السياسي الاشتراكي المستقل عمر بلافريج في حوار مع هيسبريس: " الدولة توقفت عند الخطوات الأولى للإصلاح " " حركة 20 فبراير خلقت جيلا جديدا من المناضلين لابد من أن يكون لهم أثر في المستقبل " " الذين يطالبون حركة 20 فبراير بتقديم مشروع مجتمعي هم في الواقع عاجزون عن تقديمه " " النقاشات داخل مجلس النواب لم تأخذ بعين الاعتبار اللحظة السياسية الجديدة " " الدستور الجديد يبقى دستورا انتقاليا في ظل غياب فصل حقيقي للسلط " يفخر بانتمائه إلى المدرسة " البوعبيدية " الاشتراكية ويصر على قناعاته الإصلاحية ولا يرى في المناخ السياسي الراهن أفقا لتغيير حقيقي وشامل يفرز مغربا طموحا اقتصاديا واجتماعيا مغربا تسود فيه المساواة و العدالة الاجتماعية ، السياسي الاشتراكي المستقل الشاب عمر بلافريج في حوار صريح مع " هيسبريس " مع يصر على أن المغرب لا زال يشكو غياب مشروع اجتماعي طموح وأن الدولة توقفت عند الخطوات الأولى للإصلاح . عمر بلافريج لا يزال مقتنعا أن حراك الشارع المتمثل في حركة 20 فبراير خلق دينامية دينامية مجتمعية كسرت جدار الصمت و أن الحركة أنتجت جيلا جديدا من المناضلين الحقيقيين الذين لا بد أن يكون لهم بالغ الأثر على الحياة السياسية مستقبلا . على المستوى الشخصي لم يحسم بعد عمر بلافريج الذي صوت ب "لا " في الاستفتاء على النص الدستوري في أمر ترشيحه للانتخابات المقبلة من عدمه مؤكدا أن الأمر تقرره نقاشات مجموعة الوضوح الطموح والشجاعة رغم اقتناعه أن استحقاق الخامس والعشرين من نونبر سوف لن يحمل جديدا ، لكن الأكيد أنه لو رشح نفسه فلن يكون بعباءة حزب الاتحاد الاشتراكي كما يؤكد . مرت أشهر منذ انعزالك عن الساحة السياسية المغربية ، ما أسباب هذا الانسحاب؟ أبدا لم يكن هناك أي انعزال بل ابتعاد و مسافة قررت أخذها عن العمل الحزبي الكلاسيكي مقابل الانخراط في مبادرات وديناميات سياسية أخرى منها التي أسستها مع عدة أصدقاء تحت عنوان الوضوح ، الطموح والشجاعة . هل لا زلت على قناعاتك بأنه لا توجد هناك إرادة حقيقية للتغيير في المغرب؟ أنا كنت اطرح دائما إشكال غياب مشروع مجتمعي طموح لبلادنا، مشروع يفتح آفاق جديدة لشعبنا ويخرجه من التشاؤم الحالي فإلى حد اليوم لا أسمع أي جديد في هذا المجال , لا من الدولة لا من النخبة السياسية . لا شك أن الإرادة المعبر عنها صراحة اليوم تتمثل في الشارع، خاصة القوى الديمقراطية الطامحة لبناء مغرب الكرامة، الحرية، العدالة الاجتماعية والمساواة. لكن في الطرف الآخر، لابد من القول أن الخطابات وحدها غير كافية ولابد من اتحاذ إجراءات وتدابير شجاعة وفورية . كيف تابعت عملية الاستفتاء الأخيرة على الدستور الجديد والتي أفرزت حسب النتائج المعلن عنها إجماعا وطنيا؟ أتأسف على عودة الأساليب القديمة في الحملات إنها أساليب بالية تعود إلى العهد السابق وأعتقد إن المغاربة لهم القدرة على التفاعل الايجابي و الذكي دون استعمال البهرجة ..... ،ربما يعود هذا إلى صراع بين مراكز المحافظة و الإصلاح حول من له قدرة التعبئة والاستمرار . على أي أساس بنيت قرارك بالتصويت ب "لا " على النص الدستوري المعدل؟ عبرت عن موقفي في تلك اللحظة. الوثيقة المطروحة للتصويت كانت متقدمة على دستور 96, بالأخص في إدخال بنود متعلقة بحقوق الإنسان لكن كما يتفق عليه الجميع الوثيقة ليس فيها فصل واضح للسلط. وبالتالي فإنه يبقى دستورا انتقاليا جديدا . لهذا فباعتباري فاعلا سياسيا إصلاحيا اعتبرت التصويت تصويتا سياسيا بالأساس يهم المناخ السياسي أكتر من النص في حد ذاته العام, هذا المناخ حسب تقديري لم يكن ملائما وهو ما كان مبررا أساسيا ل أصوت ب لا وهو ما يبرز اليوم . هل تعتقد أن ما أعلن عنه الملك من إصلاحات يعتبر كافيا لإرساء انتقال ديمقراطي حقيقي في المغرب؟ الدولة توقفت عندالخطوات الأولى لللإصلاح, ما أعلن عنه الملك في خطاب 8 مارس يعتبر بداية للإصلاح وليس نهاية الإصلاحات حيث كان من المفترض التوجه نحو حوار وطني حول عقد اجتماعي جديد وهو ما تجاهلته الدولة و النخبة السياسية ربما لأنانيتها أو لارتباطها باللوبيات المستفيدة من الريع و الفساد. مند مدة طويلة وأنا لا أتوقف على القول أن المجتمع مريض في ظل غياب نموذج مجتمعي يحظى بثقة المواطن فلا المدرسة توفر تعليما جيدا ولا الصحة العمومية قادرة على توفير علاج للناس ولا المواطن يشعر بالأمن ووسائل النقل العمومية خدماته متردية .. كما أننا نعيش في مجتمع غير متضامن ويسوده الجشع والاستغلال, هذا أمر خطير جداً يهدد حتى ا ستقرار البلاد إذ لم تتخد التدابير الاجتماعية والسياسية اللازمة, والخطير في الأمر أن النخبة المسيرة (دولة وأحزاب ) تتعامل وكأن كل شيء على ما يرام . كنت من أوائل من دعموا حركة 20 فبراير بل وخرجت في عدد من تظاهراتها ، بعد مرور سبعة أشهر على تأسيسها كيف تقيم مسار الحركة والتغيير الذي أحدثته ، وما هو قراءتك لمستقبلها؟ لقد خلقت الحركة دينامية مجتمعية وكسرت جدار الصمت و أفرزت تناقضات المجتمع وجيلا جديدا من المناضلين الحقيقيين الذين لا بد أن يكون لهم بالغ الأثر على الحياة السياسية مستقبلا.إنهم شباب يماثلون في وطنيتهم جيل الحركة الوطنية. لكن لابد من تأطير الحركة بمطالب وشعارات جديدة تمس المجتمع. فلا تغيير دون انهيار الثقافة السائدة ودون تحرر المجتمع ومساواة كاملة بين الجنسين في الحقوق بمنظور كوني . هناك من يقول مثلا إن الحركة لم تقدم أي مشروع مجتمعي وسقطت في فخ " الراديكالية " من خلال هيمنة أطراف تصفها الدولة ب "العدمية " ، ما تعليقك ؟ ليس مطلوبا من الحركة تقديم مشروع مجتمعي والذين يطالبون الحركة بتقديم مشروع مجتمعي إليوم هم العاجزون عن التقدم به. ماهي توقعاتك للاستحقاقات الانتخابية المقبلة في نهاية شهر نونبر القادم ، هل تعتقد أنها ستحمل تغييرا في النخب السياسية الواصلة إلى قبة البرلمان؟ أولا هل تعتقد أن تجرى الانتخابات في نوفمبر القادم ؟ على كل حال من المفترض أن تشكل الانتخابات المقبلة جوابا سياسيا على مرحلة جد صعبة لكن هذا الأمر لازال لحدود الآن غائب ، فلا الأحزاب عقدت مؤتمراتها لتجديد هياكلها وتكييف برامجها وفق الهندسة الدستورية الجديدة ولا الدولة استطاعت إقتراح قانون انتخابي مفتوح وديمقراطي يسمح بالتجديد ، إن كل هذا يجعلنا لحد الآن لا ننتظر أي جديد من الانتخابات القادمة. كيف تابعت النقاشات التي دارت بين الدولة والأحزاب حول القوانين التنظيمية للانتخابات والجدل الذي حصل حول عدد من النقاط كاللائحة الوطنية والعتبة وغيرها ؟ مع كامل الأسف ما نشهده اليوم داخل مجلس النواب يؤكد أن تلك النقاشات لم تكن جدية ولم تأخذ بعين الاعتبار اللحظة السياسية الجديدة التي تستلزم منهجية جديدة للجواب الشامل على الوضع الراهن، هل طرح سؤال تكتيف المشاركة وسؤال التجديد وعن أي انتخابات نريد؟ إن الجدية تقتضي الجواب على هده الأسئلة لتجاوز وضع الاختناق . هل حسمت أمرك بعدم ترشيح نفسك في الانتخابات المقبلة أم أن الأمر لا يزال مطروحا ؟ أنتمي للمدرسة البوعبيدية مدرسة الديمقراطية والإصلاح، والانتخابات محطة من محطات الإصلاح وواجهة للتواصل و البناء لذلك فنحن كمجموعة الوضوح الطموح والشجاعة لازلنا نتدارس هذ الموضوع . وإن حدث، تحت شعار أي حزب أو لون سياسي ستقدم ترشيحك؟ لو لم تكن هناك عراقيل في وجه ترشيح المستقلين لكان قرارنا كمجموعة أن ندخل الانتخابات بهذه الصفة بعدة دوائر . هل لازلت عند قناعاتك بأن حزب الاتحاد الاشتراكي لا يزال غير قادر على تقديم مشروع يستجيب لطموحات المواطنين؟ لدي الكثير من الأصدقاء في الاتحاد و كلهم يشتكون من غياب مشروع واضح و أتمنى أن يجتاز الحزب أزمته الداخلية . هل تلقيت اتصالات من حزب الاتحاد الاشتراكي أو من أحزاب أخرى؟ نعم كانت هناك اتصالات لكن فضلت عدم الرد عليها وبهده المناسبة أشكر جميع الأصدقاء وخاصة اتحاديي حركة 20 فبراير . أي دور يمكن أن تلعبه مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد التي ترأسها في الفترة القادمة ؟ مؤسستنا تلعب دورا مؤثرا منذ تأسيسها فهي مؤسسة مستقلة في عملها وتوجهاتها، تسعى إلى المساهمة في النقاش العام حول القضايا الاجتماعية الكبرى، وإلى تعزيز ثقافة التفكير البناء المعتمد على قواعد وأسس سليمة في الفهم والتحليل لتوضيح الرهانات الأساسية في عدة الميادين . ما المغرب الذي يحلم به عمر بلافريج؟ المغرب الذي أحلم به هو الذي تكلمنا عنه كمجموعة الوضوح الطموح والشجاعة في رسالتنا إلى شعب اليسار في 2009 ، أحلم بمغرب طموح إقتصادياً إجتماعياً ومجتمعياً. أحلم بمغرب المساواة، مغرب العدالة الاجتماعية، مغرب النمو الاقتصادي و الابتكار، مغرب الإبداع الثقافي والفني. كل هذا ممكن إذا استطعنا نحن اليساريون أن نوضح هويتنا و نبلور مشروع مجتمعي وأن ندافع عنه بشجاعة.