طال المقام بالمغربية غزلان الصيابري في تجربة الهجرة، إذ وصلت إلى عد ثلاثين سنة ونيف من الإقامة في العاصمة البحرينيةالمنامة، بعد أن حطت الرحال قبل ذلك في الديار الفرنسية. خبرت الصيابري ميدان المال والأعمال منذ استهلال مشوارها المهني، وحددت لنفسها اعتلاء القمّة كهدف، إلى أن صارت على رأس واحدة من أهم العلامات التجارية في مملكة البحرين. مكناسوالمنامة ألقت غزلان أول نظره على الدنيا في مدينة مكناس، وبالعاصمة الإسماعيلية اكتسبت بواكر مهاراتها الاجتماعية، مواكبة إيقاع الحياة في هذه الحاضرة حتى الحصول على "الباك" من ثانوية الإمام الغزالي. اختارت الصيابري نيل تكوين اقتصادي عال، فانتقلت إلى فرنسا من أجل التخصص في هذا الميدان، محددة التركيز على علوم التسويق وإدارة الأعمال بنية نيل فرصة إثبات الذات في واحدة من الشركات الكبرى. مسار الحياة عدل من نهج "ابنة مكناس"، إذ تزوجت من مواطن بحريني تعرفت عليه فوق الأراضي الفرنسية، وبلا تفكير طويل اختارت الانتقال في بيئة أسرية نحو مدينة المنامة. تأقلم مع البحرين من وحي تجربتها، تقول الصيابري: "المجتمع البحريني شبيه إلى حد كبير بنظيره المغربي؛ لأن حزمة التقاليد والعادات السارية في هذا البلد الخليجي لا تختلف إلا قليل عن ما يألفه المغاربة بوطنهم". وفي السياق عينه تستدرك غزلان: "الوضوح يتجلى في كون البيئة المغربية أكثر انفتاحا من حيز العيش البحريني في جميع النواحي، والبروز يتحقق بمقارنة طريقة تعامل النساء في كل مجتمع على حدة". صعوبات الاندماج التي وجدتها الخبيرة المالية المغربية في مسعاها لتحقيق الاندماج بمملكة البحرين لاحت، وفق تعبيرها، في ضبط تصرفاتها وفقا لما اعتاده البحرينيون بعموم مملكتهم. نهج مهني بدأت غزلان مسارها المهني رئيسة منتوج مسؤولة عن منتجات "كريستيان ديور" في شركة Jashenmal، المؤسسة التجارية التي افتتحت أولى محلاتها "Outlet" في المنامة بحلول منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي. أبرزت الصيابري كفاءتها في المهمة الموكولة إليها، ولم تبخل بجهودها على "جاشنمال" حتى تتوسع في السوق، متخطية 10 محلات بفضاءات عرض كبرى ممتدة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. ومع توالي الترقيات بلغت المغربية عينها أعلى رتبة في الشركة الناشطة بمملكة البحرين، حيث تشغل غزلان الصيابري موقع المديرة العامة لJashenmal طيلة السنوات ال13 الماضية، متعاطية مع 160 مستخدما من 8 جنسيات؛ بينهم 35 من المغاربة. تقييم الماضي تشدد المتأصلة من مكناس على أن بداياتها المهنية كانت صعبة نسبيا، مرجعة ذلك إلى اضطرارها لخوض التنافس في الأداء بمعية أكفاء من جنسيات مختلفة، يحوزون تكوينات على أعلى المستويات. "كان يُنظر إليّ باستغراب، إذ عبّر عدد كبير من زملائي عن عدم قبولهم بتمكن امرأة مغربية من فرض ذاتها ومراكمة الترقيات، ولزم مني الأمر زمنا وافرا لتغيير هذه الصورة النمطية"، تسرد غزلان. ترجع الصيابري ما وصلت إليه، خاصة وصولها إلى مرتبة مديرة عامة في "جاشنمال" البحرين سنة 2005، إلى التوفيق الرباني المتأتى من دعوات والديها، ثم تركيزها في البذل بلا حدود. ترياق المغتربين قضت المنتسبة إلى فئة "مغاربة العالم" العقدين الأخيرين في تنقلات بين بلدان كثيرة التزاما بمسؤولياتها المهنية، معتبرة أن تفهم الأمر من لدن كل أفراد أسرتها قد دعمها لإبداء إصرار على حصد أفضل النتائج. ومن هذا المنطلق، تنصح غزلان الشبان والشابات المقبلين على الهجرة، أو حديثي العهد فيها، بضرورة التموقع في حيز اجتماعي يذكي الطموحات ويساند التشبث بالأحلام إلى غاية بلوغ مرتبة النجاح. "الطموح وقود الحياة، ولا وجود لمكاسب سهلة كيفما كان مجال اهتمام الناس.. بينما التحلي بخصلة الصبر يبقى مفتاحا لحلحلة غالبية المشاكل التي يفرزها إيقاع الحياة بكل الأمكنة وفي جميع الأزمنة"، تختم غزلان الصيابري.