يستعد الفلسطينيون لمزيد من الاحتجاجات قرب حدود قطاع غزة مع إسرائيل، السبت، غداة تظاهرات حاشدة أدت إلى اشتباكات أسفرت عن مقتل 16 فلسطينيا وجرح أكثر من 1400 آخرين في واحد من أكثر الأيام دموية منذ حرب 2014. وبدأ المحتجون بالعودة إلى مدينة خيام أقيمت قرب الحدود مع إسرائيل لاستئناف التظاهرات التي من المقرر أن تستمر ستة أسابيع في القطاع المحاصر. وشيع الفلسطينيون 14 قتيلا، السبت، في حين عم الإضراب الشامل كافة الأراضي الفلسطينية حدادا. وانطلقت مسيرات تشييع من مختلف أنحاء القطاع، شارك فيها الآلاف مرددين هتافات "وينكم يا عرب وينكم يا مسلمين العودة العودة". وانطلقت مواكب التشييع من رفح جنوباً حتى بيت حانون شمالاً، مروراً بوسط القطاع ومدينة غزة أمام عدد من المستشفيات، يتقدمها مسلحون من الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية حاملين جثامين "الشهداء" التي لفت بأعلام فلسطين ورايات الفصائل. وندد المشاركون في مواكب التشييع ب"جرائم الاحتلال الإسرائيلي" ضد الأبرياء والعزل، وطالبوا ب"الثأر من الاحتلال على جرائمه العدوانية". وتدفّق عشرات آلاف الفلسطينيين، خصوصا من الأطفال والنساء، الجمعة، على المنطقة المحاذية للحدود بين غزة وإسرائيل في مسيرة احتجاجية أطلق عليها "مسيرة العودة الكبرى". وتزامنت "مسيرة العودة الكبرى" مع "يوم الأرض" في 30 مارس من كل عام لإحياء ذكرى مقتل ستة فلسطينيين دفاعا عن أراضيهم المصادرة من سلطات إسرائيل عام 1976. يوم ثان من الاحتجاج يتدفّق الفلسطينيون لليوم الثاني إلى المنطقة المحاذية للحدود بين غزة وإسرائيل، ودارت مواجهات مع الجنود الإسرائيليين في إطار حركة الاحتجاج التي من المقرر أن تستمر ستة أسابيع للمطالبة بتفعيل "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ورفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع. على الجانب الآخر من الحدود، نشرت القوات الإسرائيلية دباباتها وتمركز القناصة على سواتر ترابية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، دعا، الجمعة، إلى "تحقيق مستقل وشفاف" في أعمال العنف التي قتل فيها 16 فلسطينيا. وجاءت دعوة غوتيريش بعدما أخفق مجلس الأمن الدولي في التوصل إلى إصدار بيان بشأن الوضع في غزة خلال جلسة مغلقة طارئة عقدها بطلب من الكويت. وقال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام، في بيان، إن "الامين العام يدعو إلى تحقيق مستقل وشفاف في هذه الحوادث"، مؤكدا "استعداد" المنظمة الدولية لإعادة إحياء جهود السلام. وأضاف أن غوتيريش "يناشد أيضا المعنيين الامتناع عن أي عمل من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الإصابات، ولاسيما اتخاذ خطوات يمكن أن تلحق الاذى بالمدنيين". وخلال الجلسة التي عقدت على مستوى مساعدي السفراء، حذر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، تايي بروك زيريهون، من "احتمال تدهور الوضع في الأيام المقبلة"، داعيا إلى ضبط النفس إلى أقصى حد. أما المندوب الفرنسي، فقد صرح بأن "خطر التصعيد حقيقي". وأضاف: "هناك احتمال اندلاع نزاع جديد في قطاع غزة". من جهتها، أعربت الولاياتالمتحدة وبريطانيا عن أسفهما لموعد انعقاد الاجتماع بسبب تزامنه مع الفصح اليهودي الذي بدأ مساء الجمعة، ما حال دون حضور أي دبلوماسي إسرائيلي. وقال ممثل الولاياتالمتحدة خلال الجلسة: "إنه لأمر حيوي أن يكون هذا المجلس متوازنا". وصرح السفير الإسرائيلي لدى الأممالمتحدة، داني دانون، بأن "هذا الاستغلال المعيب لعيدنا لن ينجح في منعنا من قول الحقيقة بشأن التجمعات الإرهابية لحماس التي تهدف إلى زعزعة المنطقة". وكان قد أصدر بيانا قبيل التئام المجلس اتهم فيه حركة حماس بالوقوف خلف أعمال العنف. من جهته، قال المندوب الأميركي: "نشعر بحزن بالغ للخسائر في الأرواح البشرية التي وقعت اليوم"، معتبرا أن "أطرافا أشرارا يستخدمون التظاهرات غطاء لإثارة العنف ويعرضون أرواح الأبرياء". وقد اتهمت الرئاسة الفلسطينية، السبت، الولاياتالمتحدة "بتشجيع إسرائيل على تحدي الشرعية الدولية" عبر تعطيلها تبني قرار في مجلس الأمن بشأن غزة. وقال الناطق باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، إن "الاعتراضات الأميركية في مجلس الأمن الدولي التي أدت إلى تعطيل قرار إدانة العدوان الإسرائيلي على شعبنا (...) تشكل غطاء لإسرائيل لاستمرار عدوانها على الشعب الفلسطيني وتشجعها على تحدي قرارات الشرعية الدولية الرامية لإنهاء الاحتلال". وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس حمّل الجمعة الحكومة الإسرائيلية "المسؤولية الكاملة" عن سقوط الضحايا الفلسطينيين، مطالبا المجتمع الدولي "بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الأعزل". *أ.ف.ب