تعمل مديرية الأرصاد الجوية على تتبع ورصد أحوال الجو والمناخ، وإعداد توقعات حول التغيرات المناخية، إضافة إلى إعداد نشرات إنذارية والتنسيق مع مختلف المتدخلين الذين لديهم علاقة مع الأحوال الجوية كمصالح وزارة الداخلية والوقاية المدنية ووكالات الأحواض المائية، إضافة إلى الطيران والملاحة الجوية. بمناسبة اليوم العالمي للأرصاد الجوية الذي يصادف ال23 من مارس من كل سنة، زارت هسبريس مديرية الأرصاد الجوية في الدارالبيضاء لتتبع طريقة عملها عن قرب، وللاستفسار عن سبب عدم تحقق بعض توقعاتها. مراحل متعددة تصل المعلومة الرصدية إلى المغاربة بعد مرورها بأربع مراحل؛ أولاها الرصد الجوي ومراقبة الطقس عبر ربوع المغرب، عن طريق قياس وتتبع وتسجيل بيانات الطقس في جميع أنحاء البلاد بصفة مستمرة ليلا ونهارا. المعلومات التي تراقبها المديرية يتم استقاؤها عبر 44 محطة ترصد حالة الطقس في كليتها، و156 محطة رصد آلية، إضافة إلى 528 محطة مناخية فيها 432 جهازا لقياس الأمطار، بالإضافة إلى 5 محطات بحرية، و29 محطة ثابتة ومختبرين متنقلين لقياس جودة الهواء، إضافة إلى سبع رادارات لمراقبة الطقس وتتبع نشاط السحب والعواصف الرعدية وصور الأقمار الصناعية. وتقوم هذه الأدوات بتسجيل بيانات الأرصاد الجوية التي توجه إلى مقر المديرية بالدارالبيضاء، حيث يتم تجميع وتحليل وإعداد التقارير. المرحلة الثانية التي يمر عبرها إنتاج المعلومة الرصدية هي تجميع المعطيات، وهي المرحلة التي يتم فيها استقبال بيانات الأرصاد الجوية على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي بمركز الأرصاد الجوية بالدارالبيضاء. وتعرف مرحلة التجميع جمعا ومراقبة للتقارير المتضمنة لحالة الطقس، ليقوم بعد ذلك حاسوب متطور بمعالجة هذه المعطيات بمعدل 8300 مليار عملية في الثانية. ثم يأتي دور المرحلة الثالثة التي يتم فيها إنتاج خرائط لحالة الغلاف الجوي للمنطقة القريبة من سطح الأرض ودراسة كيفية تطورها مع مرور الوقت، عن طريق استخدام البيانات التي تعطيها محطات الرصد وأجهزتها، ويتم تخزين هذه البيانات بعد معالجتها لتكوين أرشيف لحالة الجو في المغرب. أما في مرحلة إعداد التوقعات، فيتم إعداد التوقعات عن طريق نماذج عددية تُشغل عن طريق حواسيب عالية السعة تمكن من الحصول على السيناريوهات المرتقبة لتطور عناصر الطقس خلال المراحل الزمنية القادمة على مستوى المغرب ومستويات أوسع، كما يتم خلال هذه المرحلة تحليل الخرائط الجوية لمختلف طبقات الغلاف الجوي من لدن المتخصصين في التوقعات، وعن طريقها يتم استنتاج مميزات الطقس الأساسية وتحديد موقع الاضطرابات وفعاليتها، وتأثير التضاريس والبحار وغيرها على حالات الطقس المختلفة. ثم بعد ذلك يحين وقت إرسال المعلومة المناخية لكافة المعنيين بها. لماذا تُخطئ التوقعات؟ بالرغم من دقة المعلومات المناخية التي تنتجها مديرية الأرصاد الجوية، فإنه في بعض الأحيان يأتي حال المناخ بغير ما توقعته. وفي هذا السياق، يقول الحسين يوعابد، مسؤول التواصل بمديرية الأرصاد الجوية، إن "دقة الرصد تكون حسب نوعية الاضطراب الجوي؛ فالذي يأتي من الجنوب لا يكون متقنا مائة في المائة، عكس الذي يأتي من الشمال أو الشمال الشرقي". ويضيف يوعابد أنه "لتكون النماذج أكثر دقة يجب أن تكون في أقل من كيلومتر واحد، حتى تُعرف المنطقة التي سيسقط فيها المطر بالضبط"، ويسترسل المتحدث شارحا: "عندنا نماذج جهوية قمنا بتطويرها مؤخرا تعطينا تقريبا توقعات في 1.5 من الكيلومترات إلى 2.5 من كيلومترات". ثم استدرك: "في بعض الأحيان، تكون عندنا بعض التغيرات، فعندما تأتي المعلومة من الشمال الغربي تتقنها النماذج، وتصل نسبة نجاحها إلى 95 في المائة، لكن تنزل هذه النسبة عندما تكون عندنا المعلومة من الجنوب الغربي، لأنه على المستوى العالمي في المناطق الجنوبية لا توجد العديد من محطات ونقط الملاحظة، فكلما كانت محطات الرصد أقل لا تكون الدقة في الرصد". وعن استراتيجية مديرية الأرصاد للحصول على توقعات دقيقة لأحوال الطقس المغربي، يوضح يوعابد أن للمديرية "استراتيجية لزيادة عدد المحطات على مستوى الجنوب والشمال؛ لأنه كلما تمت زيادة نُقط الرصد كلما زادت التوقعات ودقتها". يومٌ عالميٌ للمُناخ تخلد مديرية الأرصاد الجوية ذكرى تأسيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية هذه السنة تحت شعار "الطقس والمناخ التدبير والتدبر". ويشرح يوعابد سبب اختيار هذا الشعار بأن "الطقس والمناخ عناصر نعيش فيها، خصوصا في إطار التغيرات المناخية التي نعرفها على المستوى العالمي خلال سنوات 2017 و2018". مسؤول التواصل بمديرية الأرصاد الجوية وضح كذلك أن المغرب وقع "تحت تأثير انعكاسات التغيرات المناخية، ففي سنوات 2010، و2011، و2014 كانت الأمطار قوية، وكذلك الفيضانات، وهذه السنة امتازت كذلك ببرودة شديدة، كما أن الحرارة مستمرة خلال فصل الصيف". وأضاف المتحدث أنه "نظرا للتحديات الجديدة التي أصبح المغرب يواجهها كسائر بلدان العالم بسبب التغيرات المناخية وارتفاع وتيرة وحِدة الظواهر القصوى، تعمل مديرية الأرصاد الجوية الوطنية بشكل متواصل على تطوير نظام الإنذار الرصدي وجودة التنبؤات الرصدية على الصعيدين الجهوي والمحلي بالإضافة إلى تحسين السهر الرصدي المتمثل في رصد وتتبع الظواهر الجوية على كل المستويات". تجدر الإشارة إلى أن التوقعات التي تقوم بها مديرية الأرصاد الجوية تنقسم إلى توقعات آنية تتم في أقل 12 ساعة، وتوقعات قصيرة المدى تتراوح بين 12 إلى 48 ساعة، وتوقعات متوسطة المدى تتأرجح بين 3 و10 أيام، بالإضافة إلى التوقعات الفصلية التي تبدأ من شهر واحد لتصل إلى ثلاثة أشهر، والإسقاطات المستقبلية التي هي توقعات خاصة بالتغيرات المناخية فوق المغرب، والنشرات الإنذارية في حالة الظواهر القصوى التي تقوم بإمداد القطاعات الحيوية بالمعلومات لاتخاذ القرار عند توقع حدوث حالات جوية خطيرة. *صحافي متدرب