على هامش المناظرة الوطنية الثانية للدواء والمواد الصحية حول "مكافحة الأدوية المزيفة بإفريقيا" المنعقدة يومي الجمعة والسبت بالمغرب، كشف تقرير عن معطيات بالغة الخطورة حول انتشار أدوية ومستحضرات طبية مزيفة ومغشوشة تُهدد الأمن الدوائي وصحة المغاربة. ودقت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة ناقوس الخطر حول تسرب أدوية مغشوشة إلى السوق الوطنية والصيدليات قبل أن تتسبب في إلحاق أضرار بالمرضى تصل إلى درجة الوفاة، ولفت التقرير إلى أن "كميات ضخمة ومتزايدة من الأدوية المغشوشة أضحت تغرق أسواقنا سنوياً، عبر منافذ متعددة مفتوحة أمام التهريب، خاصة المنطقة الجنوبية والمنطقة الشرقية ومدينتي سبتة ومليلية المحتلتين". وأوردت المعطيات أن هذه الأدوية المزيفة يتم إنتاجها محليا بعيدا عن أعين وزارة الصحة، أو تأتي من آسيا خاصة الصين والهند، ويتم تصديرها وتهريبها إلى المغرب عبر الحدود والموانئ أو عبر شركات أوروبية. والأمر الأخطر، يضيف التقرير الذي توصلت هسبريس بنسخة منه، هو أن مستشفيات عمومية ومراكز صحية وصيدليات "تقوم بترويج أدوية منتهية الصلاحية، حيث تعمد إلى تغيير ملصقات العلب وتغيير تاريخ الصلاحية، ما أدى إلى ارتفاع حالات التسمم بالمغرب إلى نحو 15.3 ألف حالة". وبناء على تقرير حول حصيلة التسممات في المغرب، يضيف المصدر، فإن "حالة من بين ثلاث حالات تسمم سجلت العام الماضي، سببها الأدوية، والأخطر ما في الأمر هو أن التصنيع غير المشروع للأدوية في تنام مستمر، بسبب متاجرة صيدليات بالأدوية المغشوشة في ظل غياب المراقبة من طرف وزارة الصحة ومديرية الأدوية". وأبرز التقرير أن "ثقة المستهلك اهتزت، بسبب هذه الفضائح؛ وهو ما يدفع الكثير من المغاربة إلى اللجوء إلى التداوي بالأعشاب أو الإسراف في استخدام واستهلاك أدوية دون الاستشارة الطبية، وهو ما يفسر ضعف إنفاق المغاربة على الأدوية التي تباع في الصيدليات بشكل قانوني والذي لا يتعدى 415 درهما في السنة لكل مواطن، بالرغم من أن إنفاق المغاربة على الأدوية قد يصل إلى ما قيمته 12 مليار درهم". في مقابل هذه الاتهامات التي تُوجه إلى الصيادلة، نفى أمين بوزوبع، الكاتب العام لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، صحة تلك المعطيات، وقال في تصريح لهسبريس إنه من "الصعب وجود أدوية مغشوشة في المغرب؛ لأننا لا نتوفر على مختبرات عشوائية مثل تلك الموجودة في بعض الدول". وأوضح بوزوبع أن "المغرب يتوفر على الأدوية الجنيسة التي تطرح في السوق الوطني بأثمنة معقولة، كما أن المسلك القانوني الوحيد بالنسبة إلى سوق الأدوية هو جد مشدد وآمن، بحيث يبدأ من المختبرات المصنعة إلى الشركات الموزعة ثم مباشرة إلى الصيدليات". الكاتب العام لكونفدرالية نقابات صيادية المغرب أقر، في تصريحه لهسبريس، بوجود أدوية مزورة ومهربة تدخل إلى البلاد بطرق غير قانونية وتشكل خطورة بالغة على صحة المغاربة، ولفت إلى أنه "حتى في حالة إن كانت هذه الأدوية المهربة صالحة، فإن طريقة تخزينها وعرضها تتلفها وتحولها إلى سموم". وحول عدم اعتماد التفتيش الدوري على كافة الصيدليات وشركات صناعة الأدوية، أكد الصيدلي أن مفتشين تابعين لوزارة الصحة يقومون بحملات التفتيش بشكل دوري، وشدد على أنه "لا وجود بتاتاً لأي دواء مزور داخل الصيدليات، وأن جميع الأدوية يوجد عليها سعر البيع للعموم (PPV)، والذي تضعه وزارة الصحة بشكل إلزامي". من جهة ثانية، أكد المتحدث أن مئات الجمعيات التي تنشط في المجال الخيري والجمعوي تبيع أدوية بطرق غير قانونية، بل وتشتري أدوية مزورة ومهربة نظرا لأسعارها المنخفضة، وقال "إن القانون جد صارم ويفرض عقوبات على أي أحد من غير الصيدلي أن يبيع الدواء".