توصل استطلاع رأي قامت به هسبريس إلى أن 92 في المائة من المغاربة غير راضين على الإنتاجات الدرامية المغربية في رمضان. ومع اقتراب هذا الشهر، تتجدد أسئلة المتابعين عن جودة الإنتاجات التي سيجد المشاهد المغربي نفسه "مُجبرا" على مشاهدتها، كما تتجدد الأسئلة حول من يتحمل مسؤولية "رداءة" الإنتاجات التلفزية الرمضانية. ليس هناك سخط! ساءل حميد زيان، مخرج مغربي، افتراض وجود سخط عند الجمهور حول الإنتاجات الرمضانية، وذكر أن أعمالا ك"سير حتا تجي" لقت صدى طيبا لدى المشاهدين، ملفتا إلى عدم وجود إحصائيات مضبوطة تبين وجود سخط للجمهور على الدراما الرمضانية. زيان الذي أخرج للجمهور سلسلتي "ما شاف ما را" و"تبدال المنازل"، قال: "ككل القنوات في العالم، تكون بعض الأعمال جيدة وتلقى استحسان الناس، وفي بعض الأحيان هناك أعمال لا تصل إلى المستوى". ووصف ذلك ب"المسألة العادية، لأن أي قناة لا يمكن أن تكون جميع أعمالها ناجحة وتلقى صدى لدى الناس وتجد جمهورا". واستشهد زيان بمجموعة من المسلسلات "التي بثت في وقت معين وذكر بعض المشاهدين أنها أعمال دون المستوى، وعندما أعيد بثها بعد خمس أو ست سنوات رأى الجمهور أنها أعمال في المستوى"، وأوضح أنه لا يمكن أن يسلم بوجود سخط عام على الإنتاجات الرمضانية لأنه "لا توجد جهة معينة إلى حد الآن تخرج إلى الشارع وتلتقي بالناس لتتيح للمخرجين معرفة رأي الجمهور، بناء على دراسة ورأي مضبوط، لا كلام ناس"، وفق تعبيره. بدوره، قال مسعود بوحسين، رئيس نقابة مهنيي الفنون الدرامية، إن "تعبير المشاهدين عن عدم رضاهم أمر طبيعي"، وأضاف أن "الانتقادات الكبيرة" تكون حول الأعمال الكوميدية، ولا تلقى السلسلات والمسلسلات والأفلام الانتقادات بالحدة ذاتها. وبيّن بوحسين أن النقاش الذي يجب أن يفتح هو "كيف نرفع من الجودة مهنيا؟ وكيف تكون مراعاة اختلاف الأذواق؟"، موضحا أنه "من الممكن أن يكون المضمون والجانب المهني متوفرا وأن لا يلقى العمل نجاحا"، ووصف ذلك بالأمر "الطبيعي جدا". المسؤولية مشتركة بوحسين رفض تحميل المسؤولية لطرف دون آخر عند الحديث عن الإنتاجات الرمضانية، وأوضح أن العملية الإبداعية متعلقة بعمل فريق، قائلا: "قد يكون السيناريو جيدا والإخراج ليس في مستواه، وقد يكون العكس، وقد يكون التمثيل ضعيفا أو اختيارات شكل التمثيل ضعيفة، وبالتالي مسلسل الإبداع الفني هو تضافر جهود مجموعة من الفاعلين". وذكر بوحسين عوامل أخرى تساهم في خروج بعض الإنتاجات الرمضانية في صيغة لا تلقى رضى بعض المشاهدين، ك"النزعات الريعية التي يتغلب فيها الجانب المالي على الجانب الإبداعي"، ودعا إلى سد "كل الثغرات القانونية التي يلجأ إليها بعض المنتجين المنفذين من أجل تخفيض التكلفة، وتوسيع هامش الربح". كما حمل نقيب مهنيي الفنون الدرامية المسؤولية للقنوات العمومية بقوله: "عندنا إشكال أن منفذي الإنتاج رغم قيامهم بعملية تقنية هي تنفيذ الإنتاج، يتصرفون كما لو كانوا منتجين للعمل الفني"، وأوضح أن الحل لتجاوز هذا هو: "تأطير علاقات العمل على مستوى العقود التي تربط بين الشركة الوطنية والمنتجين المنفذين". المتحدث ذاته يرى أن محدودية الوقت المخصص لإعداد وإنتاج البرامج الرمضانية وربط إنتاج البرامج بالبث، "إشكال حقيقي"، لأن "عملية البث يجب أن تكون اختيارا لما يجب بثه، وإذا ارتبط الإنتاج بالبث تبقى الجودة غير مضمونة". عناصر الحل ذكر المخرج حميد زيان أن ضمان جودة الأعمال الدرامية مرتبط بتوفير الإمكانيات المالية والتقنية، وتوفير الوقت ليستطيع المخرج القراءة والتأمل، والتقطيع التقني، "لأن العمل الفني إبداع، والإبداع يحتاج وقتا". ونبه المتحدث إلى أن البحث عن حلول يحتاج فهما لبعض المشاكل التي يتم العمل بها، كدفتر التحملات الذي يؤخر قليلا التصوير وعملية الإنتاج بسبب الوقت الذي يستغرقه "إعداد العمل، وطلبات العروض، وانتظار دراسة الطلب واستدعاء المخرج والمنتج ليدافعا عن المشروع". وتحدث حميد زيان عن "وعي الجمهور المغربي الذي يشاهد مسلسلات عالمية"، موضحا أن كوميديا التلاعب بالكلمات لم تعد تضحكه. وربط عدم نجاح بعض "السيتكومات" بعدم اعتمادها على كوميديا الموقف "التي ليس عندنا صراحة الكثير من كتاب السيناريو الذين يمكنهم كتابتها"، بحسب تعبيره. وأوضح زيان أن منافسة الإنتاجات الرمضانية المغربية للإنتاجات العربية "ممكنة إذا توفرت لدينا الإرادة"، واستحضر أهمية توفير الإمكانيات المالية في هذه المنافسة "لأن الدراما صناعة، ودون الإمكانات المالية لا يمكن توفير الإمكانيات التقنية"، ثم أجمل قائلا: "إذا توفرت الإرادة، والإمكانيات المالية، ورؤية مخرج مضبوطة، وسيناريو مضبوط، علاش لا؟'". * صحافي متدرب