أيا كان موقعهن، رئيسات مقاولات أو رئيسات وأعضاء مجالس إدارية أو حتى دركيات داخل البورصة، فقد بصمن، بفضل مؤهلاتهن وكفاءاتهن وإصرارهن، عن مسارات مهنية طبعها التألق والتميز، على غرار المحللة المالية كوثر قربال، التي عرفت كيف تفكك ألغاز عوالم المال والأعمال بحرفية عالية. كوثر، خريجة المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات سنة 2006 (تخصص المالية والمحاسبة)، المزدادة بمدينة الرباط والمنحدرة من مولاي ادريس زرهون، حصلت، بعد ثلاث سنوات عن تخرجها، وبتفوق، على دبلوم في مجال التحليل المالي وإدارة الأسواق المالية. وبدأت هذه الشابة، التي استفادت من تدريبات بعدد من المؤسسات البنكية والمالية داخل وخارج المغرب، مسارها المهني كمحللة مالية ببنك الأعمال التابع لمصرف المغرب (مصرف المغرب كابيتال)، لتصبح بعد سنوات من العمل الدؤوب والجاد مسؤولة قسم "التحليل والبحث" للمجموعة بأكملها. وعن اختيارها لهذا التخصص، تقول كوثر أن الأمر يتعلق بحلم سكنها منذ أن كانت طالبة بالمعهد، مشيرة، في حديثها إلى وكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أنها بدأت بدراسة مالية المقاولات والأسواق، لتكتشف على الفور أن ميولاتها تتجه نحو الغوص في خبايا العمل داخل أسواق المال، خاصة ما يتعلق بتحليل المعطيات المالية المتعلقة بمختلف المقاولات المدرجة في البورصة. وأضافت أنها نجحت في الحصول على تدريبات تتلاءم وميولاتها، والتي أكسبتها المزيد من الخبرة والمهنية، ودعمت مؤهلاتها العلمية، لتتمكن من الاندماج بسهولة في سوق العمل، مؤكدة أنها لا تتصور الاشتغال في مهنة أخرى غير مهنة محللة مالية، من فرط حبها لمهنتها، التي تعشقها بشكل كبير. وتقضي كوثر يومها بين تحليل أوضاع السوق المالي، وإنجاز الدراسات القطاعية، وصياغة نشرات تحليلية، فضلا عن توليها مهمة تنظيم جولات بين الفاعلين المؤسساتيين الماليين، والمساهمة في التواصل المالي لمجموعة مصرف المغرب. وبأريحية كبيرة وثقة متناهية، تجيب كوثر عن أسئلة الصحافيين والمهنيين المشتغلين في المجال المالي بخصوص توقعاتها وتحليلاتها للتداولات الجارية داخل البورصة، مقدمة لهم العون الكامل من أجل تتبع المؤشرات ورصد تطورات السوق المالية. بالنسبة لها، تحقيق النجاح لا يمكن أن يتم دون وجود فريق عمل متكامل، لذا فهي لا تتردد في طلب مساعدة زملائها للحصول على توضيحات والإطلاع على آخر المستجدات. ولأن الحياة، بنظرها، ملأى بالفرص، فهي دائمة التفاؤل بشأن المستقبل، وتعتبر أن الجدية والإتقان والصبر والتكوين المستمر الجيد، هي مفاتيح النجاح في مهنة حساسة توجد في قلب الحدث الاقتصادي. وتؤكد أن كل مسار مهني تحفه المصاعب والمعيقات، غير أن ذلك لا يمنع من المحاولة بجدية وتفان وإظهار صلابة كبيرة في مواجهة الصدمات الخارجية لإكمال المسيرة، وبرأيها، فالثقة في الذات كفيلة بتعبيد طريق النجاح. فحرص كوثر على الإتقان والتميز في مسارها المهني، لا يضاهيه سوى حبها الكبير لأسرتها، وسعيها الدائم للتوفيق بين حياتها العملية وحياتها الخاصة، مستكينة إلى مشاعرها كأم لطفلة وحيدة لم تتجاوز الخمس سنوات. وتقر أنها لم تكن لتنجح في حياتها الشخصية لو لم يساندها زوجها الذي لا يتوانى عن دعمها والمساهمة في تحقيق نجاحها المهني، مذكرة بالدعم الكبير الذي تلقته من والديها، والدور الذي قاما به في حياتها، واللذين كانا دائمي الحضور إلى جانبها. كوثر قربال ليست إلا واحدة من نساء كثيرات موهوبات وذوات كفاءات عالية، خولت لهم ولوج مختلف المهن، والاضطلاع بمهام سامية، فمنهن المحاميات والنائبات البرلمانيات والطبيبات الجراحات والمهندسات والربانات والمقاولات، وغيرها من المهن والمهام التي أبن فيها عن مهارات عالية ومميزة. أينما تواجدن، فلا يمكن إغفال مساهمات نساء المغرب في بناء مغرب الغد، فهن يجسدن بحق قيم المناصفة والمساواة والعدل، ويعكسن تغير العقليات والثقافات، بما يحفظ للمرأة المغربية موقعها الذي تستحقه داخل المجتمع. *و.م.ع