في إطار أنشطة "ماستر الإدارة الديموقراطية وحقوق الإنسان" احتضنت كلية الحقوق التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير يومين دراسيين حول موضوع "مستقبل الديموقراطية بشمال أفريقيا على ضوء إشكالية سلطة الدولة، سلطة الدين وسلطة المال". وفي تصريح لجريدة هسبريس الالكترونية، قال رشيد كديرة، منسق "ماستر الإدارة الديموقراطية وحقوق الإنسان"، إن هذا النشاط خاص بالباحث الجامعي حتى لا يكون في موقع المتلقي فقط، بل يدلي بدلوه في النقاش العلمي، ويتخلص من قيود التراتبية بين الأستاذ والطالب، ويطرح الأسئلة المقلقة، التي لا يمكن فهمها بدون العودة إلى التاريخ والسوسيولوجيا ومقاربات متعددة المداخل. وأوضح أستاذ القانون العام والعلوم السياسية أن تنظيم هذه الأنشطة العلمية في رحاب جامعة ابن زهر يخدم بشكل نوعي المسار الأكاديمي للطلبة الباحثين، مؤكدا على ضرورة التثقيف والتوعية للخروج بالجامعة المغربية من أزمتها الحالية، التي باتت لا تخفى على أحد. مداخلات الباحثين حول مقاربة إشكالية اليومين الدراسيين كانت متنوعة. إذ أوضح المفكر والباحث سعيد ناشيد، في مداخلة له حول "إشكالية الديموقراطية بشمال أفريقيا في علاقتها بسلطة الدين"، أن مسألة التدبير السياسي للشأن الديني تتطلب دراستها مقاربات علمية متعددة، إلا أن الصعوبة، يضيف ناشيد، تظهر عندما يتعلق الأمر بالمقدسات ومحاولة دراستها بمنهج علمي. ويرى صاحب كتاب "الحداثة والقرآن" أن من أهم سمات الباحث الأكاديمي التوفر على ملكة القابلية للتشكيك والدحض والقدرة النفسية على المجازفة، بيد أنه حذر من تداخل الذاتي بالموضوعي، خاصة إذا تعلق الأمر بالمشترك الجمعي، قاصدا الدين. وضرب ناشيد المثل بباحث فقيه يرتدي عباءة الدين وهو يحاول أن يدرسه كمادة علمية، فيسقط في فخ الدفاع عن الدين، وهنا يفقد صفة البحث، على حد وصفه. وختم الباحث مداخلته بتساؤل لخص فيه محنة الكاتب الذي يجد نفسه وسط مجتمع لا يقرأ، وهنا مكمن الأزمة الحقيقية، يقول ناشيد. ومن زاوية تاريخية، اعتبر الباحث والكاتب عبد السلام بن ميس أن شمال أفريقيا زاخر بالعلوم والفنون منذ القدم، مشيرا إلى أن التاريخ الأمازيغي يوثق لتلاقح ثقافي بين الحضارة اليونانية والحضارة الأمازيغية منذ قرون مديدة. وعرج الباحث على أزمة الجامعة المغربية، التي رأى أنها تتلخص في غياب شعبة الفلسفة، التي تولد لدى الباحث تفكيرا عقلانيا. المدرسة الألمانية كانت حاضرة بمنهجها النقدي، حيث تطرق محمد عبد السلام الأشهب إلى ما تمتلكه التجربة الألمانية في مجال البحث العلمي من مميزات نقدية، مبرزا أن ألمانيا الحالية، باقتصادها القوي وجامعاتها، لم تكن لتصل إلى كل هذا التطور لولا استعانتها بمنهج مدرسة فرانكفورت وروادها مثل يورغن هابرماس.