أَن تجد حارسا بمواصفات عالمية ترعرع في مدرسة مغربية ليس بالأمر الهيّن، فحالة ياسين بونو، حارس مرمى "جيرونا" الإسباني في القسم الإسباني الممتاز يجب أن تدرس ويحتذى به لمن أراد اتباع المسار نفسه أو أفضل منه مستقبلا. ابن "كازا بلانكا"، عاشق للونين الأحمر والأبيض منذ صغره رغم توفّره على جنسية كندية، أراد الانطلاق من وطنه، وولج في سن صغيرة أكاديمية الوداد الرياضي وتعلّم فيها أولى مبادئ حماية شباكه من الأهداف، واضعا نصب أعينه جهابذة من حراس مرمى النادي رغبة منه في الاقتداء بهم، واتّباع مسار أفضلهم، حتى إنه ظل متأكدا من حلمه إلى حين تحقّقه رغم وجود حراس كبار في وقته. ميلاده سنة 1990 في "مونتريال" الكندية لم يغيّر حبه للوطن، ليؤكّد أن القلب لا يخطئ في اختياراته بعدما برز مع الوداد سنة 2010 مع الفريق الأول خليفة للحارس نادر لمياغري في نهائي دوري أبطال إفريقيا بعد إصابة الأخير بكسر غيّبه عن هذا المحفل، لتنطلق المسيرة نحو آفاق رسمها منذ أولى خطواته وحدّدها منذ اختياره لمركز حراسة المرمى. لا يمكن أن يمر تألّقه عن التقنيين في الجامعة الملكية لكرة القدم، واختير لتمثيل المغرب في المنتخبات الشابة سنة 2011 بعد مسار جيّد فرض على ناد إسباني عريق الالتفات نحوه والتقرّب منه لإغرائه للاحترف في دوري أوروبي قوي، ولم يكن إلا "الروخي بلانكوس"، أتليتيكو مدريد، المتعاقد معه سنة 2012، وهي بداية الحلم الذي راوده منذ الطفولة. البدايات لا تكون سهلة طبعا، عانى بونو الأمرين مع "الأتليتيك" ولم تتح له فرصة اللعب في أربع سنوات إلا في 48 مباراة، أغلبها مع الفريق الثاني لنادي العاصمة، قبل أن يعار سنة 2014 لريال سرقسطة في القسم الثاني، ويبدأ مسارا جديدا لم يكتب له أن يصعد فيه إلى "الليغا" في سنة متميزة، قبل أن يكافح من أجل نفس الحلم بعد انتقاله إلى "خيرونا" بعد سنة، وينجح في بلوغه بفضل تأهّله إلى الدور الفاصل ونجاحه أخيرا في قيادة فريقه إلى الدوري الإسباني الممتاز. بالموازاة مع تألّقه مع "جيرونا"، لم يسقط اسمه من لوائح المدرّبين المشرفين على المنتخب المغربي، وظل حاضرا في السنوات الأخيرة حارسا ثانيا أو ثالثا، وعاش حلما آخر مرّة استمتع به في سن ثماني سنوات، وهو التأهل إلى كأس العالم بحضوره الدائم مع "الأسود" ويقترب بعد سنوات من الاحتياط أن يشركه الناخب الوطني هيرفي رونار في إحدى مباريات المنتخب الإعدادية للمونديال نهاية الشهر الجاري، بفضل إحصائياته المتميّزة بحفاظه على نظافة شباكه في ست مباريات في إسبانيا، ليقارنه المتتبعون ببادو الزاكي، الحارس الأسطوري للمغرب والوداد و"ريال مايوركا". بونو الموهوب تريّث في اختياراته، وكان مصيبا فيها لدرجة كبيرة، وهو الآن مثال لكل شاب ينوي الانطلاق من الصفر، ويحق له الافتخار بما وصل إليه بفضل تواضعه وعدم ملله من المحاولة، ورسالته للجميع لا نتيجة دون عمل، مطبقا مثل: "لا بد أن يشرق الضوء في آخر النفق". * لمزيد من أخبار الرياضة والرياضيين زوروا Hesport.Com