منذ عشرات السنين، شكلت جماعة القنصرة الملجأ الوحيد لسكان مدينة سيدي سليمان ونواحيها للترويح عن النفس خلال العطلة الأسبوعية. إنه فضاء مُغر بطبيعته وبإمكانياته الطبيعية والثقافية (الغابة، الجبال، النباتات، الماء، بحيرة سيدي الشيخ أو ما يسمى ب»اللاك»، الثقافة الأمازيغية والعادات المحلية، والحيدوس الزموري،....)، يدفع العائلات والشباب يومي السبت والأحد ، إلى تنظيم رحلات إلى هذا الموقع السياحي غير الرسمي و غير المهيأ للسياحة. ونتيجة لهذا الإقبال، قمنا صحبة بعض الأعضاء من مكتبي كل من جمعية الحكامة والتنمية المستدامة وجمعية الغرب للتنمية والبيئة بزيارة تفقدية للمحور الممتد من سيدي سليمان إلى البحيرة المائية بدوار سيدي الشيخ والمسماة ب»اللاك»، ثم إلى سد القنصرة بإقليم الخميسات. بعد نهاية الرحلة، والتي قمنا من خلالها بتشخيص ميداني للوضع الاقتصادي والاجتماعي في هذا المحور تخللته حوارات مع الساكنة بعين المكان، استنتجنا الخلاصات التالية: 1- ازدواجية فلاحة عصرية/فلاحة معاشية على طول المحور: على طول نهر بهت انطلاقا من سد القنصرة إلى مصبه بمنطقة المكرن، لاحظنا اصطفاف الضيعات الفلاحية الكبيرة الخاصة المجهزة (السقي الكبير) على طول ضفتي النهر. وبجوار هذه الضيعات، خاصة بين جماعة دار بلعامري في اتجاه جماعة القنصرة، تمارس الساكنة أنشطة فلاحية معاشية بورية بمردودية ضعيفة بالرغم من قربهم من النهر ما بعد السد، ومجاورة أراضيها الصغيرة للبحيرة ما فوق السد خصوصا بالنسبة لساكنة دوار سيدي الشيخ ودوار البحيرة. 2 - تدهور حالة الطريق الرابطة بين دوار سوق الاثنين وسد القنصرة: يرجع بناء هذه الطريق إلى زمن الحماية حيث قام المعمرون بتهيئة وتجهيز الضفة اليمنى من بحيرة سيدي الشيخ وحولوها إلى قرية سياحية نموذجية آنذاك. وأكد لنا ابن الحارس للقرية زمن الحماية المسمى عبد الله بن عسو، أنه بسبب إهمال هذه القرية وتخلي السلطات العمومية عنها، أصبحت الساكنة تشكو من الفقر المدقع، ولم يبق لنا من تذكار إلا قارب شراعي تركه أحد المعمرين لأبي. أما الطريق الرابطة بين سوق الاثنين والبحيرة والسد، فقد تدهورت بفعل إقبال سيارات الوافدين على هذا الفضاء. وأكدت لنا هذه الزيارة كذلك أن تهيئة موقع القنصرة ببحيرته وارتقاءه إلى موقع سياحي قروي سيخلق تكاملا اقتصاديا بالمنطقة، خصوصا أن سكان مدينة سيدي سليمان يعانون من غياب كلي لفضاءات الترفيه والسياحة. كما أكد لنا مخاطبنا أن توافد سكان سيدي سليمان على الموقع ، يشكل مصدر عيش مهم للسكان بدواري سيدي الشيخ والبحيرة حيث يشترون من الساكنة الحوت ويكترون القوارب للتجوال داخل البحيرة. وبخصوص عدد القوارب المستغلة في مياهها، أكد لنا أنه يقارب حوالي 70 قارب تقليدي. 3 التهافت على شراء الأراضي بضفاف البحيرة: كما هو حال أحدهم الذي اشترى ما يقارب 30 هكتارا، وسعى للحصول وشراء أراض أخرى له (7 هكتارات في ملك عبد الله، و 4 هكتارات في ملك حبيبة). وإضافة إلى شراء الأراضي، شيد بوعزة يكن منزلا كبيرا بمواد بناء محلية بضفة البحيرة وجلب لها قارب عصري بمحرك للاستجمام. وكما أكد لنا السيد عبد الله أن رئيس وبرلماني جماعة القنصرة حسن الزكاري استقدم أحد أصدقاءه إلى البحيرة حيث توسط له واشترى قطعة أرضية مساحتها هكتارين من ورثة عائلة لعجيجتي. وأمام هذا التهافت على اقتناء الأراضي في البحيرة، لا يمكن للمرء إلا أن يفترض وجود مشروع غير معلن لتهيئة كل من البحيرة والطريق التي تربطها بدوار الاثنين، كما يفترض أن هذه التهيئة لن يشرع في تنفيذها إلا بعد إتمام عملية اقتناء الأراضي من الساكنة الأصلية الفقيرة. وفي هذا الصدد أخبرنا السيد عبد الله أنه لن يبيع أرضه مهما كان الثمن وعبر لنا أن وجود مشروع مبرمج لتهيئة البحيرة كموقع سياحي قروي سيشكل موردا هاما للعيش وسيخفف من حدة الوضع المزري للساكنة في المنطقة بشكل جذري. كما يأمل، في حالة عدم وجود أي برمجة تذكر، أن تقوم الدولة بمساعدتهم للتخفيف من فقرهم من خلال تمكينهم من اقتناء محركات ضخ المياه للسقي ومحركات للقوارب التقليدية للصيد خصوصا أن منازلهم وأراضيهم توجد قريبة جدا من ماء البحيرة. ونحن نتابع آمال هذا الفلاح الصغير، تساءلنا عن جدوى البرامج الحكومية في مجال محاربة الفقر (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية) والتنمية القروية (المخطط الأخضر)، إذا لم تغير ملامح الحياة عند الأسر الفقيرة المالكة للأراضي على ضفاف الأنهار والبحيرات (السقي الصغير والصيد التقليدي في الأنهار). وبخصوص التعليم في المنطقة، أكد لنا الشباب أصحاب القوارب أنهم يجدون صعوبة كبيرة في تتبع الدراسة. فالمدرسة بعيدة على دواري سيدي الشيخ والبحيرة بأكثر من خمس كيلومترات. وقد صرح لنا الشاب محمد العديوي (15سنة)، أنه يتابع دراسته بمستوى السادس إعدادي وأنه رسب لمرتين في كل من قسم التحضيري والثاني، أما بدر العديوي، الذي يتابع دراسته في قسم الخامس، فقد تعرض للرسوب ثلاث مرات في كل من قسم التحضيري والثاني والثالث. وبخصوص التعليم الثانوي، أكد لنا الشابان، استحالة متابعة الدراسة في هذا السلك لمجموع أبناء دوار سيدي الشيخ بسبب بعد المؤسسات الثانوية. 6-وضعية سكنية صعبة لسكان مركز القنصرة: يقطن أغلب سكان مركز القنصرة على منحدر على ضفاف النهر حيث تعرض جزء من المنازل القريبة من الماء للهدم جراء الفياضنات الأخيرة. إضافة إلى ذلك، أغلب المساكن مبنية بالتراب، ولا يتوفر المركز على شوارع أو أزقة معبدة بل جل المساكن شيدت بطريقة عشوائية في غياب أي تصميم بالنسبة للمنازل وبالنسبة للمركز بأكمله، كما أن الجماعة لا تتوفر على أي تجزئة عصرية بالرغم من توفر الوعاء العقار.