اكتست الجماعة القروية أورتزاغ بتاونات، التي تحتضن مساحة مهمة من سد الوحدة، معطفا استثنائيا، هذه الأيام، إثر التساقطات المطرية الأخيرة، التي ساهمت في تحقيق بحيرة السد نسبة ملء لم تصل إليها منذ سنوات، فامتزج فيها جمال البرية الخضراء بسحر المياه الممتدة على لمح البصر. لكن خلف هذه اللوحة الطبيعية الأخاذة، التي تجعل زائر المنطقة يتمتع بإطلالة ربيعية رائعة، يكمن واقع آخر يتجرع سكان عدد من دواوير جماعة أورتزاغ مرارته بفعل العزلة التي تفرضها عليهم بحيرة سد الوحدة، كما هو حال دواوير أولاد حمو والدكارة وعين ليهودي وتارسالت والدهار، خاصة بعد أن تحولت مسالكها إلى مرتع للأوحال، فلم يعد أمام سكان هذه القرى من حل إلا المكوث بمنازلهم أو قطع بحيرة السد، مترامية الأطراف، عبر القوارب الخشبية. عزلة قاتمة "ما إن يأتي فصل الشتاء حتى نصبح محاصرين في منازلنا، بسبب انقطاع الطرق، لكن موسم الشتاء هذا العام كان استثنائيا، إذ أصبحت المسالك الترابية موحلة، واتسعت بحيرة سد الوحدة، التي لم يعد بمقدورنا قطعها عبر ركوب القوارب، لأن في ذلك مغامرة حقيقية"، يقول أحد سكان دوار أولاد حمو لهسبريس، وهو يتأهب لركوب أحد القوارب عائدا إلى منزله بعد أن قصد سوق سبت سلاس للتزود بالمؤن الأساسية. "عشرون سنة ونحن نعيش العزلة، لا يفكر فينا أحد، تركونا نواجه مصيرنا لوحدنا بعد إحداث سد الوحدة. لقد كانت لدينا من قبل طريق معبدة قبل أن تبتلعها بحيرة السد"، يوضح قروي آخر، قبل أن يروي للجريدة ما يعانيه سكان دوار الدكارة من أجل الوصول إلى الطريق المعبدة، حيث أبرز أن النساء وكبار السن لم يعودوا يبارحون مساكنهم إلا للضرورة القصوى. "الشيوخ والنساء والأطفال يخافون ركوب القوارب، فنضطر إلى حملهم على الدواب وقطع مسافة طويلة، تناهز سبعة كيلومترات، للوصول إلى الطريق المعبدة. لقد عدنا إلى العصر البدائي بعد أن كانت السيارات تمر وسط الدوار"، يضيف المتحدث ذاته، الذي طالب بفك العزلة عن دواره والقرى المجاورة عبر ترميل المسلك الطرقي الذي يربطها بالطريق المعبدة. "نحن في حالة يرثى لها، ضاعت الطريق التي كانت توصل إلى دوارنا ولم يعوضوها لنا. البارحة جاءتني امرأة مريضة اضطررت إلى حملها إلى الضفة الأخرى لأجل نقلها نحو المستشفى"، يقول صاحب قارب يؤمن النقل على بحيرة سد الوحدة بجماعة أورتزاغ، مبرزا أن معاناته في قطع البحيرة تتفاقم مع هبوب الرياح وتساقط الأمطار، حيث تتوقف القوارب عن ركوب أمواج البحيرة، فلا يصل الأهالي إلى قراهم إلا راجلين، قاطعين المسالك القروية في ظروف جد صعبة. تدخلات الجماعة من جانبه، قال عبد الرحمان بريول، رئيس الجماعة القروية أورتزاغ، إن جماعته قامت، مؤخرا، بعدة تدخلات لفك العزلة، التي فرضتها بحيرة سد الوحدة على الدواوير المعنية، مبرزا أن الجماعة خصصت أربعة أيام من حصتها لاستغلال آليات "مجموعة التعاون" لتهيئة الطريق الرابطة بين باب ازريبة، على الطريق الجهوية 408، ودوار القلعة، في الضفة الأخرى لسد الوحدة، على طول أربعة كيلومترات ونصف. وأضاف أنه تم تخصيص يومين آخرين من حصة الجماعة، التي تبلغ 25 يوما من تدخلات "مجموعة التعاون"، لترميل الطريق المؤدية إلى دوار الدهار، وهو المسلك الطرقي الذي استفاد من بناء قنطرة عليه بمواصفات مقبولة، يضيف رئيس جماعة أورتزاغ، مشيرا إلى أن الجزء الأكبر من الطريق، التي تربط بين دوار تارسالت والطريق المعبدة، تابع للنفوذ الترابي لجماعة اجبابرة. وقال إن الطريق المؤدية إلى دواري الدكارة وعين ليهودي، التي تمتد على مسافة سبعة كيلومترات، تلزم لتهيئتها اعتمادات مالية مهمة لا تتوفر عليها الجماعة، "غير أننا بصدد التفكير في الوسائل الممكنة من أجل تهيئة هذه الطريق وفك العزلة عن الدواوير المعنية"، يضيف رئيس جماعة أورتزاغ، الذي أكد أن مصالح جماعته سبق لها التدخل، خلال السنوات الماضية، لفك العزلة عن الدواوير التي تحاصرها بحيرة سد الوحدة، مبرزا أن هذه المسالك سرعان ما تجرفها مياه الأمطار جراء تعمد بعض المزارعين المجاورين لها حرث منشآتها المخصصة لتصريف مياه التساقطات المطرية، يضيف عبد الرحمان بريول.