تخطت لمياء حماني 15 عاما من العيش خارج المملكة المغربية، في مملكة البحرين تحديدا، دون أن تفارقها عادات وتقاليد الوطن بعدما جعلت جزءً منها محطّ استثماراتها المهنية. المغربية عينها تبدي تأثرا وهي تتحدث عن تجربتها التي انطلقت من فوق السحب قبل أن تحط بها في المنامة، ثم تلجم تعابيرها الوجدانية لتؤكد أن ما مرت به قد بلغ ما فاق باكورة انتظاراتها. فرد الأجنحة لمياء حماني رأت النور في منطقة "الحبوس" بمدينة الدارالبيضاء، ولازمت الحيز المكاني نفسه خلال سنوات اشتداد عودها واكتساب المدارك الأساسية للحياة. تدرج تعليم لمياء في مؤسسات "الأميرة للاعائشة" و"رابعة العدوية" و"محمد الخامس"، خلال أطوار التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، على التوالي، لترتاد جامعة الحسن الثاني بعد نيل "الباك". زاوجت لمياء بين التعليم العالي في جامعة الدارالبيضاء من جهة، وبين التكوين المهني في تخصص مضيفات الطيران من جهة ثانية، لتستهل مشوارها العملي في هذا التخصص ضمن طواقم شركة الخطوط الملكية المغربية. إلى الخليج "ابتغيت الاشتغال مضيفة منذ الصغر، وفرحت لتمكني من تحقيق ذلك على أرض الواقع، لكن الناقل الجوي الوطني المغربي عرف أزمة دفعته إلى تسريح عدد كبير من المضيفات سنة 2001، وكنت من بينهم للأسف"، تقول حماني. وتضيف المغربية ذاتها أنها تشبثت بخيارها المهني وتحركت للبحث عن مواقع عمل بديلة، مقدمة طلبات إلى العديد من الشركات الرائدة في هذا المجال، من بينها ناقلون جويون نشطون في منطقة الخليج. خضعت لمياء إلى اختبارات لتقييم مستواها من طرف "طيران الخليج"، وبعدما أبرزت كفاءتها في ميدان "الضيافة الجوية" حظيت بالقبول، لتنتقل إلى مملكة البحرين بحلول سنة 2003. على الأرض استمرت تجربة "ابنة البيضاء" مع "Gulf Air" مدة عادلت 5 مواسم، لكن زواجها جعلها، لاحقا، أمام صعوبة التوفيق بين حياتها الأسرية على التراب البحريني، والبقاء مضيفة جوية تتناقلها الرحلات الدولية. اختارت حماني الاستثمار في هويتها وسط المنامة بافتتاح مشروع حمّام على الطريقة المغربية سنة 2008، قبل أن تزيد مرفقا ثانيا مماثلا بعد رصد الطلب الكبير على هذه الخدمة، ثم أخذت في استيراد منتجات عديدة من الوطن الأم. تكشف لمياء أن تنامي الجالية المغربية في البحرين، إلى جوار إعجاب البحرينيين بكل ما له صلة بفن العيش المغربي، دفعها إلى افتتاح محل لتقديم الوجبات المألوفة لدى المغاربة، ثم تطور الأداء حتى جرى فتح "بازار مغربي" وسط المنامة. مفعول الزمن عن نواتج تغيير فضاء العيش، تقول حماني: "لم أشعر بالغربة بفعل اعتيادي السابق على السفر والترحال لدواع مهنية، وإن كان بعض النقص يفد على أحاسيسي بحلول المناسبات الدينية المختلفة التي أفتقد فيها إلى العادات المغربية". وتستدرك لمياء فكرتها حين تشدد على أن مرور الزمن جعلها أكثر ضبطا لإيقاع الحياة في المجتمع البحريني، كما أن العامل نفسه أذكى افتخارها بانتمائها للمغرب وحملها قسطا وافرا من الثقافة التي تربت عليها، خاصة ممارسات التجميل. توالي نجاحات المشروع البدئي للمنتمية إلى صف "مغاربة العالم" جعلها ممتلكة، حاليا، لمحلين يقدمان خدمات "SPA"، إضافة إلى متجر يعج بسلع الوطن الأصل، أبرزها منتجات للصناعة التقليدية ومواد غذائية ومستحضرات للعناية بالأجسام، مع فضاء يعد وجبات مغربية. هجرة مع الوطن "الطموح يلازم الإنسان ما دام حيّا؛ لذلك ينبغي على المرء أن يقوم بما هو مستطاع مع فتح الآفاق أمام تطويرات مستقبلية كلما سنحت الفرصة، أو تعديل المسار إذا ما عنّت على البال أفكار مطورة"، تشدد حماني. تنظر المقيمة في البحرين إلى نفسها، بناء على ما اختارت القيام به من استثمارات في المملكة الخليجية، مقربة قسطا من الثقافات المغربية المتنوعة من أفهام كل الوافدين على هذه البلاد. "على المغاربة المقيمين خارج الوطن أن يستثمروا الفرص المتاحة لهم لضمان عيشهم ومواصلة التطور. أما إذا استطاعوا المزج بين ذلك والتعريف بالمملكة، فإن ذلك أفضل وأرقى"، تختم لمياء حماني.