بجسد في البحرين ووجدان في المغرب يعيش ياسر مازوز، الخبير في ميدان "سياحة الأعمال"، وسط مجتمع المنامة وهو حريص على مراكمة التجارب تلو الأخرى. يقر المغربي عينه بأن خيار الهجرة، الذي أقدم عليه قبل ما يعادل 5 سنوات من الآن، لم يكن بوسم اجتماعي إطلاقا، وبأن مسعى المساهمة في تنمية وطنه الأم لا يوازيه في الحماسة غير مطلب التطور الذاتي المستمر. رفض فرنسي ولد ياسر مازوز في مدينة سلا سنة 1983، لكن ترعرعه كان في "العَدوَة الأخرى" بمدينة الرباط، ليتلقى تعليمه في العاصمة انطلاقا من مؤسسة "محمد جسًّوس". مر مازوز تربويا بمؤسسة "العرفان" خلال الطورين الإعدادي والثانوي، مهتما بالمواد العلمية أكثر من غيرها، حالما بأن يتخصص في المجال المعلومياتي لاحقا. ويقول ياسر: "أردت أن أقبل على التعليم العالي خارج الوطن، لذلك قدمت طلب التحاق لجامعة فرنسية رحبت بتواجدي وسط طلبتها، لكن الأيام الفاصلة عن انطلاق الموسم الدراسي حملت مستجدات". تعثر حصول مازوز على تأشيرة دراسية من المصالح القنصلية الفرنسية في الرباط، متوصلا بجواب رفض حين كانت جل المؤسسات الجامعية قد أقفلت أبواب التسجيلات، ليقرر خوض تجربة بديلة. صدفة مؤثرة اضطر الشاب نفسه إلى ولوج مجال العمل حتّى لا يمرر الموسم الدراسي بلا مشاغل، فقصد أحد مراكز النداءات التي تعج بها الرباط من أجل هذا الغرض، خاضعا لمقابلة بنية تقييم مستواه التواصلي. "أنهيت الاختبار وغادرت مقر مركز النداء، حينها رصدت وجود مدرسة سياحية خاصة في البناية عينها، كانت تستعد لفتح أبوابها أمام الطلبة الراغبين في الالتحاق بها، فبادرت إلى التسجيل"، يذكر مازوز. أمضى ياسر سنتين في المؤسسة الحاملة اسم "المعهد الدولي الخاص للسياحة الفندقية"، وبعد التخرج قضى فترة ضبط للأداء العملي في "كلوب ميد" بمدن مراكش وأكادير وتطوان. ويعلق مازوز على كل ذلك بقوله: "لم أفكر يوما في أن أكون وسط أي من أنشطة المضمار السياحي، لكن الصدفة المؤثرة التي وجدتني فيها غيرت حياتي وجعلتني أحب هذا الميدان إلى حد كبير". التجريب في الوطن رغبة التعمق في التكوين جعلت ياسر مازوز ينخرط في الضبط الأكاديمي حتى نيل "ماستر" في "سياحة الأعمال"، من مؤسسة "UPVD مراكش"، المرتبطة بجامعة "بيربينيان" الفرنسية. عاد الإطار المتصل بقطاع "الضيافة" إلى العمل، بعد إنهاء التواجد في "Université perpignan via domitia"، قاصدا "Club Med" من جديد، ك"مكلف بالعمليات" لمدة سنتين. إغناء للتجربة، قبل ياسر مازوز عرض اشتغال في فندق "مازاكان"، بين الجديدة وأزمور، مستمرا هناك 4 سنوات بصفة "مسؤول تجاري"، ومن هذه المؤسسة انفتح على تجربة دولية خارج المغرب. مملكة البحرين بحلول سنة 2013 توجه مازوز إلى مملكة البحرين للعمل في فندق "ريتز كارلتون"، هادفا بذلك إلى مراكمة الخبرة في مجال الفندقة، مستهلا هذا الأداء بمهمة "مساعد مدير المبيعات". وعن خيار الهجرة يفسر ياسر: "كنت أعمل في المغرب حين فتح تبارٍ داخلي لشغل أحد المناصب العالية، وقد ظفر بها مستخدم اعتبارا لتوفره على خبرة في دبيّ، لذلك قررت أن تكون لي أيضا تجربة دولية أضيفها إلى رصيدي". لم يفكر مازوز في الوجهة التي يبتغيها في مسعاه للخروج مهنيا من الوطن، مركزا على استهداف أسماء رائدة في عوالم الفندقة؛ وفي غمار البحث استقر على "ريتز كارلتن"، ومستوى الخدمات التي اشتهر بها عالميا. عن التطور المحقق يورد المغربي نفسه: "ما وصلت إليه يرتبط بالتوفيق والعمل الجاد والمثابرة والتشبث بالتطور، ولدى Ritz Carlton فنادق ستفتتح بالمملكة المغربية قريبا؛ أتمنى أن أتوسط الطواقم التي ستواكب أداءها المستقبلي". نسق المنامة "معرفتي بمملكة البحرين كانت سطحية عند استقراري في المغرب، إذ لم أعرف وقتها نمط العيش في البلاد ولا كيفية تعامل أناسها وسط مجتمعهم، وغير ذلك من التفاصيل، لأجدها لاحقا فضاءً يوفر كل شيء وبه من الفرص ما يشجع كل وافد"، يقول ياسر مازوز. ويردف الفاعل السياحي: "العوامل الجوية تبقى قاسية على من اعتاد الحياة في بلدي الأم، لكن تحقيق الاندماج في البحرين، وفق تجربتي الخاصة، تأتى بسهولة غير منتظرة، والبحرينيون بسطاء وكرماء، يوفرون لكل مغربي معاملة خاصة". يقر ياسر بأن الألفة الجامعة بين المجتمع البحريني، من جهة، والأجانب القاصدين له، من جهة أخرى، تغيب كل صدام قد يحمله التنميط إلى أذهان المقبلين على الهجرة إلى مملكة البحرين. نسق المنامة يحفز مازوز تجاه الإمساك، في قادم مراحل الأداء المهني، بمسؤوليات أعلى في البحرين، وحتى بدول أخرى خليجية، إلى جوار طموحه إلى تقاسم خبرته مع الفاعلين السياحيين المقدمين خدماتهم في المغرب. السواعد الطرية يستجمع ياسر مازوز أفكاره، ثم يخاطب الجيل الجديد من السواعد المغربية قائلا: "نيل تكوين ما لا يعني أن الاشتغال يجب أن يكون في نفس ميدان التأطير، والتوجيه عند بلوغ المرحلة الدراسية الثانوية لا يعني الحسم القاطع في مجرى المستقبل". ينصح الإطار المنتمي إلى صفوف "مغاربة العالم" أبناء وطنه بالانكباب على الدراسة بمراعاة الميولات التي تسكنهم، ثم الإقبال على سوق الشغل بتغييب للخوف من خوض تجارب معينة، وتحييد التردد تجاه المبادرات التي تغريهم. ويختم ياسر مازوز بقوله: "الطامحون إلى الهجرة يتوجب عليهم أن يعرفوا كيفية تسويق مهاراتهم، انطلاقا من كيفية تسطير نهج السيرة الخاص بهم، وسبل التواصل المبينة شخصية المترشح، دون تغييب إبراز الفخر بالانتماء إلى المغرب طيلة التواجد خارج المملكة".