وقع المغرب الاتفاق المتعلق بإقامة منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية، اليوم الأربعاء، والذي يعد أبرز نقطة في جدول أعمال القمة الاستثنائية العاشرة للاتحاد الإفريقي التي افتتحت أشغالها اليوم بالعاصمة الرواندية كيغالي. ووقع الاتفاق رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، الذي يقود الوفد المغربي المشارك في القمة، بالإضافة إلى ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، والوزير المنتدب لدى وزير الخارجية والتعاون الدولي المكلف بالشؤون الإفريقية، محسن الجازولي. ورداً على الضغوط التي مارستها جبهة البوليساريو من أجل تعديل الاتفاق على مقاسها عبر "التأكيد في البروتوكول على ضرورة استثناء السلع والبضائع التي مصدرها الأقاليم الجنوبية من دخول منطقة التجارة الحرة القارية"؛ أكد مصدر من داخل القمة الإفريقية الاستثنائية، في تصريح لهسبريس، أن "المغرب حافظ على سيادته التامة وحقوقه الكاملة خلال عملية التوقيع". وعلمت هسبريس أن الملك محمد السادس وجه تعليمات رفيعة إلى الوفد المشارك ليكون المغرب من أول الموقعة على هذا الاتفاق التاريخي، الذي ينسجم تماماً مع الرؤية الملكية حول الاندماج الإفريقي. وسبق للجالس على عرش المملكة أن قال في الخطاب الذي وجهه إلى القمة 29 لقادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، بأديس أبابا: "نرى من الأساسي أن تحدد الدول الإفريقية أهدافا واقعية وعملية، تقوم على الأولويات الحقيقية للقارة؛ فإفريقيا لم تعد في حاجة إلى الشعارات الإيديولوجية، وإنما تحتاج إلى العمل الملموس والحازم في ميادين السلم والأمن والتنمية البشرية". وتنص ديباجة الاتفاق الموقع في آخر فقراتها على أن منطقة التبادل الحر المرتقبة بين الدول الإفريقية لا يُمكن أن تُقام لها قائمة إلا على أساس الاندماجات الإقليمية. ويعترف الاتحاد الإفريقي بسبعة تكتلات إقليمية، إذ يوجد المغرب أساسا ضمن اتحاد المغرب العربي، وفي طريقه للانضمام إلى بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، بينما تبقى جبهة البوليساريو التنظيم الوحيد ضمن الدول الإفريقية غير الممثل في أي اتحادات إقليمية. وعملياً يرى مراقبون أن البوليساريو، رغم مسارعة زعيمها إلى التوقيع على وثيقة اتفاق الاتحاد الإفريقي المتعلقة بإنشاء منطقة التجارة الحرة القارية، وإعلان كيغالي بشأن التكامل الإفريقي وتعزيز التجارة البينية الإفريقية، أثناء عقد القمة الاستثنائية؛ إلا أنها باتت اليوم خارج الأوراش القارية الكبرى. وستساهم منطقة التبادل الحر هاته في إحداث سوق مشتركة للسلع والخدمات لفائدة أكثر من مليار مستهلك، مع ناتج داخلي خام مركب يتجاوز 3000 مليار دولار؛ كما ستساهم في ارتفاع نسبة التجارة الإفريقية البينية إلى 52 بالمائة في أفق سنة 2022، وستمهد الطريق لإحداث اتحاد جمركي بعد أربع سنوات، ومجموعة اقتصادية إفريقية في أفق 2028. ووصف رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فاكي محمد، لحظة التوقيع على الاتفاق ب"اللحظة التاريخية التي لا مجال للتردد فيها"، وزاد: "هنا أدعو جميع الدول إلى التوقيع بدون تأخير على الاتفاق الخاص بمنطقة التبادل الحر القارية الإفريقية"، معربا عن أمل مفوضية الاتحاد الإفريقي في دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ قبل نهاية السنة الجارية. وأبرز موسى فاكي محمد أنه بالنظر إلى انعكاسات الاتفاقية على مجموع القارة الإفريقية، فإن الاندماج الاقتصادي لا يستجيب فقط للتطلعات الإفريقية الناشئة، وإنما أضحى خطوة أساسية للإقلاع الاقتصادي للقارة.