقات المغربية الإسبانية نموذجية، "ليس فقط على المستوى الاقتصادي أو التاريخي، بل على المستوى الإستراتيجي". وشدد الوزير، الذي كان يتحدث بمقر مؤسسة الثقافات الثلاث بإشبيلية في إسبانيا، صباح اليوم، بحضور رئيسها المستشار الملكي أندري أزولاي، ووزير الاقتصاد بحكومة الأندلس، ونائبة عمدة المدينة، وسفير إسبانيا بالرباط، على أن "المغرب وإسبانيا يتواجدان في منطقة حساسة بين ضفتين، ويحملان مسؤولية استقرار المنطقة على عاتقهما، لذلك التفاهم كلي والتنسيق كذلك وعلى صعيد جميع المستويات". واعتبر بنعتيق أن العلاقات بين البلدين مرجعية لكل الدول، مؤكدا أنها سبب الاستقرار السياسي والأمني للقارة الأوروبية والإفريقية، وزاد: "نحن هنا اليوم للتأكيد على أن هناك مسؤولية على عاتقنا نحن كمغاربة وأنتم كإسبان لتقوية العلاقات بيننا، لأن العالم يجتاز مرحلة صعبة". وأضاف الوزير: "المستقبل للأسف غامض في مجموعة من المناطق، إذ أصبح العنف هو اللغة السائدة عوض التعايش مع الآخر، وأصبحت القطيعة هي اللغة عوض الحوار، وأصبح الإنسان يروج لكراهية الآخر؛ في حين أن التعايش لا علاقة له بالدين ولا باللغة ولا بالجنسية.. نحن جميعا ننتمي إلى الكرة الأرضية، لذلك نحن مطالبون بالتعايش الذي يعني حب الآخر والتقرب منه والتفاعل والتواصل معه، ومعرفة ثقافته والصعوبات التي يجتازها للتعاون معه لتخطيها وإيجاد الحلول". وعاد المسؤول الحكومي ليجدد التأكيد على أن العالم في حاجة إلى نموذج التعاون بين المغرب وإسبانيا، "الذي حافظنا عليه رغم كل الظروف الصعبة بفضل قائدي البلدين، الملك محمد السادس والملك فيليبي السادس، اللذين يتصرفان بالحكمة والسداد لتجاوز التعقيدات والمشاكل". وعن فضاء الثقافات الثلاث بإشبيلية أكد الوزير المغربي على ضرورة استمراره في التواجد وأداء دوره على الوجه المطلوب والدفاع عن القيم المشتركة بين المغرب وإسبانيا، مؤكدا أن "الثقافة هي السبيل للتقرب من الآخر والإجابة على مختلف الأسئلة، وهي التي تعطي لأطفالنا سلاح التنوير والفهم ومجابهة المشاكل، وتعطي للآخر التوازن والقدرة على الانخراط في المجتمع الذي يعيش فيه". وأعلن الوزير دعم وزارة "الجالية وشؤون الهجرة" لمؤسسة الثقافات الثلاث ل"رفع تحديات العيش المشترك؛ فإسبانيا والمغرب مطالبان بخلق مستقبل آخر وفرض شروط أخرى للتعامل مع الإنسان باعتباره الركيزة الأساسية لأي مشروع حضاري". رئيس مؤسسة الثقافات الثلاث، أندري أزولاي، شدد في كملته على أن المؤسسة تعمل منذ إنشائها على زرع قيم المحبة والتعايش باعتبارها فضاء للتبادل الثقافي والتشارك. ونوه أزولاي بدعم الوزارة المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وشؤون الهجرة، في شخص وزيرها عبد الكريم بنعتيق، لأنشطة المؤسسة، وأضاف: "نشكرها لدعمها المتواصل من أجل تقوية البرامج ولتعزيز الشراكة بين المغرب وإسبانيا والأندلس". وزير الاقتصاد بحكومة الأندلس بدأ كلمته أمام الحاضرين في اللقاء بالتنويه بسياسة المملكة المغربية في مجال الهجرة، التي انطلقت في 2013، معتبرا أنها يجب أن تكون مثالا للاقتداء بالنسبة لدول إفريقيا. واعتبر المسؤول الحكومي أن أنشطة مؤسسة الثقافات الثلاث تساهم بقوة في تعزيز العلاقات بين الأندلس والمغرب، وقال: "ثقافة المغرب ليس بعيدة عن ثقافتنا، وقلوبنا قريبة، لذلك علينا أن نعرّف مجتمعنا الإسباني بعمق العلاقات المتينة بيننا، وعلى التفاهم بيننا، وإشعاع ذلك إلى مناطق أخرى من العالم". وأشاد الوزير في حكومة الأندلس بالدور الذي تقوم به المملكة المغربية في إفريقيا، واصفا إياه ب"البارز"، واسترسل: "الملك محمد السادس يلعب دورا رياديا على مستوى إفريقيا، وذلك مهم جدا"، داعيا إلى تعزيز التعاون بين المغرب والأندلس وإقامة شراكة حقيقية. اللقاء عرف توقيع إعلان نوايا يروم إعادة تأهيل فضاء الحسن الثاني بمؤسسة الثقافات الثلاث، وقعه كل من لحبيب ندير، الكاتب العام للوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، ومدير المؤسسة الكائنة بإشبيلية. وقام الوزير المغربي والوفد المرافق له رفقة المستشار الملكي أندري أزولاي بزيارة إلى مقر المؤسسة، حيث قدمت لهم شروحات عن مختلف أروقة الفضاء والخدمات التي يقدمها والأنشطة التي احتضنها، كما قدمت لهم توضيحات حول عدد من المشاريع التي يشرف عليها المكتب المسير بشراكة مع عدد من الدول، والتي تصب جلها في إطار التعايش والتبادل الثقافي.