أدانت حركة التوحيد و الإصلاح رفع المملكة المغربية لبعض تحفظاتها على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة و اتهمت الوثيقة الحكومة بالمس بالمرجعية الإسلامية برسالة سرية وجهتها إلى منظمة الأممالمتحدة. و قبل أن نخوض في حيثيات البلاغ أذكر بأمرين أولهما أن توقيع المعاهدات الدولية و المصادقة عليها حسب الفصل 31 من الدستور القديم و الذي كان مطبقا بتاريخه (8 ابريل 2011) من اختصاص الملك و حده، ثانيا أنه تم رفع التحفظات في 14/12/2008 طبقا للرسالة الملكية الموجهة إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (المجلس الوطني لحقوق الإنسان حاليا) بمناسبة الذكرى الستين لإعلان حقوق الإنسان و منذ تاريخه تم نشر كتابات كثيرة في الموضوع – من بينها مقالات لأعضاء في الحركة و برلمانيي العدالة و التنمية – و نظمت أيام دراسية متعددة لدراسة ذلك الأمر بل أن البرلمان الحالي نظم احتفالا بتلك الذكرى،حضره البرلمانيون بكل أطيافهم السياسية بما فيهم برلمانيو حركة التوحيد و الإصلاح (عفوا العدالة و التنمية) و نوه في بيانه الختامي برفع التحفظات عن الاتفاقية المذكورة و لم نسمع من البرلمانيين المحسوبين على الحركة أي رد أو احتجاج ما عدا مقال الأخ حامي الدين و الذي درس فيه بإسهاب النقاط التي مسها الرفع و اعتبر هو كذلك و لو بصفة غير مباشرة أن رفع المغرب لبعض تحفظاته ايجابي في مجمله و المقال منشور على موقع الحركة من تاريخه، وهذا ما ينفي السرية عن الإجراءات التي قامت بها الحكومة أو بالأصح الأمانة العامة للحكومة والتي لم تتعد إبلاغ منظمة الأممالمتحدة بقرار أصدره صاحب الاختصاص الدستوري منذ ثلاث سنوات و كان الأجدر مسائلة الحكومة عن سبب هذا التأخر. و ادعاء السرية يحيلني على سؤال أعم هل يقرأ كبار الحركة ما يكتبه أعضاءها و ينشر في موقعها، أم أن الأمر مجرد اقتناص فرص للتنقيص من الحكومة و تقديمها كحكومة كافرة تعمل كل ما بوسعها للمس بالمرجعية الإسلامية و من تم المس بالحركة و حزب العدالة و التنمية إذ يبدو أنهم يعتبرون أنفسهم الممثلين الوحيدين للإسلام في المغرب و أن ما عدا منخرطيهم فالكل مشكوك في انتمائه و مرجعيته. و يذكرني موقف حركة التوحيد و الإصلاح بقصة أحد سابقي قضاة التوثيق (كما حكاها لي أحد السادة العدول) بأحد مدن الجنوب الذي كان يرفض توقيع أي عقد لا يعتبر أن سن الرشد هو 21 سنة، بدعوى أن وزير العدل لم يكاتبه شخصيا في هذا الشأن و أن نشر تعديل سن الرشد في الجريدة الرسمية لا يعنيه و لا يمكنه تطبيقه ما لم يتوصل بخطاب شخصي و كأني بحركة التوحيد و الإصلاح تريد أن نعتبرها احد دواوين الحكومة و أن نبعث إليها كل مراسلة أو خطاب صادر عن مؤسسات الدولة للمصادقة عليه. و بالمناسبة، هل قرأتم يا كبير الحركة الفصل التاسع من المعاهدة موضوع بيانكم ، و هل اطلعتم على قانون الجنسية المغربية الذي يعطي لأبناء و بنات المغربيات الجنسية المغربية بدون إجراءات خاصة أو استثناء. هل قرأتم يا كبير الحركة الفصل السادس عشر من الاتفاقية الدولية و قارنتموها مع مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية و المشهور في المذاهب. لو كنت مكانكم لسألت الحكومة أن تطالب بتفسير ما ورد في المادة 13بشأن الحق في الاستحقاقات الأسرية، ما المقصود بالاستحقاقات الأسرية؟؛ و كنت قد اتصلت يوم نشر المعاهدة سنة 2001 بفريقكم البرلماني أدعوهم للاستفسار لكن مع كامل الأسف لا حياة لمن تنادي. أما المواد 9 و 16 التي تم رفع التحفظات في شأنها فهي لا تخالف شرع الله بل أن الحقوق الواردة فيها حصلت عليها المسلمات منذ 14 قرنا و هي مستنسخة من مقتضيات الدين الإسلامي و التحفظات التي أبداها المغرب بشأنها كانت باطلة من أساس. و أذكر كبير الحركة أنه لو قرأ الاتفاقية موضوع البيان الذي وقعه و تحفظات المملكة المغربية لتبين له أن المغرب في ديباجة تحفظاته أشار إلى أنه غير ملزم بتطبيق أي مقتضى يخالف أحكام الدين الإسلامي و بذا فكل تفسير أو تطبيق للمعاهدة أو أية ملائمة للقوانين الوطنية لمقتضيات المعاهدة لا يمكن أن تخالف المرجعية الإسلامية أو تمس بها. و هنا أطرح سؤالا بالبند العريض أين كان كبير التوحيد و الإصلاح يوم مس صاحب ديوان حقوق الإنسان بالمرجعية الإسلامية خلال فعاليات الجامعة الصيفية لحزب الخضر بفرنسا ، كنت يومها أول من استنكر ذلك و اتصلت بجميع الأطياف السياسية قصد توقيع عريضة تدعو إلى إقالته وكان اليسار المتهم بالعلمانية ارحم بي ممن اشترك معهم في المرجعية و وقع اليساريون العريضة و لم يوقعها من الإسلاميين إلا النزر اليسير و لم تصدر لا الحركة و لا ذراعها السياسي أي بيان أو بلاغ...، و للإطلاع أرجوكم مراجعة الموقع http://hespress.com/opinions/37935.html و بالمناسبة يذكرني بلاغ الحركة الحالي ببلاغها سنة 2007 حيث أبانت عن مساندتها لحزب العدالة و التنمية و طلبت من منخرطيها التصويت على مرشحي الحزب، و نسيت الحركة أنها كجمعية خاضعة لظهير 1958 كما تم تغييره أو تتميمه، لا يسمح لها القانون بالمشاركة في الحياة السياسية للبلد و رغم ذلك و في تحدي سافر للقانون المعمول به أبت الحركة إلا أن تعمل على إنجاح مرشحي حزب العدالة و التنمية ضدا على القانون بدعوى أنهم وحدهم المسلمون أما غيرهم ف... هل يعرف كبير حركة التوحيد و الإصلاح لم يتجرأ الغرب على ديننا و معتقداتنا؟ هل فكر يوما كبير حركة التوحيد و الإصلاح لم تلقى ادعاءات الغرب آذانا صاغية في أوساط نسائنا و شبابنا؟ لأنكم و بكل بساطة تعطون للغرب ببياناتكم و بلاغاتكم ما يستندون عليه لاعتبار الأحكام الواردة في ديننا ميزا جنسيا أو عنصريا، لأنكم و جل الدعاة لدينا لم تستطيعوا تفسير الأحكام و الإثبات بالحجة و المنطق أننا لا نمارس أي ميز ضد النساء و أن أحكام ديننا الحنيف تعطي للمرأة أما أو بنتا أو زوجة مقاما لا يمكنه أن تصله تشريعات الغرب و معاهداته. لأنكم و جل الدعاة نسيتم مهمتكم الأولى و هي الدعوة و انخرطتم في العمل السياسي المباشر بل أن أكثركم أصابه الغرور و ظن أنه وصل درجة الحلول و لم يعد ينظر إلى الآخرين من أمثالي إلا نظرة ازدراء فنحن المواطنون البسطاء لا نستحق في عرفكم إلا أن نكون تابعين لا حق لهم في التفكير أو التحليل أو الفهم بل علينا جميعا أن ننصت للأسياد الذين أضحوا قاب قوسين أو ادني من الجنة و لم تعد همهم الأول، بل انتقلوا إلى البحث عن دنيا يصيبونها وألهتهم السياسية و ملء مقاعد البرلمان أو الحكومة عن ذكر الله. لأنكم و بكل بساطة نمتم نومة أهل الكهف و لما استفقتم بعد ألف سنة و نيف ظللتم تفكرون بعقلية القرون الوسطى و لم تستوعبوا أن لا رهبانية في الإسلام و أن الدين الفطرة. أكتب هذا و استغفر الله لي و لكم و أنا واثق أن جميع ما ورد في ديننا الحنيف من أحكام قطعية لا يمكن أن توسم بالنقص أو التمييز العنصري أو النوعي و أدعو من هذا المنبر كل المهتمين إلى مناظرة كبرى تدرس فيها النصوص و تفسر بلغة العصر لنثبت للجميع أن مقتضيات الدين الإسلامي هي الصالحة اليوم كما كانت أمس و كما ستبقى أبد الدهر. اللهم فد بلغت، اللهم فاشهد.