انصبت اهتمامات الصحف المغاربية، اليوم الثلاثاء، على الجدل حول تمديد مهمة هيئة الحقيقة والكرامة بتونس، وبأزمة المنظومة التربوية بالجزائر، والانتخابات المقبلة بموريتانيا. ففي تونس، كتبت صحيفة (لوتون) في مقال بعنوان "مسلسل بن سدرين والبرلمان يتواصل"، أنه بعد جلسة أولى صاخبة، استأنف مجلس نواب الشعب أشغاله، وصوت ضد التمديد للهيئة. وأوضحت أن رئيسة الهيئة، سهام بن سدرين، أوضحت أمام المنتخبين أن التمديد في ولاية الهيئة يبقى فقط من صلاحيات مجلس الهيئة، وأنه لا يمكن لمجلس نواب الشعب سوى أن يطالب بتوضيحات دون أن يعطي لنفسه الحق في تمرير أو رفض قرار من هذا القبيل. وأضافت الصحيفة أن منتخبين دخلوا في مشاحنات، منذ يوم السبت، حول هذه القضية التي يعتبرونها أساسية، ذكرونا، ربما دون قصد منهم، بطبيعة الانقسامات التي تشهدها الساحة السياسية، مبرزة أنه تم تناسي التوافق بسرعة كبيرة. من جهتها، كتبت صحيفة (لابريس) أن الديمقراطية الحقة ترتكز على وجود أغلبية ومعارضة، معتبرة أن التنافس الحاد بين البرلمانيين هو إحدى صفاتها الطبيعية، غير أنه في هذه الحالة، وكيف ما كان الرهان، لا ينبغي أن يؤدي ذلك إلى السقوط في الكلام والمواقف المبتذلة. وقالت إن الصور الأخيرة، التي تم نقلها مباشرة على شاشة التلفزة، يومي الجمعة والاثنين الماضيين، انطلاقا من أروقة مجلس نواب الشعب، أربكت الكثيرين، مبرزة أنه في الوقت الذي كان يتعين فيه أن يكون النقاش حول التمديد في عمل هيئة الحقيقة والكرامة سياسيا وقانونيا ودستوريا بامتياز، تابعنا تبادل السباب والشتائم، وهو ما من شأنه أن يدفع إلى تشاؤم الأكثر تفاؤلا. وتحت عنوان "معركة حاسمة"، كتبت صحيفة (لوكوتيديان) أنه لا يمكننا سوى أن نحيي سهام بن سدرين ونوابنا ال217، ملاحظة أنه في هذه الأوقات التي يطبعها الكذب والنفاق والأنانية، كان ممثلونا في مجلس نواب الشعب وسهام بن سدرين مثاليون، وواضحين بما فيه الكفاية وأوفياء لعاداتهم، فهم لم يفاجئونا، ولم يكذبوا. وأوضحت أن بن سدرين "المرأة الحديدية" المتمسكة بمبادئها، لم تخرج عن القاعدة وبذلت كل ما في وسعها لتبقى وفيه لنفسها وأكدت إرادتها القوية لفرض قانونها وتقسيم شعب تساوره الكثير من الشكوك. من جانبها، نددت صحيفة (المغرب) بالأحداث التي ميزت جلسات صاخبة جدا عقدت يومي السبت والاثنين، والتي لم تعمل سوى على تفاقم انقسامات التونسيين، مبرزة أن النقاش حول مسلسل الانتقال الديمقراطي بالبلاد ودور هيئة الحقيقة والكرامة يعكس أزمة عميقة داخل المجتمع التونسي. بدورها تساءلت باقي الصحف حول جدوى هذه الهيئة التي تم إرساؤها في إطار العدالة الانتقالية بعد انهيار نظام بن علي والإعداد لدستور 2014. وأخذت على الهيئة، التي تتمثل مهمتها في البحث عن أسباب انتهاكات حقوق الانسان ومختلف التجاوزات، وتحديد المسؤوليات من أجل الوصول إلى المصالحة، تسلط رئيستها، ورفضها لقرارات المحاكم حول إعادة إدماج الأعضاء المطرودين، وكذا التكلفة المرتفعة لمهمتها ولتقسيم التونسيين. وفي الجزائر، تطرقت الصحف إلى الأزمة التي تشهدها المنظومة التربوية، جراء تضاعف الإضرابات، معتبرة أن السلطات الجزائرية عاجزة عن وضع حد للكارثة التي تلوح في الأفق. وكتبت صحيفة (ليبيرتي)، في هذا الصدد، أن الدورة الثالثة من الموسم الدراسي الجاري أصبحت هي الأخرى مهددة باضطرابات كما كان الشأن بالنسبة للدورة الثاني، التي ذكرت بأنها شهدت إضرابات طويلة خاضها المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية (كنابست)، خاصة بولايات تيزي وزو والبليدة وبجاية، مسجلة أن النقابة قررت استئناف إضرابها ابتداء من تاسع ابريل المقبل. وأشارت الصحيفة، في افتتاحيتها بعنوان "تعليق الهدنة"، إلى أنه يتعين أخذ قرار النقابة على محمل الجد، معتبرة أنه باستثناء تنازل كبير من قبل وزارة التربية الوطنية، وبكلمة أخرى صدور تعليمات من "أعلى مستوى" لتفادي تفاقم صراع طال أمده، فإن النقابة ستخوض إضرابها. واعتبرت الصحيفة أن الطابع الدوري للإضراب المعلن عنه، بواقع يومين في الأسبوع، لا يحد في شيء من تأثيره السلبي على السير الطبيعي للدروس والاستعدادات لامتحانات نهاية السنة، وأن الوزارة الوصية تخشى خلق سابقة من نوعها، في حالة دخولها في هدنة مع النقابة، وهو ما ستطالب به نقابات أخرى في المستقبل. من جهتها، ذكرت صحيفة (الوطن) بأن محمد بوضياف كان قد لاحظ، خلال الفترة القصيرة التي قضاها على رأس الدولة، أن المدرسة الجزائرية في وضع كارثي، مبرزة أنه بعد مرور 25 سنة على اغتياله، ازداد الوضع تفاقما إلى الحد الذي يمكن أن نلاحظ معه أن المدرسة غرقت في مشاكلها. وأوردت الصحيفة، في هذا الصدد، تصريحا لفريد بن رمضان، مستشار وزيرة التربية الوطنية، أمام مفتشي القطاع، والذي قال فيه إن " المستوى الدراسي للتلاميذ حاليا يبقى ضعيفا بالمقارنة مع جيراننا. فخلال امتحانات الرياضيات، اتضح أن المستوى بعيد جدا عن مستوى هذين البلدين، أي المغرب وتونس". وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها أن السلطات الجزائرية عاجزة عن التصدي للكارثة التي تلوح في الأفق، مبرزة أنه ومن أجل إصلاح الأضرار، استقدم النظام نورية بن غبريط، وهي خبيرة دولية ذات سمعة عالمية، اشتغلت على الخصوص في منظمة الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي حددت مهمتها في تقويم الوضع وإرجاع المدرسة مجددا إلى المكانة التي تستحقها. وفي السياق ذاته، اعتبرت صحيفة (الفجر) أن الوضع خطير وأنه حان الوقت للتحلي بالصرامة والسيطرة على أطراف الصراع، الذين لا يتصرفون لما فيه مصلحة الطفل الجزائري، وإنما من أجل أهداف هيمنة قوى خارجية. أما صحيفة (كل شيء عن الجزائر) الالكترونية، فكتبت أن رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ عبر عن "قلقه الكبير" إزاء الاضراب الدوري الذي أعلن عنه المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية (كنابست)، ابتداء من تاسع ابريل المقبل. بدورها، قالت صحيفة (ليكسبريسيون) إن "الإضراب اللامحدود هو مغامرة تمس جوهر العمل النقابي، على اعتبار أن اللجوء إليه عندما لا تكون أبواب الحوار مغلقة لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال". وفي موريتانيا، كتبت الصحف أن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر تكتل لأحزاب المعارضة بالبلاد، دعا إلى "فرض مسار انتخابي توافقي يضمن حياد السلطة وتكافؤ الفرص أمام كل الفرقاء، ويفتح الطريق أمام التناوب السلمي على السلطة". وذكرت الصحف أن المنتدى دعا أيضا، في بيان، أمس الاثنين، إلى "فرض رقابة جادة وكاملة من لدن الهيئات الدولية ذات المصداقية والتجربة في رقابة الانتخابات، على غرار رقابة الانتخابات الرئاسية لسنة 2007، تلكم الرقابة التي ظل النظام يتهرب من طلبها، مكتفيا بالحضور الرمزي لمراقبين من هيئات محابية"، مؤكدا "من جديد ضرورة تشاور وطني وتهدئة الساحة السياسية لخلق المناخ والظروف الملائمة لتنظيم انتخابات توافقية، (...) تعيد المسلسل الديمقراطي للطريق الصحيح". ونقلت عن التكتل المعارض قوله إن "البلاد تعيش منعطفا حاسما من تاريخها يجعل السلطة القائمة اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن تتحلى بروح المسؤولية وتعمل بالتشاور مع القوى السياسية الفاعلة على تنظيم مسار انتخابي توافقي يطمئن الجميع ويضمن حياد الدولة، وخاصة السلطة التنفيذية، ومساواة الفرص أمام جميع الفرقاء لتحقيق تناوب حقيقي على السلطة على أعتاب استحقاقات نيابية وبلدية وجهوية فاصلة، وانتخابات رئاسية حاسمة". وتابع المنتدى أن "الخيار الثاني يتمثل في أن تستمر السلطة في التفرد بتسيير المسار الانتخابي، وتغليب منطق المجابهة والإقصاء على لغة التهدئة والحوار، (...) مما سيزيد الأزمة السياسية تفاقما وينذر بعواقب وخيمة على استقرار البلد ومستقبله، علما أن سد الباب أمام فرص التغيير الديمقراطي عن طريق صناديق الاقتراع يعني فتح الطريق أمام التغيير عن طريق الهزات التي لا يمكن التحكم في عواقبها" وأضافت أن منتدى المعارضة، اعتبر، في بيانه، أن "كل المؤشرات تدل على أن السلطة قد اختارت حتى الآن التمادي في الخيار الأخير لفرض إرادتها ووضع جميع الفرقاء أمام الأمر الواقع، من أجل استمرار النظام الحالي بطريقة أو بأخرى". وقال إن "التصرفات التي يقوم بها النظام حاليا تبعث فعلا على القلق على مصير المسار الانتخابي"، مستشهدا، في هذا السياق، على الخصوص، بما وصفه "مسابقة الزمن من أجل تكريس المسار الأحادي من خلال تمرير النصوص المتعلقة بالاستحقاقات القادمة والهيئات المشرفة عليها، دون التشاور مع طيف واسع من القوى السياسية الفاعلة". وارتباطا بالاستحقاق الرئاسي المقبل، كتبت الصحف أن قرار الرئيس محمد ولد عبد العزيز عدم الترشح لولاية ثالثة سيفرز أحد أمرين، "إما أن يكون الخليفة شخصا قويا يدرك أن عليه أن يسير في ذات الاتجاه الذي وجد البلد عليه وهو أمر صعب المنال، وحينها سيكرم ولد عبد العزيز ويصدره للعالم كرمز دولي يكسب احترام الجميع، أو ينقلب عليه ويدخل البلد في متاهة سبق لها وأن عاشت مثلها، أعادت البلد إلى الوراء قبل أن تنتشله المؤسسة العسكرية والأمنية وهو في طريقه إلى التقهقر".